البحرين: قنبلة صوتية على السفارة البريطانية.. وحملة شعبية لطرد السفير من المنامة

رئيس لجنة الخارجية والدفاع في البرلمان لـ«الشرق الأوسط»: السفارة تعمل على إشعال الفتنة بين البحرينيين * وزير الخارجية يعتبر الأمر «غير مقبول»

TT

بينما تعرضت السفارة البريطانية في المنامة مساء أول من أمس لقنبلة صوتية رمت على مبناها، وصف الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، وزير الخارجية البحريني، أمس، الاعتداء الذي تعرضت له السفارة بالأمر «غير مقبول»، مشددا على أن سلطات بلاده لن تتهاون معه «بأي حال من الأحوال»، كما أكد التزام المملكة البحرينية بأمن وحماية البعثات الأجنبية وفقا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961.

وتأتي هذه التطورات في العلاقة البحرينية - البريطانية، في أعقاب حملة يشنها نواب وفعاليات سياسية بحرينية ضد السفير البريطاني لدى البحرين، جيمي بودن، وصلت حد المطالبة بطرده من العاصمة البحرينية، بعد اتهامه بما سموه بالتدخلات في الشأن البحريني الداخلي وتحريضها لجمعية سياسية بحرينية ضد الحكومة، عقب لقاء السفير، سرا، جمعية الوفاق الوطني الإسلامي، التي رفضت بدورها الاتهامات والهجوم الذي شنته الفعاليات السياسية عليها، مؤكدة أن هناك من يستهدف إضعافها وترفض أي مزايدات في القضية، مطالبة في الوقت ذاته من لا يرضى بالأفق الذي تعمل من خلاله «فلا نملك له إلا أن نذكّره بأننا جزيرة وليشرب من ماء البحر.. فهو وفير».

وكان التطور الأبرز هو مطالبة 240 مجلسا من مجالس البحرين، عبر إعلان مدفوع نشرته بعض من الصحف البحرينية، أول من أمس، على صفحة كاملة، استنكروا فيه تدخل السفير البريطاني، جيمي بودن، في الشؤون الداخلية للبحرين، مطالبين بطرده من أراضي البحرين «لعدم مراعاته القوانين والأعراف الدولية والدبلوماسية وتعديه على السيادة الوطنية للمملكة، وبما يخالف الإرادة الشعبية والقوانين الدولية».

وقالت المجالس في بيانها، إن ما حدث من السفير البريطاني «لا يمكن السكوت عنه ويجسد خرقا واضحا لبنود اتفاقية (فيينا) للعلاقات الدبلوماسية، التي تلزم الأشخاص الذين يتمتعون بالمزايا والحصانات الدبلوماسية باحترام قوانين ولوائح الدولة المعتمدة لديها، وعليهم كذلك واجب عدم التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول». وفي اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» مع الشيخ عادل المعاودة، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في البرلمان البحريني، اتهم السفارة البريطانية بالسعي إلى «إشعال الفتنة بين أطياف الشعب البحريني»، مشيرا إلى أن مبدأ اللقاء غير مرفوض، «ولكن فحوى اللقاء وتوقيته، أضف إلى أن ما نقل عن اللقاء أنه كان يحمل تحريضا على بعض الممارسات غير القانونية، مما يعني أنه تدخل سافر وغير دبلوماسي في الشؤون الداخلية للبحرين». ويعتبر المعاودة أن اللقاء الذي جمع بين السفير البريطاني وجمعية الوفاق الوطني الإسلامي «جاء في السر لا في العلن، ولو أعلن عنه وعن ما فيه لأصبح أمرا طبيعيا»، معتبرا أن ما تقوم به السفارة البريطانية خلق كرة من الغضب الشعبي البحريني التي تتعاظم يوما عن الآخر.

وسخر الشيخ المعاودة من اعتبار لقاء السفير البريطاني مع جمعية الوفاق المعارضة بأنه «روتيني»، متسائلا: «ماذا لو التقى السفير البحريني في لندن مع نواب الحزب الأيرلندي (شين فين) وأجرى معهم مباحثات وتنسيقات مشتركة؟ هل سيكون هذا اللقاء مقبولا لدى الحكومة البريطانية وسفيرها لدى البحرين؟».

