أبو مازن يبلغ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أنه لا يتوقع شيئا من المفاوضات غير المباشرة

إسرائيل تطلب تغيير كبير المفاوضين الفلسطينيين بدعوى وضعه حواجز أمام الأفكار الجديدة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى استقباله، أمس، في رام الله جورج ميتشل، المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، وبدا إلى جانبهما، صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين (إ.ب.أ)
TT

قالت السلطة الفلسطينية إن المباحثات غير المباشرة مع إسرائيل، التي وافقت عليها السلطة بوساطة أميركية، تكون مفاوضات الفرصة الأخيرة للإبقاء على عملية السلام بالشرق الأوسط.

وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، لراديو «الجيش الإسرائيلي»: «تدنت العلاقة إلى مرحلة تحاول فيها الولايات المتحدة إنقاذ عملية السلام بالمحاولة الأخيرة. بالمناسبة، صدقوني، ستكون هذه المحاولة الأخيرة لمعرفة ما إذا كان من الممكن أن تكون أداة لاتخاذ قرارات بين الفلسطينيين والإسرائيليين».

وسلم الرئيس الفلسطيني محمود عباس(أبو مازن)، أمس، موافقة خطية على بدء المفاوضات غير المباشرة لمبعوث عملية السلام جورج ميتشل، الذي التقاه في مقره برام الله، وذلك بعد يوم من خلافات حادة داخل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حول هذه المفاوضات.

وكانت المنظمة وافقت على بدء هذه المفاوضات حتى تعطي فرصة للجهد الأميركي، على الرغم من أن فصائل، مثل الجبهة الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب رفضت بدء مثل هذه المفاوضات.

وقال محمد دحلان، عضو اللجنة المركزية لفتح إن المفاوضات المباشرة وغير المباشرة تبقى من دون جدوى، لكن الفلسطينيين يريدون إعطاء الولايات المتحدة فرصة حتى تتأكد أن إسرائيل لا تسعى للسلام.

وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ياسر عبد ربه ، إن التوصل إلى موافقة مشتركة بين الجانبين على حدود 6719 كأساس لحل الدولتين، شرط لاستمرار المساعي الأميركية.

وتمكن عباس من إقناع الفصائل بالموافقة بعدما أبلغهم أن المباحثات ستكون مع واشنطن وليس إسرائيل، عبر لقاء ميتشل الذي سيقوم بجولات مكوكية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

واتفق عباس مع أعضاء اللجنة التنفيذية على تبني خيارات أخرى في حال فشل المفاوضات، وأبلغ عباس أعضاء اللجنة التنفيذية أنه لا يتوقع شيئا من هذه المفاوضات.

واتهم أمين سر اللجنة التنفيذية إسرائيل بأنها لا تريد للعملية السياسية الجديدة النجاح.

وبرر عبد ربه قبول المنظمة للمفاوضات غير المباشرة بقوله، إن الجانب الفلسطيني لن يعطل أي فرصة للمفاوضات مهما كانت ضئيلة، حتى لو كانت نسبتها واحدا في المائة أو أقل من ذلك. وأضاف: «خلال 4 أشهر سوف يتبين الأسود من الأبيض». ووصف تيسير خالد، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، المفاوضات غير المباشرة بأنها «مضيعة للوقت»، خاصة أمام إصرار الاحتلال على مواصلة نشاطاته الاستيطانية في الضفة الغربية.

واعتبر خالد، في تصريح مكتوب، الرد الأميركي على الأسئلة التي كان الرئيس عباس قد طرحها على إدارة باراك أوباما في فبراير (شباط) الماضي، هروبا ينطوي على إذعان هذه الإدارة للتعنت الإسرائيلي.

وأكد خالد أن ذلك الرد يشكل سببا إضافيا لرفض الجانب الفلسطيني الاستجابة لطلب الإدارة الأميركية العودة إلى مفاوضات غير مباشرة، حيث يدرك الجميع أنها، إلى جانب كونها مضيعة للوقت، تمنح حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل الفرصة للإفلات من الضغط الدولي، ودفعها للوفاء بما عليها من التزامات دولية، بما فيها تلك الواردة في «خارطة الطريق».

وفي الوقت الذي يشكك فيه الفلسطينيون والعرب في صدق النوايا الإسرائيلية تجاه المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية، نشرت في تل أبيب، أمس، معلومات تؤكد صحة هذه الشكوك، حيث تشير إلى أن هناك من يضع أهدافا أخرى لهذه المفاوضات، بعيدة عن الأهداف السلمية، وأن طريق المفاوضات ستكون محفوفة بعمليات تخريب كثيرة من الطرف الإسرائيلي.

فقد كشفت صحيفة «معاريف»، أمس، أن إسرائيل تطلب تغيير كبير المفاوضين الفلسطينيين، الدكتور صائب عريقات، بدعوى أنه يستغل خبرته في التفاوض منذ 17 سنة، ويضع حواجز أمام الأفكار الجديدة الإبداعية للخروج من المآزق. وادعت الصحيفة أن «الأميركيين يوافقون بشكل جزئي» على هذا الرأي. وفي الوقت ذاته، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن مسؤولا كبيرا في الحكومة الإسرائيلية قال إن ما يقوله رافضو المفاوضات في الطرف الفلسطيني والعالم العربي من أن المفاوضات مع الفلسطينيين جاءت كضرورة لتوفير غطاء يتيح التقدم في مكافحة التسلح النووي الإيراني.

