بريطانيا: تعديلا ت قانونية مقترحة لوقف «السياحة القضائية»

وزارة العدل: اعتماد قانون للنشر الواحد * لجنة برلمانية: «المرونة المفرطة» أضرت بسمعة هذا البلد

TT

كشفت الحكومة البريطانية أمس عن مقترحات جديدة تخص قوانين القذف والتشهير، تتضمن التشدد ضد إجراءات رفع مثل هذه الدعاوى والحد من ازدياد ظاهرة «السياحة القضائية» إلى بريطانيا. لكن وزير العدل جاك سترو شدد على أن الهدف هو ضمان حرية التعبير.

وقدم سترو أمس المقترحات الجديدة بخصوص قوانين التشهير، لكنه أوضح أنه سيجري نقلها إلى البرلمان المقبل المنبثق عن الانتخابات التشريعية المرتقبة في غضون أسابيع، للبت فيها. وتم تقديم هذه المقترحات بناء على توصيات توصلت إليها لجنة في مجلس العموم البريطاني أجرت دراسة حول الموضوع لمدة 18 شهرا.

وكشفت وزارة العدل على موقعها على الإنترنت أمس المقترحات الجديدة، وكان لافتا أن أهم عنصر فيها هو تغيير القانون الحالي الخاص بالنشر المتعدد واعتماد قانون للنشر الواحد، أي منع المدعى عليهم من رفع دعوى ضد كل وسيلة إعلام تردد القصة نفسها. وأوضح وزير العدل سترو في الشروحات التي عرضت على موقع الوزارة، أنه بدلا من الوضع الحالي، سيصبح بإمكان المدعى عليه رفع دعوى واحدة في غضون سنة واحدة من نشر القصة الرئيسية. إلا أنه أوضح أن مصالح الأشخاص الذين يتعرضون للتشهير سيجري الحفاظ عليها من خلال منح المحاكم سلطة توسيع مدة السنة الواحدة «عند الضرورة». وأضاف سترو أن تغيير قوانين النشر المتعدد سيضمن عدم السماح للناس بالقيام بتحرك قضائي في كل مرة يجري نشر تقرير ضدهم، كما يمنع الدعاوى القضائية «عالية التكلفة وغير الضرورية».

أما الهدف الأوسع من الإصلاحات المرتقبة فبدا أنه يتعلق بالحد من ازدياد ظاهرة «السياحة القضائية» إلى بريطانيا، أي السعي لثني أجانب عن التوجه إلى بريطانيا ورفع دعاوى أمام محاكمها ضد صحف تعمل في مناطق خارج دول الاتحاد الأوروبي لكن يمكنها بطريقة أو بأخرى الوصول إلى المملكة المتحدة.

وأوضحت لجنة الثقافة والإعلام والرياضة التابعة لمجلس العموم، أن القضاة الذين يسمحون للمتقاضين بالاستفادة من قوانين التشهير البريطانية المتسمة «بمرونة مفرطة»، قد أضروا بشكل كبير بسمعة هذا البلد. وأضافت اللجنة في توصياتها التي قدمتها بعد 18 شهرا من الدراسة، أن المشكلة «المهينة» لبريطانيا «لن تحل إلا بإجراء أكبر هزة في نظام قوانين التشهير البريطانية على مدى جيل كامل».

وتهدف المقترحات أيضا إلى الحد من الدعاوى القضائية التي يمكن أن تصل إلى المحكمة العليا. وقالت اللجنة البرلمانية في تقريرها إنها توصي بتغيير القوانين بطريقة تسمح للقضايا أن تصل إلى المحكمة العليا فقط في حال كانت الصحيفة الرئيسية التي نشرت قضية تشهير مفترضة متمركزة في بريطانيا.

وشددت اللجنة البرلمانية أيضا على ضرورة الحد من «الآثار السلبية» لقضايا التشهير على حرية التعبير، وتعديل طرق عمل تسويات المحامين مع موكليهم القائمة على مبدأ «لا رسوم إذا لم نربح». وحسب توصيات اللجنة، فإن المحامين الذين يدافعون عن موكليهم بموجب تسوية «لا رسوم إذا لم نربح»، لن يكون بإمكانهم الحصول على أكثر من 10 في المائة من التكاليف من المدعى عليهم بدل 100 في المائة، إذا ربحوا القضية.

وسعى وزير العدل سترو إلى وضع المقترحات الجديدة في إطار مساعي الحكومة لضمان حرية التعبير، فقال إن «قوانيننا الحالية الخاصة بالتشهير تحتاج إلى الوصول إلى توازن عادل بين السماح للناس بحماية سمعتهم من التشهير المفترض، وضمان حرية التعبير وحق الرأي العام في الاطلاع على الشؤون ذات المصلحة العامة، وهما ليسا بالضرورة عائقين». وأكد أن التعديلات المقترحة حاليا والخطوات التي اتخذتها الحكومة سابقا «ستعمل على إصلاح عدم التوازن» القائم.

وحدد سترو هدفا آخر للإصلاحات المطروحة، يتمثل في الحد من دعاوى التشهير «عالية التكلفة وغير الضرورية». وفي هذا الخصوص، أفادت صحيفة «الديلي تلغراف» أمس نقلا عن دراسة حديثة أجرتها جامعة أكسفورد، أن تكاليف قضايا التشهير في بريطانيا تعد مرتفعة بنسبة 100 مرة مقارنة بقضايا مماثلة جرى النظر فيها في دول أوروبية أخرى.