فرق اغتيالات لتعقب وقتل مقاتلي طالبان في أفغانستان وباكستان

تضم عملاء سابقين في «سي آي إيه» وأعضاء في القوات الخاصة

TT

صرح مسؤولون عسكريون ورجال أعمال في أفغانستان والولايات المتحدة أن مسؤولا بوزارة الدفاع أنشأ تحت غطاء برنامج جمع معلومات سلمي، شبكة من المتعاقدين من القطاع الخاص في أفغانستان وباكستان للمساعدة في تعقب وقتل المقاتلين المشتبه بهم. حيث يعتقد أن مايكل فورلوغ، الضابط المتقاعد في سلاح الجو الأميركي، الذي يشغل حاليا منصبا مدنيا رفيعا في الجيش، حيث يعمل بدوام كامل كموظف في وزارة الدفاع في قاعدة لاكلاند الجوية في سان أنطونيو، قام باستئجار متعاقدين من شركات أمنية خاصة تستخدم عملاء سابقين في وكالة الاستخبارات الأميركية وأعضاء في القوات الخاصة، يضطلعون بمهام جمع المعلومات الاستخبارية حول أماكن وجود المقاتلين المشتبه بهم وأماكن معسكرات تدريب المتمردين لترسل فيما بعد إلى الوحدات العسكرية ومسؤولي الاستخبارات لشن هجمات عليها في أفغانستان وباكستان.

وعلى الرغم من التقارير بشأن قيام وكالة الاستخبارات المركزية والجيش بمهاجمة نشطاء «القاعدة» والمقاتلين الآخرين عبر طائرات من دون طيار فإن المسؤولين الأميركيين أعربوا عن قلقهم من خروج فورلوغ، فيما يبدو، عن نطاق عمليات التجسس. وقال المسؤولون إنهم لا يعلمون الشخص الذي تغاضى عن عمله على الرغم من عدم مشروعية استئجار متعاقدين للعمل كجواسيس للجيش. وقال المسؤولون إن شبكة فورلوغ السرية ربما يكون قد تم تمويلها بصورة غير شرعية عبر الحصول على أموال برنامج أنشأ بهدف جمع معلومات عن المنطقة.

علاوة على ذلك، قد ينظر إلى استخدام متعاقدين في باكستان حيث يوجد قادة «القاعدة» وطالبان على أنه التفاف حول حظر الحكومة الباكستانية عمل الأفراد العسكريين الأميركيين في بلادهم.

وأعرب مسؤولون عن اعتقادهم بأن عمليات فورلوغ قد أوقفت، وأنه الآن يخضع لتحقيق جنائي من قبل وزارة الدفاع حول عدد من التهم ومن بينها التحايل في العقود.

قام فورلوغ بتنفيذ عملياته تحت غطاء شركة أميركية غامضة يديرها أعضاء سابقون في قوات العمليات الخاصة وشخصية شهيرة في وكالة الاستخبارات المركزية كان لها دور بارز في أبرز عمليات الوكالة مثل قضية إيران كونترا.

وقد طفت المزاعم بأنه يدير شبكته الخاصة إلى السطح خلال مواجهة مجتمع الاستخبارات مواقف أخرى استخدم فيها متعاقدون من القطاع الخاص بصورة غير لائقة في علميات دقيقة وموضع تساؤلات، مثل عمليات سرية في العراق وعمليات اغتيالات تم وقفها قبل أن تبدأ فعليا.

وقال أحد المسؤولين الأميركيين: «في الوقت الذي لم تخطئ فيه عمليات الاستخبارات، يكون من الخطأ استئجار أفراد من خارج الاستخبارات للعمل في مناطق القتال معتقدين أنهم جيمس بوند». لكن لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان فورلوغ قد حصل على موافقة أحد كبار القادة أم أنه كان يقود العمليات من تلقاء نفسه.

تم استقاء المعلومات حول القضية من خلال المقابلات مع مسؤولي الجيش والاستخبارات ورجال الأعمال العاملين في المنطقة، الذين أصروا على عدم الكشف عن أسمائهم خلال مناقشتهم هذه القضية الحساسة موضع التحقيق.