لكن المعاودة قال في الوقت نفسه إنه لا يجب ربط القنبلة الصوتية التي رميت على السفارة البريطانية بالغضب الشعبي البحريني، معتبرا أن هذا الأمر «مرفوض جملة وتفصيلا ولا يمكن أن يقبل به أي عاقل، وأخشى أن هناك من يريد استغلال هذه الأزمة بين الشارع البحريني وبين السفارة البريطانية، لكن أعتقد أن الجهات المختصة قادرة على الكشف عن من هم خلف هذا الاعتداء الهمجي».

أما جمعية الوفاق فقد اضطرت مؤخرا إلى إصدار بيان لتوضيح موقفها بلقاء السفير البريطاني، الذي لم تذكره صراحة في بيانها الذي أرسلت نسخة منه إلى «الشرق الأوسط»، قالت فيه إن «رؤيتها في اللقاء بالآخر (السفير البريطاني) تنطلق من الأرضية الوطنية للوفاق، فلا تقبل من أحد من الخارج من دول أو منظمات أن يتدخل في شؤوننا الداخلية، وأن يملي علينا أي فعل أو موقف من مواقفنا».

وأكدت كبرى جمعيات المعارضة في البحرين أنها لا ترضى أن تستقوي بأي طرف خارجي على أحد مكونات البحرين من قوى سياسية أو نظام حكم، «فأبعد طرف داخلي عنا هو أقرب إلينا من أقرب طرف خارجي».

ويؤكد مسؤولو «الوفاق» أنه من حقهم «أن نلتقي بمن نشاء وقت ما نشاء، ونتبادل وجهات النظر ونعرب عن رؤانا في مختلف القضايا المحلية والإقليمية والدولية، ولا نذيع سرا إذا قلنا بأن وجهات النظر المختلفة في هذه اللقاءات هي أكثر من الوجهات المشتركة، هذه هي طبيعة اللقاء بين الأحرار الذين يختلفون في الآراء».

واعتبرت «الوفاق» أن هناك «حملة آثمة» عليها، مطالبة بأن يقوم العقلاء «بإسكات صوت الجهل والفتنة فهذا هو المرجو والمأمول، وإلا فإن الوفاق على استعداد أن تأخذ الأمر أبعد كثيرا جدا مما يظن البعض، فالمحبون للخير والمخلصون لوطنهم والمؤيدون والمناصرون لهذه الأفكار كثيرون جدا في وطننا، سنة وشيعة، علمانيين وإسلاميين». وكان السفير البريطاني لدى البحرين قد أصدر بيانا رسميا، نفى فيه أن يكون الاجتماع الذي عقد في مبنى السفارة مع كتلة الوفاق البرلمانية سريا، مبينا أن الاجتماع واحد من اجتماعات روتينية علنية عقدت في السفارة البريطانية بمعرفة الكثير من الموظفين في السفارة، وشملت جميع الكتل في مجلس النواب.

وقال السفير: «هناك عدد من الادعاءات التي نشرت بشأن اجتماع عقدته مؤخرا مع نواب من جمعية الوفاق، وأن الاجتماع كان سريا، وأود أن أؤكد أن هذا غير صحيح، بل كان واحدا من اجتماعات روتينية عقدت في السفارة البريطانية بمعرفة كاملة وعلنية للكثير من الموظفين في السفارة». وبين أنه «كما هو المعتاد، فإن السفارة تخطر مسبقا الشرطة التابعة إلى وزارة الداخلية والمعنية بحراسة مقر السفارة بشأن هذه الاجتماعات»، مشيرا إلى «إننا نجتمع بانتظام مع جميع الكتل النيابية، بما في ذلك كتلة الأصالة، وكتلة المنبر الوطني الإسلامي، وكتلة الوفاق، وكتلة المستقلين، وهذا لا يعني، بطبيعة الحال، أن نتفق معهم على كل قضية».

وفي أعقاب رمي القنبلة الصوتية على مبنى السفارة البريطانية، قالت وزارة الداخلية البحرينية إنها تلقت بلاغا من السفارة عن تعرضها إلى إلقاء جسم غريب أحدث فرقعة صوتية، مشيرة إلى أن قوات الأمن باشرت التحري عن الحادثة، حيث تبين أنه لم تحدث أضرار بشرية أو مادية عدا الفرقعة الصوتية. وقالت الداخلية البحرينية إن قوات الأمن العام ألقت القبض على مشتبه حيث اعترف بارتكابه الحادثة، وأنه تم تسليمه إلى النيابة العامة للتحقيق.