شعبية ساركوزي تتراجع والفرنسيون يفضلون عليه فيون مرشحا رئاسيا مقبلا

اليسار والبيئيون دمجوا لوائحهم.. وأصوات داخل اليمين تنتقد الاستراتيجية المتبعة

TT

في حين تتصاعد الانتقادات داخل حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية الحاكم ضد الاستراتيجية السياسية التي أفضت إلى نتائج كارثية في الدورة الأولى من الانتخابات الإقليمية الفرنسية يوم الأحد الماضي، تتراكم الصعوبات في وجه الرئيس نيكولا ساركوزي. فمن جهة، يحمله بعض قادة اليمين مسؤولية النكسة الانتخابية، كما يتهمونه بـ«صم الأذنين» عن الرسالة التي أراد الناخبون إيصالها عبر امتناعهم عن التصويت بنسبة 53% وهي نسبة «تاريخية» وباستمرار التأكيد على أن اليمين يستطيع أن يحد من الخسائر؛ لا بل الفوز بعدد من المناطق. وفي سياق الأنباء السيئة لساركوزي، ثمة استطلاعات الرأي العام التي جاءت بأسوأ ما عرفه منذ وصوله إلى الرئاسة في مايو (أيار) 2007.

وجاء في استطلاعين نشرت نتائجهما أمس؛ أحدهما لصالح مجلة «باري ماتش» والآخر لصالح مجلة «إكسبريس» وإذاعة «فرانس إنفو»، أن 36% من الفرنسيين فقط «يؤيدون» عمله في منصبه الرئاسي، بينما 64% غير راضين عن أدائه. وفي المقابل، فإن استطلاعات الرأي تعكس اتجاها معاكسا بالنسبة لرئيس الحكومة فرنسوا فيون الذي يحظى بتأييد 54% من الفرنسيين. والظاهرة اللافتة هي اتساع الهوة بين ساركوزي وفيون؛ إذ إنها تصل إلى 18 نقطة، وقد تضاعفت منذ يناير (كانون الثاني) الماضي. والأسوأ من ذلك بالنسبة لساركوزي أن الفرنسيين أخذوا يفضلون عليه رئيس الحكومة مرشحا للرئاسة في انتخابات عام 2012 وذلك بنسبة 43% مقابل 29% للرئيس الحالي. وفي الآونة الأخيرة وبالنظر للتناقض الحاد بين شعبية المسؤولين، فإن الصحافة الفرنسية أخذت تركز على أهلية فيون لرئاسة الجمهورية وعلى صورته «الإيجابية». وبحسب الاستطلاع الأخير، فإن 65% من الفرنسيين يرون أنه يدير بكفاءة عمل الحكومة. وسارع فيون، قطعا لأي تأويل، إلى إعلان «ولائه» لساركوزي الذي تبقى شعبيته أقوى من شعبية فيون في أوساط اليمين حيث إنه حصل على 52% مقابل 34% لرئيس الحكومة. ويرجح أن ارتفاع شعبية فيون ستتحول إلى عائق يمنع رئيس الجمهورية من «التخلص» منه عبر تغيير وزاري واسع؛ إذ إن الرأي العام «لن يفهم» معنى بادرة سياسية كهذه حيث سيحمل ساركوزي نفسه مسؤولية الصعوبات التي يعرفها الفريق الحاكم منذ أقل من سنتين ونصف. ومنذ مساء الأحد، يدعو فيون اليمين إلى التعبئة مركزا على الموضوعات التقليدية التي يمكن أن تحثه على التوجه إلى مراكز الاقتراع في الدورة الثانية يوم الأحد القادم مثل الهجرة وارتداء النقاب وانعدام الأمن وخلاف ذلك. وفي نظر اليمين، فإن هذا التركيز من شأنه اجتذاب ناخبي اليمين المتطرف الذي نجح في العودة مجددا إلى المشهد السياسي؛ لا بل أن يبقى في المنافسة الانتخابية في دزينة من المناطق حيث حصل فيها على أكثر من 10 في المائة من الأصوات.

وبموازاة الوهن الذي يصيب اليمين، ارتفعت أسهم الحزب الاشتراكي الذي يتأهب لفوز ساحق على اليمين يوم الأحد القادم. وقال فرنسوا هولند، سكرتير عام الحزب السابق إنه يتعين التركيز على منطقة الألزاس (شرقي البلاد) وهي الوحيدة التي يمكن أن يحتفظ بها اليمين من أصل 22 منطقة (من غير أقاليم ما وراء البحار). ونجح الاشتراكيون في دمج لوائحهم مع لوائح البيئيين في 19 إقليما مما سيؤمن لهم الوفرة الكافية من الأصوات للاحتفاظ بالمناطق التي كانوا يسيطرون عليها سابقا واكتساب منطقة أو منطقتين جديدتين.

ويجمع مراقبون سياسيون وكذلك سياسيون يمينيون بارزون على فشل الاستراتيجية السياسية التي سار عليها اليمين الحاكم لجهة دمج لوائحه منذ الدورة الأولى بعكس ما فعل اليسار. وخطأ هذه الاستراتيجية أنها «نفرت» عددا من الناخبين بسبب «افتقار» العرض السياسي يمينا كما أنها «جففت» الاحتياطي من الأصوات للدورة الثانية. ونتيجة ذلك أن اليمين سيخسر المناطق التي حل فيها في المرتبة الأولى الأحد الماضي بسبب فقدان معين الأصوات الإضافية الضرورية للفوز في الدورة الثانية، بعكس الاشتراكيين الذين دمجوا لوائحهم مع البيئيين والاتجاهات اليسارية الأخرى مما سيمكنهم من تحقيق الفوز الساحق الأحد القادم.