من جهة ثانية، ذكر مصدر سياسي إسرائيلي كبير أن الرئيس الفلسطيني وضع خطة لإحراج نتنياهو وإظهاره رافضا لعملية السلام خلال المفاوضات. وقال المصدر إن معلومات وصلت إلى إسرائيل، تفيد بأن أبو مازن وصائب عريقات وغيرهما من القادة الفلسطينيين ينوون طرح المقترحات التي كان قد سلمها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، للتسوية الدائمة مع بعض التعديلات الطفيفة. وتتضمن هذه المقترحات الانسحاب الإسرائيلي إلى حدود 1967، مع تعديلات حدودية بنسبة 1.9 في المائة من مساحة الضفة الغربية، بحيث تتم مبادلتها بالمساحة ذاتها من أراضي 1948، وتقسيم القدس إلى مدينتين تكونان مفتوحتين، وتكون إحداهما عاصمة فلسطينية والثانية عاصمة إسرائيلية.

ويرى المصدر ذاته أن هذه التسوية مقبولة لدى الأميركيين وغير مقبولة لدى نتنياهو، ولذلك فإن الفلسطينيين يطرحونها بهدف إحداث شرخ بين الإسرائيليين وواشنطن، فتضطر الولايات المتحدة، كما وعدت، إلى الإشارة بأصبع الاتهام لمن يجهض المفاوضات ويتحمل مسؤولية فشلها.

وحسب مصادر إسرائيلية، فإن ميتشل يسعى للإعلان عن استئناف المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين خلال هذه الجولة، بحضور نائب الرئيس الأميركي بايدن. وأضافت هذه المصادر أن ميتشل ينوي التركيز خلال هذه المفاوضات على موضوع الحدود والترتيبات الأمنية بين إسرائيل والدولة الفلسطينية العتيدة، ولكن نتنياهو يضع أمامه أول عقبة، إذ إنه لا يوافق على التفاوض في قضايا جوهرية في إطار مفاوضات غير مباشرة، ويقول إنه مستعد للبحث في كل القضايا الجوهرية بلا استثناء، ولكن بشرط أن يتم ذلك في المفاوضات المباشرة.

وحاول ميتشل التوضيح لنتنياهو أنه يريد تجاوز عقبة المعارضة الفلسطينية والعربية المتمثلة في رفض المفاوضات المباشرة ما دام البناء الاستيطاني مستمرا، فهو يريد بدء المفاوضات في موضوع الترتيبات الأمنية، الذي يعتبر أهم المواضيع التي تهم إسرائيل. ولكن لا يمكن الحديث عن ترتيبات أمنية من دون الاتفاق على حدود الدولة الفلسطينية. فإذا تم الاتفاق على الحدود تصبح قضية البناء الاستيطاني محسومة، حيث إن إسرائيل تبني في المستوطنات المتفق على بقائها في تخوم إسرائيل، وتوقف البناء في المستوطنات المفترض إخلاؤها.

ولكن نتنياهو لم يغير رأيه في الموضوع. وما زال متمسكا بضرورة الانتقال إلى المفاوضات المباشرة.

إلى ذلك، قال عريقات إن الرئيس الفلسطيني قال لمبعوث عميلة السلام جورج ميتشل بعد ما التقاه أمس، إنه «إذا كانت كل جولة ستتضمن الإعلان عن مزيد من الاستيطان، والإجراءات الأحادية الجانب، وفرض حقائق على الأرض، واستمرار الاغتيالات والاعتقالات وفرض الحصار على الأرض، فإن ذلك يضع علامة سؤال على كل الجهود التي نقوم بها».

وأضاف عريقات في مؤتمر صحافي: «الرئيس أثار إعلان الحكومة الإسرائيلية عن بناء 112 وحدة استيطانية في مستوطنة بيتار عيليت، على الرغم من الخدعة الكبرى التي تسمى وقف الاستيطان، وهذه النقطة بالذات كانت رأس جدول الأعمال».

ووصف عريقات مباحثات عباس مع ميتشل بـ«الجيدة والبناءة»، مشيرا إلى أن هناك المزيد من الأمور التي سنسمع بها بعد وقت قليل. وهذه النقاشات سوف تستمر. إلا أنه أوضح أنه من السابق لأوانه الحديث عن ترتيبات المحادثات غير المباشرة، لأن المناقشات حول هذا المفهوم ما زالت مستمرة.

وكشف عريقات، عن أن عباس تسلم قبل عدة أيام رسالة من وزيرة الخارجية الأميركية، تحمل أجوبة لثلاثة أسئلة تتعلق بالمرجعية، وبالسقف الزمني، وما الذي ستقوم به الولايات المتحدة الأميركية في حال رفض الحكومة الإسرائيلية التوقيع على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967.

وقال: «تعهدت الولايات المتحدة بلعب دور فعال ومثمر في هذا المجال، وأنه في حالة قيام طرف بتعطيل هذه العملية، فإن الولايات المتحدة ستقوم بالكشف عن هذه العقبات والعمل على إزالتها».