إسرائيل تتعهد خطيا لواشنطن بالتجاوب مع شروطها

لقاء ميتشل ـ نتنياهو يحسم اليوم إمكان لقائه أوباما.. وكلينتون تقول إن الضغوط «آتت أكلها»

TT

لم تكتف وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، بتعهدات شفهية من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فاضطر إلى إرسالها خطيا، وفيها يؤكد تجاوبه مع عدد كبير من شروطها لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأبرزها الموافقة على أن تتناول هذه المفاوضات مواضيع التسوية النهائية، وفي مقدمتها القدس والحدود، والمبادرة إلى إجراءات لبناء الثقة. ولكنها، وفقا لتصريحات إسرائيلية، لا تتضمن تعهدا بتجميد البناء الاستيطاني في القدس الشرقية المحتلة.

وترى كلينتون أن هذا التعهد جاء نتيجة للضغوط التي مارستها إدارة الرئيس باراك أوباما. ففي مقابلة مع تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، قالت كلينتون ردا على سؤال إن كان التصعيد قد جاء بأي نتائج: «أعتقد أن الضغوط آتت أكلها.. وأعتقد أننا سنشاهد استئناف المفاوضات.. وهذا يعني أنها تؤتي أكلها لأن هذا هو هدفنا».

وجاءت هذه التعهدات في أعقاب مفاوضات ماراثونية جرت في واشنطن، بين مستشار نتنياهو للشؤون الفلسطينية، يتسحاق مولخو، ودينيس روس، الذي أصبح مستشارا شخصيا للرئيس أوباما، ومسؤولا كبيرا في مجلس الأمن القومي الأميركي، أدت إلى إجراء محادثة هاتفية طويلة ثانية، الليلة قبل الماضية، بين كلينتون، التي كانت موجودة في روسيا لحضور لقاء الرباعية الدولية، روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ونتنياهو واستغرقت 40 دقيقة. وعلى الرغم من شعور نتنياهو بالإحراج والإهانة من طلب كلينتون أن يكتب تعهداته خطيا، حيث إن هذا الطلب يؤكد الرأي السائد أن إدارة الرئيس باراك أوباما لا تثق بنتنياهو على الإطلاق، فقد نفذه بحذافيره.

وقال مصدر إسرائيلي مسؤول لموقع «واي نت» الإلكتروني، التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، إن إسرائيل تجاوبت مع طلبات الولايات المتحدة الأساسية، لأنها أدركت أهمية ذلك لإدارة الرئيس أوباما، ولمصلحة التقدم في عملية السلام. بينما قال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيلون: «إسرائيل تجاوبت مع الشروط الأميركية، لأنها أدركت حاجة واشنطن إلى الظهور كوسيط نزيه وغير متحيز، يتعامل بمساواة مع طرفي الصراع»، وأضاف: «لكن هذا لا يمس أبدا بالعلاقات الاستراتيجية بيننا، بل يعمق التحالف».

وعلى الرغم من تأكيدات مسؤولين إسرائيليين على أن هناك تعهدات إسرائيلية بتخفيض البناء في القدس الشرقية، والامتناع عنه تماما داخل الأحياء الفلسطينية، فقد نفى أيلون أن تكون إسرائيل تنازلت عن شيء من مواقفها الاستراتيجية تجاه القدس، وقال أن حكومته ستواصل البناء «لليهود وللعرب في القدس».

ويصر الجانبان، الإسرائيلي والأميركي، على إبقاء نص الاتفاق سريا، «فهذا يخدم المصلحة أكثر»، كما قال ناطق إسرائيلي. بيد أن هذا الاتفاق لم ينه بعد الأزمة بشكل قاطع. ولذلك، فإن الأميركيين نفوا أن يكون الرئيس أوباما أو نائبه، جو بايدن، قد قررا استقبال نتنياهو خلال زيارته خلال الأيام الثلاثة القريبة في واشنطن. فاللقاء الوحيد المضمون له هو مع كلينتون، وسيتم ليس في الخارجية الأميركية، ولا في الفندق الذي سينزل فيه نتنياهو، كما هو متبع، بل في الفندق الذي سيلتئم فيه مؤتمر اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة «إيباك»، حيث سيلقي كل منهما خطابا فيه، وسيلتقيان على هامشه.

وكشفت مصادر أميركية في تل أبيب، أمام بعض الصحافيين، بينهم مراسل «الشرق الأوسط»، أن لقاء أوباما أو بايدن، أو كليهما، يتوقف على نتائج المحادثات التي سيجريها المبعوث الرئاسي جورج ميتشل، مع نتنياهو مساء اليوم. فمهمة ميتشل الأولى هي الترتيب لمثل هذه اللقاءات، «في حالة توافر الأرضية والمناخ المناسبين لها». وسيكون مدار البحث هو «الإجراءات الإسرائيلية التي ينوي نتنياهو القيام بها لبناء الثقة مع الفلسطينيين لتشجيعهم على العودة إلى المفاوضات». وسيلتقي لهذا الغرض أيضا وزير الدفاع، إيهود باراك، الذي سيتولى تطبيق الإجراءات على الأرض بحكم مسؤوليته عن المناطق الفلسطينية المحتلة. وسينتقل ميتشل بعدها إلى عمان ليطلع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس أبو مازن، على هذه الإجراءات، ويستمع إلى تعليقه عليها.

وعلى الرغم من تأكيد معظم الإسرائيليين أن هذه الأزمة «أصبحت من ورائنا»، فإنها ما زالت موضوع نقاش أساسيا في المجتمع الإسرائيلي. وحسب النائب عمير بيرتس، من حزب العمل، الشريك في الائتلاف الحاكم في إسرائيل، وهو وزير الدفاع السابق، فإن اللهجة القاسية التي ظهرت في قرار اللجنة الرباعية في موسكو ضد البناء الاستيطاني، تدل على أن الأزمة ما زالت تغلي.. «فهذه أول مرة توافق فيها الولايات المتحدة على ذكر البناء في القدس في قرارات الرباعية، وتم فيه استخدام كلمة (الإدانة) وليس (الانتقاد) وحسب». ولفت بيرتس إلى استطلاع رأي جديد نشر في واشنطن في نهاية الأسبوع، تدل نتائجه على هبوط شديد في شعبية إسرائيل بسبب الأزمة الأخيرة، حيث إن نسبة القائلين بأن إسرائيل دولة حليفة للولايات المتحدة انخفض من 70% قبل شهر إلى 58% اليوم.