القوى السياسية اللبنانية تتجه لإسقاط بند النسبية من قانون الانتخابات البلدية

احترام المهل الدستورية يفرض اعتماد قانون بلا إصلاحات

TT

عكست اجتماعات اللجان النيابية، التي انعقدت أمس، نتيجة واحدة تتلخص في اتفاق وتحالف بين جميع القوى السياسية في لبنان على اختلاف مواقعها بشأن إسقاط بند «النسبية» من مشروع قانون الانتخابات البلدية الذي كان قدمه مجلس الوزراء إلى مجلس النواب قبل 15 يوما بصفة مشروع قانون معجل. وبالتالي الاتجاه نحو إجراء الانتخابات البلدية في لبنان وفق القانون القديم مع بعض التغيير المتعلق بالكوتا النسائية التي اقترح إقرارها بنسبة 20%، واللوائح المقفلة وهيئة الإشراف على الانتخابات.

والتحالف الضمني الذي ينتظر ليتم إعلانه مع استنفاذ المهلة القانونية لدعوة اللجان الناخبة في الثاني من أبريل (نيسان) المقبل، يشير إلى احتمالين: أولهما التأكيد أن رفض اعتماد قانون النسبية من شأنه أن يحد من نفوذ القوى السياسية التي تتوزع السلطة في لبنان. أما الثاني فيظهر عدم وضوح طرح النسبية بالصيغة التي اعتمدها مجلس الوزراء في مشروع القانون، ما كشف استحالة تطبيق هذا البند الإصلاحي بعد مناقشته في اللجان النيابية المختصة، فقد أعلن رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم بعد اجتماع اللجنة أنه ليس بصدد رفع تقرير إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري بشأن دراسة مشروع القانون المتعلق بالانتخابات البلدية. ولفت إلى أن «اللجنة لم تنتهِ من دراسة المشروع رغم انتهاء مهلة الخمسة عشر يوما لدرسه». وأشار إلى أنه «لا تزال لدى اللجنة الكثير من الأسئلة حول النسبية وغيرها. وهناك شبه استحالة في اعتماد النسبية من جهة التطبيق. فالكثير من الأمور يتطلب توضيحا. ومن الممكن إجراء الانتخابات على أساس القانون الحالي لأن هذا المشروع يتطلب درسا ووقتا».

وقال النائب في تكتل «لبنان أولا» أمين وهبي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوقت محشور بالنسبة إلى درس قانون الانتخابات البلدية وإقراره. فهناك من يريده وهناك من يعتبره صعب التحقيق ويحتاج إلى نقاش، وهناك من يرفضه، لا من باب الرفض المطلق، إنما نتيجة سوء فهم». وأضاف: «لاحظنا أن مشروع النسبية لم يقنع رؤساء البلديات والفعاليات في المناطق، فهم استوعبوا اللعبة الانتخابية كما كانت، ويشعرون اليوم أن الإصلاحات التي طرحت تدخلهم إلى المجهول، لا سيما لجهة اللائحة المقفلة التي تعطي أن عدة أسماء فيها محكومة بالفشل مسبقا». وقال وهبي: «المهم أن تحصل الانتخابات في موعدها، لأن لدى المجلس النيابي صعوبة في الموافقة على قانون لم يدرس بشكل كامل. ويمكن احترام المواعيد الدستورية وإجراء الانتخابات وفق القانون القديم. فالمطلوب عدم ربط الانتخابات بالتعديلات كلها، والاكتفاء بإجراء التعديلات الممكنة التي لا بد منها حتى لو اعتمدنا القانون القديم».

وقال رئيس لجنة المال النائب إبراهيم كنعان: «حاولنا في لجنة المال والموازنة التوصل إلى صياغة مشتركة للنسبية، لكن لم يتم التوافق حول التطبيق وآليته. كذلك هناك تحفظات على الكوتا النسائية». وأضاف: «النقاش يعاد فتحه في اللجان المشتركة وفي الهيئة العامة لتعديل الكثير من الأمور».

إلا أن وزيرة الدولة منى عفيش قالت لـ«الشرق الأوسط»: «علينا أن ننتظر لتتضح الأمور. فإذا أقرت بعض الإصلاحات كالكوتا النسائية واللوائح المقفلة وغيرها مما تم الاتفاق عليها، على أن يستكمل بحث النسبية ليصار إلى إقرارها في الانتخابات النيابية، يمكن القول إن الوضع مقبولا. وإلا فلكل حادث حديث. لا نريد أن نستبق الأمور». وأشارت إلى عدم رضاها الكامل «لحضور المرأة في السياسة وفي الشأن العام بنسبة 20% في حين أن مؤتمر بيجين كان قد حدد النسبة بـ30%»، وأملت «أن لا يأخذوا في طريقهم الكوتا النسائية».

وأكدت أن «رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ومجلس الوزراء مجتمعا حريصون على تطبيق القوانين وتطبيق الدستور وإجراء الانتخابات البلدية في موعدها الطبيعي ومن دون تأجيل، لكن ذلك لا يعني عدم إقرار الإصلاحات». وأضافت أنه «في حال استطاع المجلس النيابي أن يقرأ الإصلاحات قبل 2 أبريل (نيسان) المقبل فلتُجرَ الانتخابات مع هذه الإصلاحات، خصوصا أن وزير الداخلية زياد بارود صرح عدة مرات أن الوزارة جاهزة لإجراء الانتخابات مع الإصلاحات أو دونها، مشيرة إلى أنه إذا تعذر إقرار الإصلاحات على القانون الجديد فلنُجرِ الانتخابات على القانون القديم ولكن المهم احترام المواعيد الدستورية».

ولفت وزير الدولة جان أوغاسبيان إلى «ثلاثة احتمالات: إما إقرار المشروع كما ورد من الحكومة قبل 2 أبريل، وإما أن يُصار إلى اقتراح قانون لتأجيل الانتخابات، وإما سنذهب لإجراء الانتخابات في مايو (أيار) حسب القانون القديم».

وفي حين شدد النائب في كتلة «المستقبل» عمار حوري على «ضرورة مواصلة العملية الإصلاحية المتعلقة بقانون البلديات حتى بعد إجراء الانتخابات البلدية في موعدها»، لفت إلى أن «النسبية خطوة حضارية تحاكي التطور، إلا أنه لا إمكانية لتطبيقها وفق القائمة المقفلة في ظل الظرف الراهن»، وأكد أنها «تحتاج إلى وقت وإقناع الرأي العام بتفاصيلها وإلى تجربة حزبية أكثر وضوحا، مشددا على ضرورة تعديل قانون البلديات لناحية إجراء الانتخابات في يوم واحد».