لبناني يرفع دعوى «اعتقال وتعذيب» على ضباط سوريين وسط معلومات عن شكاوى مشابهة في طريقها إلى القضاء

محاميه قال لـ «الشرق الأوسط» إن ما سيق ضد موكله «كذب ونفاق»

TT

لم يتوقع اللبناني إلياس طانيوس أن تؤدي الدعوى التي رفعها على ضباط سوريين على خلفية «خطفه واعتقاله وتعذيبه» إلى «هجوم منظم من حلفاء سورية وإعلامهم، وصلت إلى حد التخوين»، لذلك فضل الصمت وتجنب الإعلام وترك الموضوع ليأخذ مساره الطبيعي في القضاء اللبناني.

هذا ما قاله قريب لطانيوس رفض الإفصاح عن اسمه. وأضاف «لا يريد طانيوس إلا الحصول على العدالة عبر القضاء. ولا يسعى إلى أي شيء آخر».

وكان الرقيب الأول السابق في قوى الأمن الداخلي إلياس طانيوس (45 عاما) قد اعتقل ليلة 15 ديسمبر (كانون الأول) 1991، ليفرج عنه في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2000. وقد تقدم في السادس من الشهر الحالي بشكوى أمام القضاء اللبناني في حق ضباط أمنيين سوريين أقدموا على خطفه وتعذيبه وحجز حريته في السجون السورية. وادعى على جامع جامع، الذي كان يتولى منصبا أمنيا رفيعا في فندق البوريفاج في بيروت - مقر المخابرات السورية آنذاك - وكذلك على كمال يوسف، الذي كان يدير معتقلا في بلدة عنجر البقاعية والمعروف بلقب «النبي يوسف». وشملت الدعوى ضابطين آخرين هما العقيد ديب زيتوني والعقيد بركات العش، إضافة إلى المدعو غسان علوش، وهو سوري مجنس لبنانيا. وفي حين تتحفظ المصادر القضائية والأمنية عن أي معلومة تتعلق بالقضية، بدأت تتفاعل حملة شرسة على طانيوس عبر اتهامه بالعمالة لإسرائيل وربطه بعدد من العملاء والمتهمين بالعمالة وبغايات سياسية تتعلق بحزب القوات اللبنانية، كون محاميه هو رئيس الدائرة القانونية في الحزب. كما أن المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد أصدر، أول من أمس، بيانا اعتبر فيه أن «من علامات الإفلاس الأخلاقي والسياسي ألا تعثر الدائرة القانونية في القوات اللبنانية إلا على عميل إسرائيلي سابق هو الرقيب أول إلياس طانيوس، للادعاء على ضباط سوريين والمقايضة مع دعوى اللواء السيد في دمشق». وأوضح البيان أن الرقيب الأول المذكور قد حكم عليه في سورية ثم في لبنان بجرم التعامل مع إسرائيل منذ عام 1991، ثم طرد من قوى الأمن الداخلي على هذا الأساس. وأشار إلى أن «الأخطر من ذلك هو ما جرى الإعلان عنه من أن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي قد سمحت بإعادة العميل المذكور لمدة سنة إلى صفوفها بعد تنفيذه الأحكام الجنائية والشائنة بحقه».

إلا أن محامي طانيوس سليمان لبوس قال لـ«الشرق الأوسط» إن «كل ما يتردد عن اتهام موكلي بالعمالة هو كذب ونفاق ونوع من الإرهاب الفكري». وعن الأحكام الصادرة بحق موكله، أشار إلى أن «مثل هذه الأحكام كانت سهلة خلال الوجود السوري. ونحن لا نثق بالمحاكمات التي كانت تجرى في سورية». وأضاف «حتى أنا تعرضت إلى ترهيب بعد رفع الدعوى وحذرني بعض معارفي من عاقبة الأمر». وأوضح لبوس أن «سبب إقامة الدعوى حاليا هو تعرض مواطن لبناني إلى التعذيب والاعتقال لمدة عشر سنوات. واليوم وبعد خروج السوريين من لبنان أصبح بإمكانه أن يطالب بمقاضاة الذين آذوه جسديا ونفسيا». وردا على ما ساقه السيد من اتهامات، قال «لقد تقدمت بوكالتي عن طانيوس بدعوى قضائية ضد ضباط سوريين بصفته أحد زبائن مكتبي وليس بصفتي رئيس الدائرة القانونية في حزب القوات اللبنانية. كما أن قرار المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بإعادة موكلي إلى وظيفته في ذلك الوقت من أيام الوصاية لهو خير دليل على أن الموكل بريء مما نسب إليه في مراكز التحقيق السورية». وأضاف «ما يثير الاستغراب أنني وقبل فترة قريبة ادعيت شخصيا وبالوكالة على السيد بجرم قتل فوزي الراسي خلال اعتقاله، ولم يحرك ساكنا». وعلمت «الشرق الأوسط» أن قضية طانيوس، وهي الأولى من نوعها، لن تبقى الوحيدة، ذلك أن مواطنين تعرضوا إلى الأذى في تلك الفترة، يعدون ملفاتهم للتقدم بشكاوى مشابهة. وينفي لبوس ما ورد في بعض الصحف عن أن «موكله كان يتعامل مع العدو الإسرائيلي عبر جهازه الاستخباراتي وعملاء ميليشيا أنطوان لحد». ويشير إلى أنه «في تلك المرحلة كانت مثل هذه التهم جاهزة». كما ينفي ما نشرته هذه الصحف عن «علاقة الدعوى بالدعاوى التي وجهها اللواء المتقاعد جميل السيد في سورية ضد مسؤولين لبنانيين اتهمهم بتضليل التحقيق في قضية اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري والتسبب في توقيفه أربع سنوات». ويقول «موكلي إنسان عادي ويريد حقه، وليس شخصية مرموقة ولها نفوذها. لذا لا مجال للمقارنة. ولا لزوم لهذه الحملة التي لا تستند إلا إلى الكذب».

وكانت إحدى الصحف قد نشرت أمس أن «مرجعا رسميا في الدولة تحفظ في البداية على إقامة دعوى طانيوس، ثم عاد ووافق لاحقا، على اعتبار أنها للتوازن مع دعوى السيد في دمشق ضد شخصيات لبنانية شاركت شهود الزور في قضية اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري».