«الشرق الأوسط» أول من كشف عن أن 6 من أبناء بن لادن وزوجته أم حمزة و11 من أحفاده محتجزون في طهران

عبر لقاءات مع النجل الرابع عمر والزوجة الأولى السيدة نجوى الغانم ومصادر عليمة بطهران

TT

كشفت «الشرق الأوسط» لأول مرة عن وجود إيمان، ابنة أسامة بن لادن زعيم «القاعدة»، في ضيافة السفارة السعودية يوم 23 ديسمبر (كانون الأول) الماضي, بعد أن فرت من الحراسة الإيرانية المفروضة عليها.

ويعد أكثر من ثلاثة أشهر ونصف شهر، خرجت إيمان معززة مكرمة من السفارة السعودية بطهران في طريقها بصحبة والدتها السيدة نجوى الغانم، أولى زوجات بن لادن، في طريقها إلى العاصمة السورية حيث تقيم.

وكان عمر بن لادن كتب قصيدة شعرية، أرسل نسخة منها لـ«الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي، تحدث فيها عن شقيقته إيمان ومعاناة بقية أشقائه، فقال: «وإيمان ما برحت ديار طالما أبدت هدى».. وقال إن «الإجراءات» هي سبب تعطيل سفر شقيقته إلى السعودية أو إلى سورية، حيث تقيم السيدة نجوى والدتها. وقال إن قصيدته الشعرية تعبر عما يحس به من حنين تجاه أشقائه الستة المحتجزين في إيران: إيمان (في ضيافة السفارة السعودية)، وحمزة، وعثمان، وفاطمة، (سعد.. مجهول المكان). وتناقلت وسائل الإعلام العالمية القصة عن «الشرق الأوسط»، حتى إقرار وزير خارجية إيران بوجودها في بلاده.

وأول من أمس، طالب أحد أبناء أسامة بن لادن، في رسالة نشرت أمس، طهران بإطلاق سراح عدد من أفراد عائلته «معتقلين» في إيران، مؤكدا أن طهران رفضت مرات عدة طلبات عن طريق «وسطاء علماء ووجهاء» لإطلاق سراحهم. وتوجه خالد بن لادن في الرسالة، التي نشرتها الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية، الجناح الإعلامي لتنظيم القاعدة، ونقلها مركز سايت الأميركي لمراقبة المواقع الإسلامية على الإنترنت، إلى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي، طالبا منه التدخل من أجل إطلاق سراح أفراد عائلته.

واستغرب في الوقت نفسه تصريحات وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي بقوله إنه لا يعرف عن دخولهما إيران، بينما كانا معتقلين في سجونها منذ هروبهما من أفغانستان إبان الحرب، التي شنتها الولايات المتحدة هناك.

من جهته، شكر عمر بن لادن في حديث مع «الشرق الأوسط»، أول من أمس، شقيقه خالد على مبادرته الطيبة من أجل الإفراج عن بقية الأشقاء، على الرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها، وقال: «كانت آخر مرة رأيته فيها عام 2000 مع بقية أشقائي قبل أن أغادر أفغانستان». وقال: «اليوم أشعر بسعادة أيضا، لأنني تيقنت أن شقيقي خالد بخير والحمد لله». وكانت الخارجية الإيرانية قد نفت في بداية العام الحالي ما ذكره عبد الرحمن بن لادن (30 عاما)، الابن الثاني لزعيم «القاعدة»، بأن طهران تعتقل عددا من أفراد أسرته. وقال عبد الرحمن، المقيم في سورية إن عائلة بن لادن من زوجته الأولى السيدة نجوى الغانم، وهي سورية تقيم في سورية أيضا، كانت تجهل أن ابنتها إيمان (17 عاما) وبقية إخوتها على قيد الحياة طيلة السنوات الماضية، إلى أن اتصلت (إيمان) بعائلتها.

وأضاف عبد الرحمن أن إيمان استطاعت الهرب من الحراس المرافقين لها ولزوجة أبيها السيدة خيرية أم حمزة أثناء جولة تسوق قالت إن السلطات الإيرانية تسمح بها كل ستة أشهر. وحسب عبد الرحمن، اتصلت إيمان بشقيقها عبد الله الذي طلب منها الالتجاء إلى السفارة السعودية.

واستقر عبد الرحمن بن لادن في سورية قبل بضعة أشهر من هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وقد عرف عنه ابتعاده التام عن وسائل الإعلام.

