مشاة البحرية الأميركية يقدمون التمويل لمكافحة الأفيون بأفغانستان

مقتل 10 مدنيين في هجوم انتحاري بولاية هلمند

جندي أفغاني يحرس المحتفلين بعيد النوروز في ضاحية كارت شاكي بالعاصمة كابل، ويحتفل الأفغان بالعام الجديد أو عيد النوروز المصادف بداية فصل الربيع، وحسب التقاليد المعترف بها في هذا العيد تقدم للضيوف أطباق مختلفة من حبوب القمح والبسكويت الحلو (أ.ب)
TT

بعد أسابيع من القتال العنيف للسيطرة على مارجا معقل حركة طالبان، يستهدف مشاة البحرية الأميركية الآن تجارة المخدرات ببرنامج ينطوي على دفع مبالغ مالية لمزارعي الأفيون لتدمير محاصيلهم دونما قتال. والهدف من البرنامج الجديد هو التعامل مع تجارة المخدرات التي تذكي التمرد دون تنفير المزارعين الذين يعتمد رزقهم على الزراعات التي قاموا بها العام الماضي.

وفي الشهر الماضي قاتل آلاف من مشاة البحرية الأميركية لطرد مقاتلي طالبان من مارجا، وهي محور رئيسي لتهريب وتجارة الأفيون بجنوب إقليم هلمند الذي ينتج معظم إنتاج العالم من المادة الخام للهيروين. والآن بعد أن أزهرت زراعات الخشخاش تتوغل بعض تلك القوات في المناطق المحيطة بمارجا، حيث ما زالت بصمة طالبان موجودة في أنحاء المجتمعات الزراعية الفقيرة التي تعتمد على دخول متواضعة من المحصول. وقال محمد حنيف (70 عاما) الذي يعيش في قرية على بعد نحو 11 كيلومترا من مارجا «أنفقت مالا كثيرا على حقول الخشخاش هذه. إلى الآن لم نجن ما يكفي من مال. لا نجني سوى أموال تكفينا لشراء الخبز من الأرباح». وحين زاره فريق من مشاة البحرية أول من أمس السبت خشي حنيف أن يهلكوا محصوله، وهي استراتيجية استخدمتها فيما سبق قوات حلف شمال الأطلسي والحكومة الأفغانية مما أغضب المزارعين وزاد الدعم لطالبان. وأراد مشاة البحرية أن يبلغوا حنيف بأن الاستراتيجية الجديدة تنطوي على تسديد قيمة محصوله القادم مقابل تدمير الخشخاش بنفسه وزراعة حاصلات مشروعة بديلة توفرها الحكومة الأفغانية. وقال حنيف «أنا سعيد بالنسبة لهذا المشروع لأنهم أعطوني مالا مقابل الضرر». وقال جونيور جوزيف، من مشاة البحرية «إنهم إيجابيون ومستعدون للقواعد الأفغانية الجديدة من ناحية إحراق حقول الخشخاش وتقديم المال لهم مقابل هذا. هم مستعدون لحرق حقول الخشخاش لأنهم لم يكن متاحا لهم شيء مثل هذا من قبل. كما رحب محمد غول، جار حنيف، بالبرنامج بعد أن كان قد استقبل مشاة البحرية بحذر، ونفى في البداية أنه يزرع الخشخاش. وبعد أن أكد له مترجم لمشاة البحرية أن تجارته ليست سرا وافق على الخطة. وقال غول «نعتقد أنه برنامج جيد. نحن مشردون ويجب أن نعول أطفالنا. إذا دمرت الحكومة كل شيء فلن يتبقى لنا شيء. وبالتالي هو برنامج جيد».

إلى ذلك، أعلن مسؤولون أن هجوما انتحاريا استهدف قافلة للجيش الأفغاني في جنوب البلاد أمس، أسفر عن مقتل 10 مدنيين، فيما لقي شخصان آخران حتفهما في انفجار خلال احتفالات العام الجديد بالمنطقة الشرقية. وأوضح داوود أحمدي، المتحدث باسم حاكم الإقليم، أن الانتحاري، الذي كان يقود دراجة بخارية مفخخة، استهدف قافلة الجيش في السوق الرئيسية بمنطقة جريشك بإقليم هلمند جنوب البلاد بعد ظهر أمس. وقال أحمدي لوكالة الأنباء الألمانية إن «10 أشخاص لقوا حتفهم فيما أصيب 7 آخرون. جميعهم مدنيون». وذكر أنه لا يدري ما إذا كان هناك أي ضحايا من الجنود. وأضاف أن الهجوم وقع أعلى جسر في المنطقة، وأسفر عن تحطم الجسر وسقوط عدد من الأشخاص في النهر، مشيرا إلى أنه «من الممكن أن ترتفع حصيلة القتلى».

