مصدر دبلوماسي مصري لـ «الشرق الأوسط»: انفتاح مع قطر.. والظهور الإيراني في دمشق ليس في صالح العرب

مصادر متابعة في دمشق لـ «الشرق الأوسط»: ما صدر عن القمة السورية - الإيرانية لم يضف جديدا و«التصعيد الخطابي» رد على استفزاز كلينتون.. والتصريحات المصرية الرسمية بناءة

وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم مع وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط خلال اجتماعات وزراء الخارجية العرب بالقاهرة الأسبوع الماضي (أ. ف. ب)
TT

* وسط مؤشرات كثيرة على جهود لاستكمال المصالحات العربية، وبينما تجري التحضيرات للقمة العربية المقبلة التي ستعقد في ليبيا، وصف مصدر دبلوماسي مصري لـ«الشرق الأوسط» العلاقات المصرية - القطرية بأنها تمر بأجواء إيجابية، بينما انتقد الظهور الإيراني الأخير في دمشق خلال زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، معتبرا أنه ليس في صالح العرب، لأنه يأخذ بهم لكي يكونوا طرفا في التصادم القادم بين إيران والغرب، وهذا أمر مقلق. وامتنعت مصادر قطرية اتصلت بها «الشرق الأوسط» عن التعقيب على كلام المصدر الدبلوماسي المصري، مفضلة التعقيب بعدما ترى كلامه منشورا أولا.

بالنسبة إلى سورية، قلل متابعون في دمشق من حجم تأثير الظهور الإيراني عبر النافذة السورية، وكذلك الحديث عن تعزيز محور الممانعة (سورية وإيران وحزب الله والفصائل الفلسطينية) في إرسال إشارات مقلقة للأطراف العربية لا سيما مصر، وبحسب المتابعين في دمشق، فإن شيئا جديدا لم يطرأ على الموقف السوري الذي صدر عن لقاء القمة السوري - الإيراني.

وحول موقف مصر من اللقاء الذي جمع بين كل من الرئيس السوري الأسد والإيراني أحمدي نجاد والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله في دمشق مؤخرا، وعما إذا كان هذا المشهد يبعد بين مصر وسورية، قال المصدر الدبلوماسي المصري لـ«الشرق الأوسط»: إن هذا اللقاء يعد تكريسا للوضع الذي لا يريده أي عربي غيور على المصلحة العربية.

وأضاف أن المشهد يلخص استمرار تعميق التأثير الإيراني على طرف عربي رئيسي، وقال: «إن الظهور الإيراني على المسرح العربي بهذا الشكل ليس في صالح العرب، لأنه يأخذ بهم لكي يكونوا طرفا في التصادم القادم بين إيران والغرب وهذا أمر مقلق».

وحول الرسائل التي بعث بها هذا المشهد إلى العالم العربي، قال: «إن الرسائل تشير إلى أن الأمور لا تذهب في اتجاه تطمين الدول التي تراهن على تغليب سورية لمصالحها مع العالم العربي في مقابل تخفيف ارتباطها بإيران».

لكن في العاصمة السورية التي يجري فيها حديث عن مساع ليبية وأخرى سعودية لإعادة مياه العلاقات السورية - المصرية إلى مجاريها، قال المتابعون في دمشق، لم يطرأ على الموقف السوري الذي صدر عن لقاء القمة السوري - الإيراني شيء جديد، فمن حيث المضمون لم يضف جديدا على المواقف السورية المعروفة، وأما الشكل التصعيدي في الخطاب، فكان ردا على طرح استفزازي لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بمطالبتها سورية بالابتعاد عن إيران، حيث كررت كلينتون أسلوب الإدارة الأميركية السابقة، وهو الموقف الذي رفضته وترفضه سورية.

وتوقف المتابعون عند لقاء مساعد وزيرة الخارجية جيفري فيلتمان مع السفير السوري في واشنطن، من حيث إن هذا اللقاء لم يبحث في العلاقات السورية - الإيرانية، وإنما في «استمرار التواصل والحوار بين الولايات المتحدة وسورية». وهو ما اعتبره المتابعون دليلا على إدراك الجانب الأميركي «لحرص سورية على تطوير العلاقات بين البلدين على أساس المصالح والاحترام المتبادل».

أما فيما يخص العلاقات مع مصر، فقد نفت مصادر سورية متابعة وجود فتور بين البلدين، ووصفت التصريحات المصرية الرسمية الأخيرة حيال سورية بأنها كانت «هادئة وبناءة» مع الإشارة باستغراب إلى أن بعض وسائل الإعلام المصرية لا تزال تتطرف في هجومها على سورية.

