الرئيس السوري يبدي استعداده لوساطة بين تركيا وأرمينيا

استقبل الرئيس الأرميني في دمشق

TT

أبدى الرئيس الأسد استعداد سورية للعب دور بهدف إيجاد أرضية مشتركة لبناء علاقات تركية أرمينية طبيعية تخدم أمن المنطقة واستقرارها. داعيا إلى «العمل لتجاوز جميع الخلافات بين البلدين (تركيا وأرمينيا)، واعتماد مبدأ الحوار للاستمرار في مسيرة بناء الثقة». جاء ذلك في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأرميني سيرغ سركيسيان أمس في دمشق.

ووصف قرار الرئيس سركيسيان بالسير في العلاقات مع تركيا «بالقرار الشجاع المستند إلى نظرة بعيدة».

وفي رد على سؤال حول الدور الذي يمكن أن تقوم به سورية في تطبيع العلاقات التركية الأرمينية، قال الأسد: «علينا أن نسارع كدولة تربطها علاقات طيبة بالبلدين إلى (حل سوء التفاهم والأخطاء)» وأضاف: «أعتقد أن الرئيس سركيسيان والمسؤولين الأرمن يثقون بنياتنا الطيبة، لذلك سوف نتحرك مباشرة في هذا الاتجاه، بعد أن لمسنا تشجيعا من الرئيس سركيسيان». معربا عن اعتقاده أن «حل أي مشكلة يجب أن يكون بيد أبنائها أولا وبيد جيرانها أو أبناء المنطقة ثانيا». وأشار الأسد إلى أن «التدخل الأجنبي أثبت عبر العقود الماضية أنه يعقّد المشكلات، وفي النهاية لا يؤدي إلى حل». وقال: «إن العلاقة بين أرمينيا وتركيا تمر بمرحلة انتقالية طبيعية وتشبه هذه المرحلة بإقلاع الطائرة التي تحتاج إلى تركيز من قائدها، وفي المراحل الانتقالية يحصل سوء تفاهم وأخطاء»، وتابع الأسد: «استمعت من الرئيس سركيسيان إلى تصوراته لكيفية تطبيع العلاقات، منطلقين في ذلك من حرصنا الكبير على أرمينيا والشعب الأرميني، ليس داخل أرمينيا وحسب، بل وفي الدول الأخرى أيضا، وذلك للعلاقة الإنسانية التي تربط بيننا وبين الشعب الأرميني بشكل عام، ومنطلقين من علاقاتنا الجيدة، التي تتطور بشكل متسارع مع تركيا».

وقد حذر الرئيس السوري بشار الأسد من أن مقابلة إسرائيل للسلام بالمستوطنات والحصار أمر ينذر بعواقب خطيرة. وقال: «نرى ونسمع كل يوم تهديدات بالحرب بدل العمل من أجل السلام، ومقابلة إسرائيل للسلام بمزيد من الحصار والمستوطنات أمر ينذر بعواقب خطيرة». وأشار الأسد، الاثنين، إلى أن الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصا الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وعملية السلام المتوقفة، وكذلك الأوضاع في منطقة القوقاز «كانت محور مباحثاتهما».

وحول العلاقات الثنائية، قال الرئيس بشار الأسد إن «المباحثات تناولت العلاقات الثنائية والآفاق الجديدة التي يمكن العمل عليها لتطوير هذه العلاقات، وأهمية استمرار تفعيل عمل اللجنة المشتركة العليا من أجل مناقشة تفاصيل الاتفاقيات الموقعة أو التي ستوقع وسبل إزالة العوائق من أمامها».

من جانبه قال الرئيس سركيسيان إن بلاده تسعى إلى تطبيع العلاقات مع تركيا وأنها تقوم بذلك منطلقة من سعيها الجدي في سبيل الاستقرار وتعزيز الأمن جنوب القوقاز، وأضاف: «الخطوات التي قمنا بها في مسألة تحسين العلاقات الثنائية شهادة ساطعة على عزمنا المضي في هذا المجال»، مشيرا إلى أن سورية تعلم أكثر من غيرها عن المعاناة التي عاشها الشعب الأرميني.

واعتبر الرئيس الأرميني أن من العوامل التي تعرقل التكامل في جنوب القوقاز هو موقف عدم التسامح الذي تتخذه أذربيجان. وقال: «أذربيجان هي الدولة الوحيدة التي ترفض إقامة التعاون الإقليمي وتثير هستيرية ذات نبرة عسكرية»، لافتا إلى أنها الدولة الوحيدة في العالم، التي تعارض التطبيع التركي الأرميني.

وحول مشكلة إقليم ناغورني كارباخ، قال سركيسيان إن «حل كل مسألة معقدة يحتاج إلى مشاركة جميع أطراف النزاع بنية حسنة، وأنا كرئيس أبحث عن حلول تمنح لسكان كارباخ إمكانية العيش بسلام على أرضهم التاريخية»، مضيفا: «انطلاقا من هذا الواقع، اقترحت على أذربيجان توقيع اتفاقية تنص على عدم استخدام القوة أو التهديد بها، وهذه الاتفاقية تساعد على إقامة الاستقرار والهدوء والسير بعملية المباحثات بصورة جيدة ولكن أذربيجان رفضت».

وأعرب سركيسيان عن استغرابه هذا الرفض وقال: «أذربيجان برفضها اقتراحنا ترفض أحد أهم المبادئ الدولية، وهذا لن يؤدي إلى نتائج جيدة». مشيرا إلى أن الوضع القائم هو «نتيجة العدوان (عدوان أذربيجان)، ونحن نواصل المباحثات في إطار مجموعة مينسك لتسوية ذلك النزاع ونأمل في أننا سنتمكن من الوصول إلى الحلول التي تساعدنا على العيش بصورة آمنة في المنطقة».

وأشار سركيسيان إلى أن مباحثاته مع الرئيس الأسد تناولت عددا من المسائل السياسية والثقافية والعلمية والفنية و«تبادلنا الآراء وأوضحنا مواقفنا حول عدد من المسائل الثنائية»، وقال الرئيس سركيسيان إنه «سيتم توقيع عشر اتفاقات للتعاون بين البلدين في مجالات الطاقة والعدل والزراعة والداخلية وغيرها من المجالات».

وكان الرئيس الأرميني سيرغ سركيسيان وعقيلته، بدأ زيارة رسمية إلى سورية أمس تستغرق 3 أيام، يرافقهما وفد رفيع، وتأتي هذه الزيارة بعد نحو 9 أشهر على الزيارة التي قام بها الرئيس الأسد إلى أرمينيا، بحث خلالها علاقات التعاون بين البلدين في جميع المجالات وتطورات الأوضاع في منطقتي الشرق الأوسط والقوقاز.