كلينتون تحث إسرائيل على «اتخاذ قرارات صعبة» لصالح السلام من أجل مستقبلها كـ«دولة يهودية»

التقت نتنياهو أمس.. وبيان مزيف لـ«إيباك» يربك الصحافيين

TT

وجهت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أمس، رسالة قوية إلى إسرائيل، وإلى مؤيدي إسرائيل في الولايات المتحدة. وقالت إن على إسرائيل اتخاذ «قرارات صعبة ولكن ضرورية» لصالح السلام من أجل مستقبلها كـ«دولة يهودية ودولة ديمقراطية».

وعرضت كلينتون صباح أمس أمام مؤتمر «لجنة الشؤون العامة الأميركية - الإسرائيلية» (إيباك) التحديات أمام إسرائيل، التي تستوجب قبولها بحل الدولتين، والعمل على إحلال السلام الشامل لضمان حدودها.

وأكدت كلينتون أن «تأمين حدود إسرائيل أولوية قصوى للإدارة الأميركية»، وقالت ذلك في سياق جهودها للتقليل من حدة التوتر القائم بين إدارة الرئيس باراك أوباما، وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، جراء رفض إسرائيل وقف الاستيطان، وإعلان بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في القدس الشرقية المحتلة.

وشرحت كلينتون في خطابها الرئيسي الأول، منذ توليها منصبها، حول العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، التهديدات والتحديات التي تواجه إسرائيل، وقالت: «الديموغرافيا والآيديولوجيا وتكنولوجيا الحرب» كلها تعني أن الوضع الراهن لن يدوم، مشيرة إلى أن عدد السكان غير اليهود في الأراضي المحتلة، وداخل إسرائيل إضافة إلى الآيديولوجيا المناهضة لإسرائيل، وحيازة معارضين لإسرائيل على تكنولوجيا صواريخ متقدمة، كلها تزيد من التهديد على إسرائيل.

وبدأت كلينتون خطابها بالحديث عن علاقاتها القوية مع إسرائيل، ولقائها قادة إسرائيل وشعبها منذ سنوات، وحرصت على إظهار صداقتها لإسرائيل، ضمن جهودها لتوضيح أن أي مطالبة لإسرائيل باتخاذ «قرارات صعبة» تأتي ضمن حرصها على مصلحة إسرائيل.

وقالت كلينتون: «حين كنت سيناتورا لنيويورك كنت صوتا لإسرائيل، وإنني أواصل عملي كصوت قوي لها كوزيرة لخارجية أميركا».

وزادت قائلة: «كأصدقاء لإسرائيل، فإن من مسؤولياتنا أن نقدم الثناء لها عندما تعمل جيدا، وأن ننتقدها عندما يكون ذلك ضروريا»، مؤكدة: «قلت لكم إن الرئيس أوباما سيكون صديقا لإسرائيل».

واعتبرت كلينتون أنه «لا يمكن للوضع القائم أن يدوم بالنسبة إلى جميع الأطراف»، مشيرة إلى أنه لا يعود إلا بالعنف، في حال لم تجنح المنطقة نحو السلام الذي «سيتطلب من كل الأطراف، بما في ذلك إسرائيل، أن تتخذ خيارات صعبة وضرورية».

وكان إعلان إسرائيل بناء وحدات سكنية جديدة للمستوطنين اليهود خلال زيارة قام بها نائب الرئيس الأميركي جو بايدن هذا الشهر، قد أثار غضب واشنطن، وهدد بوقف محادثات السلام غير المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، التي أعلن عنها مؤخرا.

وتطرقت كلينتون إلى هذه الحادثة، وقالت إن الموقف الأميركي بشأن رفض المستوطنات، التي تعتبرها واشنطن والقانون الدولي غير شرعية، «ليست نتيجة جرح كبرياء»، في إشارة إلى زيارة بايدن، بل لأنه يعرقل السلام.

يذكر أنه كان مرتقبا أن يقيم بايدن مأدبة غداء على شرف نتنياهو، للتأكيد على تخطي التوتر بينهما، وكان من المرتقب أيضا أن يلقي نتنياهو خطابا، أمس، خلال حفل عشاء مؤتمر «إيباك» بعد ساعات من لقائه كلينتون.

وحسب المكتب الإعلامي لـ«إيباك»، قبل أكثر من نصف أعضاء الكونغرس الدعوة لحضور حفل العشاء، بما فيهم قياديون في الكونغرس.

ومن جهة أخرى، أثار بيان زائف حالة ارتباك بين عدد من الصحافيين في واشنطن، حيث وصلهم عبر بريدهم الإلكتروني بيان يدعي أن «إيباك»، المعروفة بميولها اليمينية، ودفاعها المستمر عن إسرائيل وحكومتها، تطالب نتنياهو ببذل الجهد لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، وتجميد أي مشاريع استيطان جديدة في الضفة الغربية والقدس.

وحمل البيان الزائف تصريحات لافتة، مثل: «إيباك تتفق مع نائب الرئيس (الأميركي) بايدن على أن خطة الحكومة الإسرائيلية لبناء وحدات سكنية جديدة في القدس الشرقية تضعف الثقة التي نحتاجها الآن من أجل أن نبدأ مفاوضات مجزية». إلا أنه بعد اتصال مع جوش بلوك، مسؤول العلاقات الإعلامية في منظمة «إيباك»، أكد أن هذا البيان زائف، ولم تصدره المنظمة.

وامتنع بلوك عن ذكر من يعتقد أنه وراء البيان الزائف وتضليل الإعلاميين، مكتفيا بالقول «إنه مزور»، على الرغم من أنه حمل شعار «إيباك» وعنوان بلوك ورقم هاتفه الحقيقي.

وأكد عدد من الصحافيين في واشنطن لـ«الشرق الأوسط» حصولهم على البيان نفسه، مما أثار إرباكا حول موقف «إيباك»، التي لم تصدر نفيا رسميا بعد ساعات من تداول البيان الزائف.

وبينما كان استقبال الحاضرين في مؤتمر «إيباك» لكلام كلينتون حول السلام باردا، تخلله تصفيق خفيف، قوبل حديثها عندما هاجمت إيران بتصفيق وحماس شديدين، ووقوف أعضاء «إيباك» المشاركين في المؤتمر.

واعتبرت كلينتون أنه «لا يوجد تهديد استراتيجي لإسرائيل أكبر من امتلاك إيران أسلحة نووية»، وأضافت أن «الولايات المتحدة وإسرائيل ودول المنطقة والمجتمع الدولي مصرون على منع إيران من حيازة تلك الأسلحة»، وجددت الإشارة إلى خطاب الإدارة الأميركية، الذي يقول بأنه أمام إيران خياران، أما التعاون مع المجتمع الدولي أو مواجهة المزيد من العزلة.

وأكدت كلينتون، التي التقت نتنياهو، أمس، في مقر إقامته في واشنطن، أن «استثمار» الوقت في العمل على فرض عقوبات شديدة على إيران من مجلس الأمن، هو استثمار مجد، وأوضحت قائلة: «هدفنا ليس مجرد زيادة العقوبات، بل فرض عقوبات مؤلمة».

وخصص مؤتمر «إيباك» جلسات عدة لمناقشة موضوع إيران، التي اعتبرها عدد من المشاركين التهديد الأساسي لإسرائيل. وقال السيناتور إيفان بايه: «مستوى التنسيق بين الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية حول إيران اليوم لم يكن أفضل من أي وقت مضى».