وكان وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط قد نفى وجود فتور في العلاقات المصرية - السورية. وقال إن كسر الجمود في هذه العلاقات يتيح «إمكانات جدية لتسريع المصالحة الفلسطينية» وإن دمشق «تسعى إلى مصلحة فلسطينية - عربية» وحول العلاقات المصرية - القطرية قال المصدر الدبلوماسي المصري لـ«الشرق الأوسط»: «إن المياه بدأت تعود بالتدريج إلى مجاريها، وإن هناك مؤشرات في هذا الاتجاه، وقال يوجد بعض اللفتات في الاتجاهين، منها إنسانية وتحمل قدرا من الود، وقد بدا ذلك خلال اجتماعات وزراء الخارجية العرب، والأخرى كسر الجفوة التي سادت في الفترة السابقة».

وأفاد المصدر «بأن هناك إشارات من مصر وقطر بالانفتاح والاهتمام، وقد ظهر ذلك واضحا فيما أعلنه الرئيس حسني مبارك من الإيجابية المستمرة في العلاقة».

واستطرد المصدر أن مصر حاولت تبديد كل الشكوك التي كانت تدور حول عدم تأييد مصر للجهد القطري في موضوع دارفور، حيث أصدرت الخارجية المصرية بيانا رسميا تضمن إشارة إلى تحية الجهد القطري بعد توقيع الاتفاق الإطاري بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة، وكذلك جهود إقناع الحركات بالتوقيع على اتفاق السلام.

وأشار المصدر إلى مؤشرات أخرى تدل على تحسن الموقف، منها موقف قطر من استضافة مصر لمؤتمر إعادة إعمار دارفور الذي ينعقد في 21 مارس (آذار) الشهر الحالي، مع وجود حديث مصري - قطري لإنجاح هذا المؤتمر، خاصة بعد إعلان الدوحة وأمير قطر تقديم مليار دولار لإعادة الإعمار في دارفور، وهو ما يعد مؤشرا إيجابيا.

وعما إذا كان تم تجاوز موضوع تبادل المذكرات في مسألة الضمانات لعملية السلام، قال المصدر: «الموضوع كان بسيطا، ومصر تعاملت معه بشكل فني، وتجاوزته من خلال توضيحات، ومنذ ذلك الحين لم يكن هناك أي نوايا لتصعيد مصري ضد قطر، وإنما كان العمل دوما على احتواء كل ما يشوب العلاقات المصرية - القطرية»، وأضاف، «كما أن مصر تستشعر بأن قطر تهتم بنفس التوجه، وهذا أمر مهم خاصة على مستوى القيادة».

وحول الدور السعودي الذي بذل لتنقية الأجواء، أوضح المصدر المصري أن هناك جهدا واهتماما سعوديا مستمرا لاستعادة علاقة جيدة ودافئة بين مصر وقطر، وكانت في الفترة الماضية صعوبات، ولكن مؤخرا بدأ التجاوب المصري - القطري وأصبح هناك مناخ أفضل وقدر معقول من الإيجابية في التعامل، خاصة في ظل إشارات كثيرة متبادلة للاهتمام بإنهاء الجفوة التي كانت سائدة.

وعما إذا كان الخلاف بين مصر وقطر بسبب علاقة قطر مع حركة حماس، وكيف تم التعامل مع هذا الموقف، قال المصدر: «في الحقيقة أن الخلاف لم يكن حادا مع قطر، ومصر كانت ترصد بشكل دائم وجود حرص قطري على مصالح الفلسطينيين في مواجهة التحديات التي تفرضها إسرائيل، أما مسألة الاتصالات مع حماس فلم يكن عليها غبار إلا عندما بدأت حماس تبالغ وتتمادى في تغذية الانقسام الفلسطيني وإطالة أمده، ولكن بشكل عام، فإن الرؤية المصرية كانت ترى أن قطر تسعى لتحقيق المصلحة الفلسطينية، وأضاف أن مصر حاولت بشكل مستمر شرح خفايا التعقيدات في الملف للإخوة القطريين حتى يكونوا على بينة من كل شيء، وفى النهاية فإن مصر ترى أهمية وقوف كل العرب مع ملف المصالحة، وليس مع فصيل ضد الآخر بصرف النظر عن الآيديولوجيا.

وحول موقف مصر من اللقاء الذي جمع بين كل من الرئيس السوري الأسد والإيراني أحمدي نجاد والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله في دمشق قبل أيام، وعما إذا كان هذا المشهد يبعد بين مصر وسورية، أوضح المصدر أن هذا اللقاء يعد تكريسا للوضع الذي لا يريده أي عربي غيور على المصلحة العربية.

وأضاف أن المشهد يلخص استمرار تعميق التأثير الإيراني على طرف عربي رئيسي وقال: «إن الظهور الإيراني على المسرح العربي بهذا الشكل ليس في صالح العرب، لأنه يأخذ بهم لكي يكونوا طرفا في التصادم القادم بين إيران والغرب، وهذا أمر مقلق».

وحول الرسائل التي بعث بها هذا المشهد إلى العالم العربي، قال: «إن الرسائل تشير إلى أن الأمور لا تذهب في اتجاه تطمين الدول التي تراهن على تغليب سورية لمصالحها مع العالم العربي في مقابل تخفيف ارتباطها بإيران».