فيما أشادت السيدة نجوى الغانم، أولى زوجات أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، في حديث سابق مع «الشرق الأوسط» بتاريخ 26 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بتصريحات منوشهر متقي التي أقر فيها بوجود إحدى بنات أسامة بن لادن زعيم «القاعدة» في السفارة السعودية وأنها تريد مغادرة البلاد. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن تصريحات متقي لإذاعة محلية كانت بالنسبة إليها بردا وسلاما، أي إنها المرة الأولى التي يعترف فيها المسؤول الأول عن الخارجية الإيرانية بوجود ابنتها إيمان في ضيافة السفارة السعودية، مشيرة إلى أن الأحداث تلاحقت بسرعة بعد ما كشفته «الشرق الأوسط» عن وجود أولادها الستة وزوجة أسامة أم حمزة في إيران منذ ثماني سنوات. وقالت إنها المرة الأولى التي تشعر فيها بالسعادة والبهجة منذ ثماني سنوات ونصف السنة، وتشعر أن الله استجاب لدعائها الذي لا ينقطع في ظلمة كل ليل، وتأكد لها وجود أولادها على قيد الحياة بطهران.

ولم تكن تتوقع السيدة نجوى الغانم أن يكون الإيرانيون بهذه الأريحية وكرم النفس، ولم تكن تتوقع أن يعترفوا بمثل هذه السرعة بوجود أولادها في ضيافتهم، «إنها أفضال ونعم من الله، عز وجل، مع بداية العام الهجري الجديد، لعله يكون عام خير ومسح للأحزان التي مررنا بها». وأوضحت أنها تشعر بأن أولادها وأحفادها الـ11 سيكونون في حضنها في غضون أيام.

وهربت إيمان، إحدى بنات بن لادن، في أثناء رحلة تسوق نادرة خارج المجمع، وتوجهت إلى السفارة السعودية حيث أكرمت وفادتها نحو أربعة أشهر، ريثما تحصل على إذن بمغادرة إيران. وكشفت إيمان، في اتصال هاتفي مع شقيقها عبد الله، المقيم بالسعودية، عن أنها و5 من إخوانها وزوجة أبيها أم حمزة محتجزون لدى السلطات الإيرانية منذ الغزو الأميركي لأفغانستان في نهاية عام 2001، فيما صرح عمر بن لادن لـ«الشرق الاوسط» بأنه، إلى جانب إيمان وإخوانه الخمسة، فإن زوجة أبيه «أم حمزة» محتجزة كذلك لدى السلطات الإيرانية. وناشد عمر، الابن الرابع لأسامة بن لادن البالغ من العمر والمقيم بقطر، السلطات الإيرانية الإفراج عنهم. وأضاف قائلا: «حتى قبل أربعة أسابيع، لم نكن نعرف مكان بقية الأشقاء، وهم سعد الذي يبلغ من العمر الآن نحو 29 عاما، وعثمان25 عاما، وفاطمة 22 عاما، وحمزة20 عاما، وإيمان17 عاما، وبكر15 عاما». وكان عمر قد ذكر لـ«الشرق الأوسط» أن إيمان اتصلت بشقيقها عبد الله، المقيم بالسعودية، فطلب منها اللجوء إلى السفارة السعودية في طهران فورا. وحصلت إيمان ابنة أسامة بن لادن على ما يعرف بـ«بطاقة مرور» من قِبل السفارة السعودية في طهران نهاية العام الماضي، وهي أشبه بجواز سفر يحمل بيانات وصورة وتاريخ ميلاد إيمان ابنة أسامة بن لادن، لتسهيل سفرها إلى السعودية أو سورية.

ووفقا لمعلومات استقتها «الشرق الأوسط»، فقد تقدمت السفارة السعودية في طهران إلى السلطات الإيرانية المعنية ببطاقة المرور، إلا أن ما حال دون تسريع إنهاء إجراءات مغادرة ابنة بن لادن هو المزيد من الإجراءات.

ومع تسارع الأحداث منذ أن كشفت «الشرق الأوسط»، نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عن لجوء ابنة أسامة بن لادن إلى السفارة السعودية في طهران، وتناقل وسائل الإعلام العالمية القصة، حتى إقرار وزير خارجية إيران بوجودها في بلاده، فقد دب في نفوس أهل إيمان ابنة أسامة بن لادن، وتحديدا والدتها وإخوتها القلق خصوصا مع تناقض التصريحات الإيرانية حين صرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست، أول من أمس، قائلا إن السعودية لم تقدم لطهران حتى الساعة ما يثبت أن المرأة التي لجأت إلى سفارة الرياض في إيران هي بالفعل ابنة زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن. وكان إصدار السعودية بطاقة مرور لإيمان ابنة أسامة بن لادن يعني أن مرحلة مهمة من غيابها على مدى ثماني سنوات ونصف السنة في إيران قد طُويت، مما دفع ذويها، وخصوصا شقيقها عمر ليقول لـ«الشرق الأوسط» إنه قد نذر لله عز وجل ذبح مائة خروف، كما أن عائلته، وبتوجيه وإشراف من عمه بكر بن لادن ستذبح مائة جمل، وقال عمر إنه سيوزع جزءا من حر ماله على الفقراء ما إن يلتئم شمل العائلة ويعود أشقاؤه وزوجة أبيه من طهران، مضيفا: «إنه دَين في رقبتي».