تباين في المواقف الكردية حول فرص بقاء التحالف الكردستاني متماسكا

باحث لـ «الشرق الأوسط»: أتوقع انفراطه لأنه انتخابي.. وقيادي حزبي: شاركنا حفاظا على الأصوات

TT

قبيل بدء الانتخابات البرلمانية الكردستانية في الخامس والعشرين من يوليو (تموز) من العام الماضي ظهر تحالف سياسي غريب من نوعه إلى حد ما جمع بين حزبين إسلاميين هما الاتحاد الإسلامي (تيار الإخوان المسلمين) والجماعة الإسلامية (المنشقة عن الحركة الإسلامية)، وحزبين يوصفان بالعلمانيين وهما حزب كادحي كردستان (حزب ماركسي لينيني) والحزب الاشتراكي الكردستاني (قومي).

هذه الأحزاب خاضت مجتمعة الانتخابات البرلمانية الكردستانية بقائمة «الإصلاح والخدمات»، وتمكنت من الحصول على 13 مقعدا في البرلمان الكردستاني، ولكن سرعان ما انفرط عقد هذا التحالف بعد أيام قليلة من إعلان النتائج الانتخابية. ويعلل البعض أسباب تداعي هذا التحالف بما يسمونه بـ«تحالف الأضداد» الذي ولد أساسا لينفرط، وذلك للاختلاف الفكري الشاسع بين الأحزاب التي دخلت إلى ذلك التحالف.

واليوم هناك حديث يتكرر هنا وهناك في كردستان حول احتمالات انفراط عقد التحالف الكردستاني الذي يضم الحزبين الرئيسيين في العراق «الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة رئيس الجمهورية جلال طالباني و«الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، رئيس الإقليم، إلى جانب 12 حزبا كردستانيا بينها الحركة الإسلامية الكردستانية. وهناك من يؤيد بقاء هذا التحالف متماسكا باعتباره تحالفا مصيريا يجمع القوى الكردستانية الساعية إلى انتزاع المزيد من المكاسب القومية للشعب الكردي في بغداد، فيما هناك من يتوقع تداعيه وانفراط عقده، ومنهم عبد الرحمن صديق رئيس مركز «الجسر» للدراسات الاستراتيجية الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن هناك مقولة سائدة بين السياسيين في كردستان مفادها أنه «عادة ما يكون موعد إعلان التحالفات السياسية معروفا للجميع، لكن إلغاء هذا التحالف لا أحد يمكنه تحديده». وهذا يعني برأي صديق أن «التحالف الكردستاني ماض بدوره إلى الانفراط».

ويستطرد صديق قائلا «رغم أن النتائج النهائية لم تعلن بعد، ولا أحد يدري ما ستكون عليه تلك النتائج، لكني أتوقع أنه في حال عدم حصول الأحزاب المشاركة في هذا التحالف على أي مقعد في البرلمان العراقي المقبل، فإن انفراط عقد التحالف سيحدث، فهذا التحالف كان لأسباب انتخابية وليس تحالفا سياسيا يجمع عددا من الأحزاب، ويجب ألا ننسى أن الكثير من التحالفات السابقة ومنذ سنوات التسعينيات قد انهارت وألغيت سواء بسبب تداعيات الحرب الداخلية، أو بسبب الصراعات السياسية وتجاذباتها، لذلك أعتقد أن هذا التحالف الكردستاني تشكل أساسا على المصلحة، ومع انتفاء المصلحة من المتوقع أن ينهار».

ويخالفه الرأي حسن ياسين، أحد الباحثين في مركز كردستان للدراسات الاستراتيجية في السليمانية، إذ يقول «صحيح أن التحالف الكردستاني ضم مرشحي الكثير من الأحزاب السياسية الكردستانية، لكن جميع هذه الأحزاب كانت تتوقع ألا تحصل على أي مقعد في البرلمان العراقي، وهذا يعود بطبيعة الحال إلى اعتماد القائمة المفتوحة، لكن مع ذلك لا أتوقع أن تتداعى صفوف التحالف الكردستاني، لأن الأحزاب المشاركة فيه يجمعهم مع الحزبين الرئيسيين الفائزين في الانتخابات برنامج سياسي محدد هدفه انتزاع المزيد من المكاسب لصالح الشعب الكردي في بغداد، إلى جانب حماية المكاسب الدستورية المتحققة لحد الآن في العراق، لذلك سيبقى التحالف متماسكا ولا خوف من انهياره». وبالمقارنة بين انهيار تحالف الأحزاب الأربعة السابق (الاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية والكادحين والاشتراكي) يرى ياسين أن «الأحزاب الأربعة المذكورة لم تكن تجمعها قواسم مشتركة بقدر ما كان تحالفها هو تحالف (مصلحة)، فقد كانت قواعد الحزبين الإسلاميين ترفض مثل هذا التحالف، لذلك صوتت في بعض المناطق لصالح الحركة الإسلامية كرد فعل رافض لهذا التحالف المصلحي، أما التحالف الكردستاني الحالي فيضم 14 حزبا تجمعها مشتركات كثيرة تشكل ثوابت قومية، ثم السؤال المهم الذي يطرح نفسه في هذا المجال هو: ماذا ستستفيد هذه الأحزاب في حال خرجت من صفوف هذا التحالف، لأنها بالأساس لا تملك أي مقعد برلماني، فماذا ستجني من خروجها؟ لذلك من المهم لهذه الأحزاب باعتقادي أن يبقى التحالف متماسكا، لأن كل ما سيحصل عليه في البرلمان القادم سيعود بالنتيجة إلى الأحزاب التي يتشكل منها هذا التحالف، لذلك أعتقد أن هذا التحالف مصيري وسيبقى كذلك».