ومن ناحية أخرى، لقي شخصان حتفهما وأصيب أربعة آخرون أمس إثر تفجير قنبلة بالقرب من تجمع كبير بمنطقة كوه بابا بإقليم خوست جنوب شرقي البلاد، حسبما أفاد محمد يعقوب قائد شرطة الإقليم. وقال يعقوب إنه لم يتضح ما إذا كان الانفجار نتج عن قنبلة زرعت على جانب الطريق أم عبوة ناسفة مخبأة داخل إحدى المركبات. وألحق الانفجار أضرارا بعدد من المركبات التي كانت متوقفة بالقرب من ضريح، حيث احتشد المواطنون للاحتفال ببداية العام الجديد. وشهدت مدينة جلال آباد شرق البلاد عاصمة إقليم نانجارهار، أيضا، ثلاثة انفجارات على الأقل مساء أول من أمس، لكن دون وقوع خسائر في الأرواح، حسبما أفاد المتحدث باسم الشرطة في الإقليم. ووقعت الانفجارات بالقرب من مجمع كان يحتفل فيه حاكم الإقليم وسكانه عشية العام الجديد. وعززت قوات الأمن الأفغانية تواجدها في المدن الرئيسية، ومن بينها كابل، خلال الأيام الثلاثة الماضية حيث حذرت السلطات من مزيد من الهجمات من قبل طالبان خلال احتفالات العام الجديد.

من جهة أخرى، يسعى الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، خلال زيارته الأولى المرتقبة للصين منذ إعادة انتخابه، إلى التقرب من رساميل جاره القوي الذي يفضل مساعدته على النهوض ببلاده من دمار الحرب على أن يتورط عسكريا في المستنقع الأفغاني.

ويجري كرزاي من الثلاثاء إلى الخميس محادثات على حدة مع كل من المسؤولين الصينيين الثلاثة الكبار الرئيس هو جينتاو ورئيس الوزراء وين جياباو ورئيس البرلمان وو بانغوو.

وقال الناطق باسمه وحيد عمر إنه سيعرض عليهم بصورة خاصة خطة المصالحة التي عرضها على متمردي طالبان، لكنه لفت إلى أن القسم الأكبر من المحادثات «سيتناول المسائل الاقتصادية، وسيكون الرئيس برفقة عدد كبير من رجال الأعمال الأفغان». وبعد نحو تسع سنوات من سقوط نظام طالبان والاجتياح الأميركي لهذا البلد، يعتبر الخبراء أن قيام علاقة أقوى بين أفغانستان والدول المجاورة لها عامل مهم لنجاح استراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما في هذا البلد. وحدد أوباما هدف الانسحاب عسكريا من أفغانستان اعتبارا من 2011 بعد مرحلة التعزيزات العسكرية جارية حاليا.. وباتت الصين تعتبر عنصرا أساسيا على طريق تحقيق هذا الهدف، وهي الحليفة القريبة من باكستان المجاورة والتي تشكل منطقتها الشمالية الغربية معقلا لتنظيم القاعدة وقاعدة خلفية لطالبان أفغانستان. وشدد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن الشهر الماضي على ضرورة توطيد العلاقات مع دول مثل الصين والهند وباكستان. وسيسعى كرزاي بالتأكيد إلى اجتذاب مزيد من المستثمرين الصينيين المهتمين بالموارد الطبيعية الأفغانية، بعد الاستثمار القياسي الذي وظفته مجموعة صينية في منجم إيناك، أحد أكبر مناجم النحاس في العالم، قبل ثلاث سنوات وبلغت قيمته ثلاثة مليارات دولار.

وقال وليد فارس، الأستاذ في معهد الدفاع عن الديمقراطية، وهو مركز دراسات أميركي محافظ،، إن كرزاي «أدرك أنه يحتاج إلى مصادر دعم أخرى لأن دعم الولايات المتحدة لن يكون أبديا كما قال الرئيس أوباما. وكرزاي يسعى إلى إقامة توافق جديد بين القوى الآسيوية بدءا بالصين».