وقد رفضت الكولونيل كاثلين كوك المتحدثة باسم القيادة الاستراتيجية الأميركية التي تشرف على عمل فورلوغ الذي يتمتع بخبرة واسعة في مجال «العمليات النفسية» (المصطلح العسكري لاستخدام المعلومات في أرض المعركة)، وتتركز نشاطاته في عدد من المناطق منها العراق والبلقان. لكن لم يتضح بعد توقيت بدء مزاولته للنشاط الحالي، لكن مسؤولين قالوا إنهم يعتقدون أن تلك العمليات بدأت وتيرتها في التسارع في صيف 2009 ومع انتهاء عملياتها بدأ هو ومجموعة من زملائه تشكيل شبكة من المخبرين السريين في أفغانستان وباكستان تقتصر مهماتهم على تحديد الأفراد ممن يعتقد أنهم متمردون.

كما عبّر مسؤولون حكوميون عن اعتقادهم أن فورلوغ ربما يكون قد حوّل بعض الأموال من برنامج كان الهدف منه تزويد القادة الأميركيين بمعلومات حول المشهد القبلي والاجتماعي في أفغانستان، ونحو الجهود السرية لاصطياد المتطرفين على كلا الجانبين من الحدود مع باكستان.

وقال مسؤولون إنه لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه العمليات قد أسفرت بالفعل عن مقتل متمردين، على الرغم من تصريح البعض ممن اشتركوا في العملية بأنهم فعلوا ذلك.

وأوضح مسؤولون في الجيش إن فورلوغ دائما ما يتباهي بشأن شبكة المخبرين في أفغانستان وباكستان أمام مسؤولي الجيش. وفي إحدى المرات قال إن مجموعة من المقاتلين المشتبه بهم كانوا يحملون صواريخ على ظهر بغل عبر الحدود تم تحديدهم وقتلهم نتيجة لجهوده.

إضافة إلى ذلك أشار عدد من المتعاقدين الحكوميين ممن عملوا مع فورلوغ في أفغانستان العام الماضي أنهم شاهدوا أدلة على استخدام المعلومات التي قدمها في مهاجمة مقاتلين.

ويشير المتعاقد روبرت ينغ بيلتون، الذي ألف كتبا عن مناطق القتال، إلى أن الحكومة استأجرته لجمع معلومات حول أفغانستان وأن فورلوغ أساء استغلال عمله، وقال: «كنا نقدم معلومات يمكن أن تساعد في تحقيق فهم أفضل للموقف في أفغانستان، لكنها استخدمت لقتل أفراد».

وأوضح أنه وإيسون جوردان، الذي عمل سابقا في قناة سي إن إن، تم استئجارهما من قبل الجيش لإدارة موقع إلكتروني عام لمساعدة الحكومة في تحقيق فهم أفضل للمنطقة التي تشكل حجر عثرة أمامهم. ومؤخرا، اعترف مسؤول استخبارات عسكرية في أفغانستان أن جمع المعلومات الاستخبارية بات يميل بشدة نحو اصطياد المتطرفين على حساب فهم عميق للبلاد.

وأضاف بيلتون أن ملايين الدولارات التي كان من المفترض أن توجه تلقاء الموقع تم إعادة توجيهها من نقبل فورلوغ نحو أهداف مهاجمة المقاتلين.

يسوق بيلتون أحد الأمثلة على ذلك بأنه علم من أحد زملائه الأفغان أن الصور التي نشرها على الموقع استغلت من قبل الجيش لتنفيذ هجمة أميركية في منطقة وزيرستان.

استخدم فورلوغ لجمع المعلومات الاستخبارية شركة «إنترناشيونال ميديا فنشرز»، شركة اتصالات استراتيجية يديرها كثير من الضباط السابقين في العمليات الخاصة. وكذلك شركة «إنترناشيونال سكيوروتي كوربورشن»، التي يقع مقرها في بوسطن والتي يديرها مايك تايلور القائد السابق في القوات الخاصة الأميركية، الذي قال في محادثة هاتفية إنه استأجر في وقت ما دوني كلاريدج، المعروف بديوي، والضابط البارز السابق في وكالة الاستخبارات المركزية والذي ارتبط بجيل مغامرات الوكالة، مثل فضيحة إيران كونترا.

