البحرين: «الأمن الوطني» يقبض على وزير بتهمة «غسل الأموال»

مسؤول أمني: خضع للمراقبة السرية منذ بداية 2009

TT

في حادثة هي الأولى في نوعها في دول مجلس التعاون الخليجي، ألقت قوات جهاز الأمن الوطني البحريني مساء أول من أمس، على وزير حالي للتحقيق معه بتهمة غسل الأموال داخل البحرين وخارجها، كما تم تفتيش منزله فور وصول رجال الأمن المكلفين بالقبض عليه، وتم استدعاؤه إلى جهاز الأمن الوطني لبدء التحقيقات معه.

وعلى الرغم من أن السلطات البحرينية اكتفت بالتصريح بأنها ألقت القبض «على أحد المسؤولين»، فإن مصادر كشفت هوية الوزير المتهم بغسل الأموال، وهو وزير دولة حالي بلا حقيبة، وكان وزيرا لإحدى الوزارات الخدمية في التشكيلة الوزارية السابقة، كما كان عضو مجلس شورى سابقا، بالإضافة إلى أنه أحد كبار رجال الأعمال في البحرين.

وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن الخيط الذي التقطه جهاز الأمن الوطني لاتهام الوزير الحالي، كان عن طريق مدير مكتبه، الذي كان يخضع للمراقبة الدقيقة طوال الأشهر الماضية، قبل أن يتم إلقاء القبض عليه والتحقيق معه، إلا أنه أفصح أن كل ما يقوم به من عمليات كانت تتم بتوجيهات من رئيسه، وهو ما أفضى إلى إصدار مذكرة قبض على الوزير، حيث جرى التحقيق معه أولا في جهاز الأمن الوطني، ثم تم نقله إلى وزارة الداخلية في إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية، حيث يتم استكمال التحقيقات معه.

لكن مصادر تحدثت مساء أمس عن الإفراج عن الوزير ومدير مكتبه بضمان محل الاقامة مع استمرار التحقيقات معهم خلال الأيام المقبلة، إلا أن أي تصريح رسمي لم يصدر عن الجهات المختصة البحرينية فيما يتعلق بالإفراج عن الوزير حتى وقت متأخر من مساء أمس.

ولعل المفاجأة البارزة في قضية اتهام الوزير بغسل الأموال، أنه يعد من المقربين من السلطة في البحرين، فقد شغل منصب نائب رئيس مجلس الشورى، المعين، كما أنه يتقلد عددا من المناصب الحكومية الأخرى في هيئات رسمية واجتماعية، بل إن الوزير ذاته عندما كان معينا في إحدى الوزارات الخدمية، تم استجوابه من قبل البرلمان في بلاده بتهم «الفساد المالي والإداري»، إلا أن إعفاءه من التشكيلة الوزارية وتعيينه وزيرا بلا حقيبة أسقط الاستجواب.

وقال الوكيل المساعد للشؤون القانونية في وزارة الداخلية البحرينية، العميد محمد راشد بوحمود، إنه تم القبض على أحد المسؤولين بتهمة القيام بعمليات غسل أموال في الداخل والخارج، «وذلك في ضوء ما أسفرت عنه تحريات إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية، وبناء على ما كشفت عنه الإجراءات تنفيذا للأذون القضائية بالمراقبة والتسجيل».

وأشار المسؤول البحريني إلى أن وزارة الداخلية قد تمكنت من كشف تلك الوقائع منذ بدايات عام 2009 «فتابعت نشاط المسؤول (الوزير) داخل مملكة البحرين وخارجها عن كثب، وفي سرية تامة، وأخضعت اتصالاته ولقاءاته بمعاونيه في ذلك النشاط وبالجهات المتعامل معها في الخارج للرقابة المكثفة، وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة كافة». وأضاف أن «المتهم أحيل إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية».

ووصف النائب السلفي المستقل، الشيخ جاسم السعيدي، نبأ القبض على الوزير البحريني بتهمة غسل أموال بـ«الإنجاز الذي يدل على مصداقية مسيرة الإصلاح في مملكة البحرين»، مؤكدا أن هذا الحدث رفع من مكانة البحرين وسمعتها في الجانب الحقوقي والديمقراطي أمام الدول. وقال السعيدي: «قبل مدة مضت، قامت إحدى دول الجوار بتحويل أحد وزرائها إلى المحكمة لمواجهة تهم فساد، ورحب العالم بأسره بهذه الخطوة، التي توضح جدية تلك الدولة في الإصلاح. واليوم، فإننا كذلك في مملكة البحرين، نبرهن للجميع في وقت يشكك فيه البعض في جدية المشروع الإصلاحي للبحرين.. نبرهن لهم أن مملكة البحرين سائرة في مشروع إصلاحي لا يعرف التمييز، ولا يعرف التفرقة بين وزير ومواطن من عامة الشعب، فالكل سواسية أمام القانون، مهما علت المكانة في هذا المجتمع».

وواصل السعيدي: «إن ما يحصل هو السير في الطريق الصحيح. ونفخر في مملكة البحرين أمام الجميع بأن الكل سواسية في الحقوق والواجبات، فوزير ما زال في منصبه ويحال إلى التحقيق في تهم خطيرة بكل شفافية ووضوح، هو إنجاز يضاف إلى رصيد المسيرة الديمقراطية في البلاد، بغض النظر عما ستؤول إليه التحقيقات».

وأكد السعيدي أن هذه الحادثة هي صفعة قوية لكل من يشكك في نزاهة المشروع الإصلاحي لمملكة البحرين وجديته، ولكل من يدعي وجود تمييز ضد أحد في المجتمع.

وفي يوليو (تموز) 2008، كشف النقاب في دولة الإمارات العربية المتحدة عن أن وزيرا في الحكومة، وزير دولة، يواجه تهما بخيانة الأمانة، قبل أن يصدر الرئيس الإماراتي، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، فيما بعد، مرسوما بإعفاء الوزير.