الجنادرية في عامها الـ25 تستأذن الملك لتطأ «رأس الجهل»

متعب بن عبد الله مخاطبا خادم الحرمين بلسانها: أردتموني «ثورة» على أشكال الضعف الأخلاقي والعجز الذهني

خادم الحرمين الشريفين يؤدي العرضة السعودية يرافقه العاهل البحريني والأمير سلطان والأمير سلمان خلال حفل افتتاح مهرجان الجنادرية (الصور خاصة بـ«الشرق الأوسط» بعدسة بندر بن سلمان)
TT

بعد أن بلغت الخامسة والعشرين من العمر، استأذنت الجنادرية أمس، خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي يعتبر صائغ هذا المشروع الحضاري، أن تضع قدميها إلى جانب قدميه، لتشاركه الوطء على رأس الجهل والحماقة.

وجاء استئذان مهرجان الجنادرية هذا، على لسان الأمير متعب بن عبد الله نائب رئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية، في كلمة ألقاها خلال الحفل الخطابي والفني الذي افتتحه الملك عبد الله مساء أمس، بحضور الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين، والأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام.

وقال الأمير متعب بن عبد الله، بلسان الجنادرية، مخاطبا العاهل السعودي «أنا جنادرية عبد الله بن عبد العزيز. مَن شكّل دوري ووهبني بعد الله روحا يجددها الزمن شبابا وجمالا، فحين سعيتم قبل سنوات طويلة، لصياغتي وبنائي على أسس جمعت بين الثوابت والمتغيرات أردتموني أنا الجنادرية ثورة على كل شكل من أشكال الضعف الأخلاقي والعجز الذهني والثقافي».

وأضاف باستدراك «ولئن كانت كل ملامحي حقائق تؤمن بالله، وتصون شريعته، فلأنها قناعات تسعى كمسعاكم دائما إلى الإصلاح والتطور والتعامل مع العصر وأحداثه بروحه التي تجاوزت عند المعجزين كل موعظة ربانية فكريا ونفسيا وأخلاقيا».

وأوضح الأمير متعب بن عبد الله في بداية كلمته، أنه لا يقف اليوم ليلقي كلمة المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية «بل جئت لأستمع لكلمتها مثلكم، فهي اليوم تقول لكم، يا أيها المحسن المشكور من جهة والشكر من قبل الإحسان لا قبلي، أجل سيدي، فها هي الجنادرية تقول، لقد تجاوزت بي الكثير، بما منحتني إياه وأدخلتني من خلاله مرحلة من النضج الثقافي والإنساني والأخلاقي أيضا».

وجدد الأمير متعب بن عبد الله باسم الجنادرية التأكيد على أنه «يقول ذلك ويردد أن لباسا منحتني إياه متجددا دائما برعايتكم لأظل أملا ورؤية وقيمة ثقافية وتراثية، وليراني المثقف العربي والإسلامي فسحة من الحرية الفكرية لا يتداخل معها من خلال إملاءات سياسية وتوجيهات دعائية تخالف طابعي وطباعي».

وأكد الأمير متعب بن عبد الله ارتباط الجنادرية دوما بـ«الحق والخير»، قائلا «بإيماني أنا الجنادرية إن شاء الله سيصوغني الحق والخير والجمال، وسيصونني عن كل آفة من آفات العصر، ومتغيراته التي تجهد مسعاها بالمساس بما نرتكز عليه من ثوابت وآمال تقوم على حراستها بعين من يبحث دائما عن الأمل والحقيقة لأركن إليها وأستظل بظلها في وله عاشقة يبادلها عبد الله بن عبد العزيز عشقا بعشق».

واستأذن الأمير متعب بن عبد الله، خادم الحرمين الشريفين باسم الجنادرية، وقال «اسمح لي أنا الجنادرية أن تقف قدمي بجانب قدميكم لنطأ على رأس جهالة هذا العصر وحمقه وتجاوزاته وخرائبه التي لم تحنِ قامتها يوما إلى الله، لنطأ عليها بإيمانٍ عميق يضفي طابع الأمان الروحي والرؤية البصيرة في محافظة البشر على الكون والإنسان، بعدما عرضتهما حضارة الطمع وثقافة الاستهلاك إلى الدمار والتشويه، أما أنا جنادريتك في هذا البلد الكبير بحجمه ومعناه، فتوازني قائم على الإيمان بالله، والاهتمام بما وهبه جزيرة العرب، مملكتنا الخيرة، أغلى تراث ثقافي أبدعه أبناؤها على مر العصور وأسهموا به في صياغة حضارة العرب والمسلمين والعالم، وهو ما شكل الهوية العربية في كل زمان ومكان».

وقدم الأمير متعب بن عبد الله في ختام كلمته الحب والتقدير لخادم الحرمين الشريفين، مقدمة من «هذه الأرض الطاهرة، من شعبك السعودي الوفي، ومن أمتك العربية والإسلامية المحبة، ومن العالم الذي أطلقتم من على منبره الأممي مبادرة الحوار الثقافي بين الأديان والحضارات».

وقدم نائب رئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية، لخادم الحرمين الشريفين، ولملك البحرين، وولي العهد السعودي، «هدايا خاصة» بمناسبة مرور 25 عاما على الجنادرية.

وكرم خادم الحرمين الشريفين، المفكر والأديب السعودي القدير، الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن إدريس، الذي تم اختياره الشخصية الثقافية لمهرجان الجنادرية هذا العام، حيث تم تكريمه على خدمته في مجال التعليم والصحافة والتأليف الأدبي لأكثر من 70 عاما، وهو الذي سبق أن تولى رئاسة تحرير «الدعوة»، ورئاسة نادي الرياض الأدبي، واشتغل بالتربية والتعليم، واشتغل بالصحافة.

ومنح الملك عبد الله بن عبد العزيز الشخصية الثقافية (بن إدريس) وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى، تتويجا لعطائه ووفاء لإخلاصه.

وكان محمد بن عيسى وزير الخارجية المغربي السابق ورئيس منتدى أصيلة، قد ألقى كلمة ضيوف المهرجان، أكد فيها أهمية الجنادرية كتظاهرة ثقافية منتظمة، جعلته منتدى للنقاش الحر الهادف والمسؤول، وفرصة تواصل بين الثقافات والمجتمعات.

ونقل عن المشاركين، تسجيل إعجابهم بتبني جائزة عالمية باسم خادم الحرمين الشريفين للتراث والثقافة، معتبرا إياها تجسد رؤية الملك عبد الله في مد الجسور والتواصل مع الثقافات والمجتمعات الأخرى.

وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز،والملك حمد بن عيسى آل خليفة قد قاما بجولة في معرض الصور المقام بمناسبة مرور 25 عاما على انطلاقة المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية.

واستمع الملك عبد الله إلى شرح عن محتويات المعرض والصور التي جسدت نشاطات المهرجان منذ انطلاقته، وفي نهاية الجولة قام أصغر حرفي مشارك في نشاطات المهرجان لهذا العام بالسلام على خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

ورافق خادم الحرمين الشريفين، والعاهل البحريني في الجولة، الأمير مشعل بن عبد العزيز رئيس هيئة البيعة، والأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، والأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات العامة.