وفي مقابلة أنكر كلاريدج عمله مع فورلوغ في أي عمليات في أفغانستان أو باكستان، وقال: «أنا لا أعلم أي شيء عن ذلك».

وأشار تايلور المدير التنفيذي لشركة «أميركان إنترناشيونال سكيوروتي كوربورشن» إلى أن شركته تقوم بجمع المعلومات على جانبي الحدود لتقديم معلومات لمسؤولي الجيش حول التهديدات المحتملة للقوات الأميركية. وقال إن الشركة لم تستأجر بشكل خاص لتقديم معلومات لقتل متمردين.

وكتب مسؤول محطة استخبارية تابعة للوكالة مذكرة إلى كبار مسؤولي الاستخبارات في وزارة الدفاع شرح فيها ما اعتبره المسؤولون جرائم ارتكبها فورلوغ. لم يحدد المسؤول الجرائم لكن برقية الضابط أسهمت في بدء تحقيق داخل البنتاغون.

في منتصف عام 2008 أوكل الجيش قيادة البرنامج لفورلوغ لاستخدام الشركات الخاصة في جمع معلومات حول الثقافة القبلية والسياسية في أفغانستان. وقد تم تحويل جزء من هذه الأموال، التي يبلغ حجمها 22 مليون دولار من أموال الحكومة المخصصة لذلك، لشركة «إنترناشيونال ميديا فنشرز» في سان بطرسبيرغ بولاية فلوريدا والأخرى في سان أنطونيو وأماكن أخرى. وعلى موقعها على الإنترنت تصف الشركة نفسها بأنها شركة علاقات عامة وشركة رائدة في خلق محتوى إعلامي قوي ووسائل اتصال فاعلة.

ويظهر موقع الإنترنت أيضا أن الكثيرين من مديريها التنفيذيين هم أعضاء سابقون في قوات العمليات الخاصة، ومن بينهم أفراد سابقون في «قوة دلتا» التي استخدمت بصورة موسعة في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) لتعقب وقتل الإرهابيين المشتبه بهم.

وحتى وقت قريب، كان الجنرال ديل ديلي الرئيس السابق لقيادة العمليات الخاصة المشتركة التي تشرف على الوحدات السرية من بين أعضاء إدارة الشركة.

وقال الجنرال ديلي في رسالة بريد إلكتروني إنه استقال من منصبه في مجلس إدارة الشركة لكنه لم يوضح توقيت مغادرته الشركة. ولم يقدم تفاصيل بشأن عمل الشركة مع الجيش الأميركي، كما تراجع المديرون التنفيذيون عن التعليق على الأنباء. وفي مقابلة مع الأدميرال جورجي سميث كبير المتحدثين باسم الجيش الأميركي في أفغانستان قال إن الجيش الأميركي يستعين بتسعة من شركة «إنترناشيونال ميديا فنشرز» في مهام روتينية في أعمال الحراسة ومعالجة وتحليل المعلومات. لكنه لا يعلم طبيعة مهام موظفي الشركة الآخرين في أفغانستان وليست لديه مسؤولية عن عملهم. ووفق رواية بيلتون، أشار فورلوغ في محادثاته معه ومع زملائه إلى مجموعة المتعاقدين العاملين معه بأنهم «جاسون بورنيز» في إشارة إلى شخصية منفذ الاغتيالات السينمائية في رواية «روبرت لولدم» التي جسدها الممثل مات ديمون. ويقول مسؤولون عسكريون إن فورلوغ كان أحيانا ما يتباهى باستخدامه خدمات كلاريدج لتامين الإفراج عن الجندي الأميركي المخطوف الذي يعتقد أنه اختطف على يد مقاتلين في باكستان.

* خدمة: «نيويورك تايمز»