المعارضة الإيرانية تسعى إلى الحصول على مساعدة أكبر في حربها الإلكترونية ضد الحكومة

حكومة نجاد عمدت إلى الإبطاء من سرعة الإنترنت بحيث بات من العسير على المستخدمين تنفيذ أبسط العمليات

TT

في وقت تضغط إدارة باراك أوباما من أجل فرض عقوبات أشد ضد إيران بسبب برنامجها النووي، احتفل أنصار الديمقراطية في إيران بقرار الولايات المتحدة الأخير برفع العقوبات المفروضة على الكثير من الخدمات المرتبطة بشبكة الإنترنت، وهي عقوبات يقولون إنها ساعدت طهران في قمع المعارضة.

ولكن الطريق لا يزال طويلا حتى الوصول إلى هدف النشطاء المتمثل في رفع جميع القيود على التجارة المرتبطة بخدمات شبكة الإنترنت، التي يؤكد زعماء المعارضة أنها حيوية للإبقاء على قنوات الاتصال المفتوحة التي عززت المظاهرات التي اندلعت الصيف الماضي بعد الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها. في الشهور الأخيرة، شنت الحكومة حربا عبر شبكة الإنترنت ضد المعارضة، حيث عمدت إلى القضاء فعليا على جميع مصادر الأنباء والمعلومات المستقلة وإغلاق خدمات الشبكات الاجتماعية.

من شأن الإجراء الجديد أن يمكن مستخدمي شبكة الإنترنت داخل إيران من تحميل أحدث البرامج التي تساعد في التغلب على الجهود الحكومية لإغلاق مواقع على شبكة الإنترنت، ووقف الاعتماد على نسخ جرى الحصول عليها عن طريق القرصنة، التي من الأيسر بكثير بالنسبة إلى الحكومة اعتراضها.

ومع ذلك، يشدد معارضو الحكومة على أنهم لا يزالون في حاجة إلى مزيد من المساعدة للالتفاف حول العوائق التي تضعها الحكومة في طريق الوصول إلى المعلومات.

في هذا الصدد، قال مهدي يحيى نجاد، مؤسس أحد أكبر مواقع الشبكات الاجتماعية على شبكة الإنترنت الناطقة باللغة الفارسية (بالاتارين)، ويوجد مقره في الولايات المتحدة: «تتسم الجمهورية الإسلامية بفاعلية كبيرة في تقليص قدرة الأفراد على الوصول إلى هذه المصادر، ولا يزال الشعب الإيراني في حاجة إلى مساعدة كبرى. نحن في حاجة إلى توفير قدرة الاطلاع على مصادر إخبارية مستقلة إلى قرابة 50 في المائة، بدلا من المصادر التي تسيطر عليها الدولة».

الملاحظ أن مواقع شبكة الإنترنت والشبكات الاجتماعية عليها وقنوات القمر الصناعي التلفزيونية، أصبحت من المصادر الكبرى للأنباء، ومن بين أدوات تنظيم وتعبئة الجماهير. وقد استغلت المعارضة شبكة الإنترنت في نشر أنباء عن المظاهرات ورفع مقاطع مصورة لاستخدام قوات الأمن العنف ضد المتظاهرين. جدير بالذكر أن مقطعا مصورا للفتاة الإيرانية ندا أغا سلطان (26 عاما) التي أطلقت قوات الحكومة النار عليها، نجح في تحويلها إلى رمز وطني.

ولكن بمرور الوقت أدركت السلطات أهمية أدوات الشبكات الاجتماعية على الإنترنت وشرعت في محاولة القضاء عليها. في ديسمبر (كانون الأول)، هاجم «الجيش الإلكتروني الحكومي» موقع «تويتر» الذي شكل أداة اتصال مهمة في يد المعارضة. وقد نجح قراصنة الإنترنت في إعادة توجيه مستخدمي «تويتر» إلى صفحة باللغة الإنجليزية مكتوب فيها «هذه الصفحة استولى عليها الجيش الإلكتروني الإيراني».

في الشهور الأخيرة، عمدت الحكومة إلى الإبطاء من سرعة الإنترنت بدرجة بالغة، بحيث بات من العسير على المستخدمين تنفيذ أبسط العمليات، مثل فتح حسابات «جيميل» أو «ياهو». وأصبح في حكم المستحيل رفع مقاطع مصورة، وأغلقت مواقع المعارضة على شبكة الإنترنت. كما أعاقت الحكومة قنوات القمر الصناعي التلفزيونية التابعة للمعارضة، وكذلك الإخبارية، بما فيها تلفزيون «صوت أميركا» الناطق بالفارسية، و«بي بي سي بيرشان»، اللذان كانا يجتذبان ملايين المشاهدين.

في المقابل، حاولت المعارضة المقاومة من جانبها من خلال برامج مصممة للالتفاف حول القيود التي تفرضها الحكومة، لكن تلك أصبحت معركة خاسرة في ظل تباطؤ خدمة الإنترنت. وأعرب زعماء المعارضة عن رغبتهم في الوصول إلى أجهزة الدخول إلى الإنترنت - مثل أي من منتجات شركة «سيسكو سيستمز»، على سبيل المثال، الخاضعة لعقوبات - وخدمة إنترنت عبر القمر الصناعي عالية السرعة، التي يعتقد الخبراء أنه من الصعب بدرجة أكبر إعاقتها. وتتوافر هذه الخدمة من شركة «هيوز غلوبال سيرفيسز» الأميركية، في أوروبا والشرق الأوسط، ومن الممكن أن يستخدمها الإيرانيون.

لكن بيام هيريشي، المدير البارز لدى «هيوز غلوبال سيرفيسز»، قال إن الشركة مترددة حيال السماح لأقمارها الصناعية بتوفير الخدمة لإيران حتى ترفع العقوبات عن البلاد، التي لا تملك أي أقمار صناعية للاتصالات، وبالتالي تعتمد على شركات أجنبية في بث جميع قنواتها المحلية وكذلك القنوات الإنجليزية والفارسية والعربية. وقد جاء منع السلطات الإيرانية «بي بي سي بيرشان» و«صوت أميركا» متعارضا مع التنظيمات الدولية في هذا الصدد. من ناحيته، قال صادق سابا، مدير تلفزيون «بي بي سي» الناطق بالفارسية: «ما تفعله إيران قد يسبب فوضى خطيرة في نظام الأقمار الصناعية الدولية. فإذا ما شرعت دول أخرى في الانتقام ومنع قنوات إيران، فستندلع فوضى عارمة». بعد منع إيران في ديسمبر الماضي «صوت أميركا» و«بي بي سي»، عمدت الشركة الفرنسية «إوتلسات» إلى تكرار خدماتها التي كانت تعرضها عبر واحد من أقمار «هوت بيرد» الصناعية الشهيرة، عبر قمر صناعي أكثر تطورا في مقاومته المنع. لكن الوصول إلى الخدمات تطلب من الإيرانيين شراء معدات جديدة، بعضها غير قانوني ويصعب الحصول عليه.

خدمة «نيويورك تايمز»