وخارج إطار مراكز البحوث لا خوف لدى الأحزاب المشاركة في التحالف من انفراط عقده، فسكرتير حزب كادحي كردستان قادر عزيز الذي كان وما زال من أقرب المتحالفين مع الاتحاد الوطني الكردستاني وخاض إلى جانبه الكثير من الدورات الانتخابية، يرى أنه «رغم عدم حصول الأحزاب المؤتلفة داخل التحالف الكردستاني على أي مكاسب مهمة خلال السنوات السابقة، فإن من المستبعد أن ينفرط هذا التحالف لأنه ضروري جدا للمرحلة القادمة في بغداد». ويقول «إن الأحزاب الكردستانية ضاعت بين هذين الحزبين الكبيرين (الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني)، فحين كانت لنا مقاعد في البرلمان العراقي لم نحصل على أي امتيازات، والتي كانت محصورة وموزعة بين الحزبين الكبيرين، والآن فإن معظم الأحزاب المشاركة في هذا التحالف لم تستطع الحصول على أي مقاعد، ومن هذا المنطلق فلا خوف على تداعي صفوف التحالف الكردستاني، الذي أعتقد أن وجوده متماسكا في بغداد سيحقق ويحمي الكثير من المكاسب، وفي الأساس كانت مشاركة هذه الأحزاب في التحالف هي بسبب عدم احتراق أصوات الناخبين».

وحول انهيار تحالف حزبه مع الحزبين الإسلاميين أثناء الانتخابات الكردستانية قال عزيز «كان تحالفنا معهم حينذاك لخوض الانتخابات البرلمانية الكردستانية، وهذه المرة الأمور تختلف، لأنها انتخابات عراقية ينبغي أن تتجمع القوى الكردية تحت خيمة واحدة تعكس وحدة الصف الكردي في بغداد، خصوصا أننا مقبلون على تحديات كبيرة في المرحلة القادمة».

ويرى حميد أبو بكر، رئيس تحرير جريدة «بدرخان»، أن «التحالف سيبقى متماسكا، لأنه تحالف مصيري، صحيح أن الأحزاب المشاركة فيه ما عدا الاتحاد والديمقراطي لم تحصل على مقاعد في البرلمان، لكن ذلك لا يعني تداعي صفوفه، فهناك الكثير من الشخصيات السياسية البارزة في العراق لم تستطع الحصول على مقاعد في البرلمان رغم ثقلها الشعبي، مثل موفق الربيعي وعبد القادر العبيدي وقاسم داود وغيرهم، فلا ذنب للحزبين الكرديين الرئيسيين في فشل مرشحي تلك الأحزاب الكردستانية في الفوز بمقاعد برلمانية، لذلك أعتقد أن هذا التحالف سيبقى متماسكا في المرحلة القادمة، وقد يتغير في الانتخابات القادمة ما دامت القائمة المفتوحة ستكون هي السارية في الانتخابات، عندها سيكون من حق كل حزب أن يترشح بشكل منفرد».

وحول وحدة الصف الكردي في بغداد رغم ظهور قوائم وكيانات معارضة في كردستان يقول أبو بكر «التحالف الاستراتيجي بين (الاتحاد الوطني) و(الديمقراطي الكردستاني) سيبقى ساري المفعول إلى سنة 2013، ولهذا نرى أن (الديمقراطي) يصر على ترشيح السيد طالباني لولاية ثانية في رئاسة العراق، لأن هذا بند أساسي لعقد التحالف، وأتصور أن هذه الوحدة ستبقى أيضا بين جميع القوى الكردية التي ستذهب إلى بغداد، صحيح أن هناك قوى معارضة في كردستان، لكن في بغداد هناك حاجة دائمة لوحدة الصف والموقف خصوصا فيما يتعلق بالمسائل القومية التي لا يختلف عليها حزبان».