البحرين: البرلمان يتهم الحكومة بعدم الحفاظ على ممتلكات للدولة بقيمة 40 مليار دولار

الحكومة ترد: تقرير لجنة التحقيق «باطل دستوريا وقانونيا»

TT

وسط اتهامات برلمانية للحكومة بالتقصير في الحفاظ على ممتلكات للدولة بقيمة بلغت 15 مليار دينار بحريني (40 مليار دولار أميركي)، انسحب وزيرا المالية والعدل من جلسة البرلمان البحريني أمس، التي كانت مخصصة لمناقشة التقرير النهائي للجنة التحقيق البرلمانية بشأن أملاك الدولة العامة والخاصة، قبل أن تعلن الحكومة أن تقرير لجنة التحقيق «باطل» نظرا لتضمنه مخالفات دستورية وقانونية.

وتحقق لجنة برلمانية بحرينية منذ 29 شهرا (الدستور ينص على أن يقدم التقرير خلال 4 أشهر) في ما يعرف بالتعدي على أملاك الدولة. ويقول التقرير، الذي صدر في نحو 500 صفحة واطلعت «الشرق الأوسط» عليه، إن بعض الأراضي الحكومية التي تصل قيمتها إلى أكثر من ثلاثة ملايين دينار بحريني، تم تأجيرها بدينار واحد سنويا، والبعض الآخر تصل مساحته إلى خمسة آلاف متر مربع وتم تأجيره بثلاثة وثلاثين دينارا، في حين أن بعض الشواطئ تحولت إلى فنادق ومبانٍ خاصة من دون مقابل. ووفقا لتقرير لجنة التحقيق فإن «الجهات (الحكومية) ذات العلاقة بمحاور عمل اللجنة قد قصرت جميعها في أداء أدوارها، خصوصا وزارة المالية وجهاز المساحة والتسجيل العقاري».

إلا أن الحكومة البحرينية ترد بالقول إنه في ما يتعلق بتأجير عقارات حكومية بقيم إيجارية زهيدة وصلت إلى عشرين فلسا للمتر المربع، فـ«هذا الطرح تضمن مغالطة واضحة، حيث إن هذه العقارات مؤجرة لمدارس وجامعات ومؤسسات تعليمية خاصة في إطار الاستراتيجية الرامية إلى تعزيز دور القطاع الخاص في قطاع التعليم والتدريب وفي عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية بوجه عام».

وبحسب مصادر فإن الحكومة البحرينية اعترضت على الهجوم الذي تعرضت له من قبل النواب في جلسة البرلمان أمس، حيث فضل وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة ووزير العدل الشيخ خالد بن علي آل خليفة، الانسحاب من الجلسة احتجاجا على موقف النواب وما اعتبروه مغالطات تضمنها التقرير.

النائب عبد الجليل خليل رئيس لجنة التحقيق البرلمانية بشأن أملاك الدولة العامة والخاصة، استعرض خلال الجلسة في شرح تفصيلي بشأن ما اعتبره تجاوزات حصلت من قبل بعض الوزارات والمسؤولين، وقدر خليل قيمة الأملاك التي تمت مصادرتها بنحو 15 مليار دينار بحريني، في حين كشف عدد من النواب أنه تم تحويل ملكية مئات الآلاف من الأمتار المربعة من أراض مغمورة وغير مغمورة وسواحل تابعة للدولة لصالح أفراد ومن دون سند قانوني، وكان من بينها أراض خصصت لمدارس ولمشروعات إسكانية ومراكز شبابية، إلا أنها تحولت بين ليلة وضحاها إلى أراض خاصة.

الحكومة البحرينية سارعت لتفنيد ما جاء به التقرير، وأصدر وزيرا المالية والعدل، بعد انسحابهما من الجلسة، بيانا أشاروا فيه إلى جملة من المخالفات الدستورية تضمنها التقرير، بحسب رأي الحكومة، ولعل أبرزها أن التقرير تضمن تصرفات سابقة على نشأة مجلس النواب، «مما يخالف المادة (45) من المرسوم بالقانون رقم 15 لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى والنواب، والتي تنص على أن تقتصر رقابة كل من مجلسي الشورى والنواب في ما يتعلق بأعمال أعضاء السلطة التنفيذية وتصرفاتهم على ما يتم منها بعد تاريخ انعقاد المجلسين في أول فصل تشريعي، ولا يجوز لهما التعرض لما تم من أفعال أو تصرفات سابقة على هذا التاريخ».

وبحسب البيان الحكومي «فإنه لا يجوز لأي من مجلسي الشورى والنواب التعرض لأعمال أو تصرفات للسلطة التنفيذية سابقة على تاريخ انعقاد المجلسين في أول فصل تشريعي عام 2002، وأي تعرض لتصرفات سابقة على هذا التاريخ يعد باطلا نظرا لمخالفته لأحكام الدستور والقانون».

وتضمنت جلسة أمس مداخلات للنواب أشاروا فيها إلى أن التقرير المقدم من لجنة التحقيق في أملاك الدولة العامة والخاصة يسلط الضوء على ضرورة التحقق من مدى حسن إدارة ومراقبة الجهاز الحكومي في إدارة أملاك الدولة العامة والخاصة، وتشمل اليابسة والمغمورة أو مباني أو محلات أو منازل أو شققا، والتحقق من حسن استثمارها، والفوضى الحاصلة في حصر أملاك الدولة وعدم تطابقها مع الأجهزة المعنية بتسجيلها وتوثيقها وإدارتها، وتغيرها من سجل لآخر في العدد والمساحة والاستخدام، والتعدي على العقارات وتحويلها من أملاك عامة إلى أملاك خاصة، وإصدار وثائق ملكية بدل فاقد بالمخالفة للقانون.

وبشأن حصول حلبة البحرين الدولية، التي تستضيف سنويا جولة من جولات سباق «الفورميولا1»، على عقار تمليك وعقار انتفاع بقيمة إيجارية «دينار واحد»، ردت الحكومة بالقول إن عقار التمليك قد تم منحه للحلبة بموجب أمر ملكي، «أما عقار الانتفاع المسجل بالوثيقة 136811 فيختص بأحد أهم المشاريع التي تساهم في تطوير ومساندة قطاع الشباب والرياضة في المملكة وتكرس مكانتها على خارطة السياحة العالمية. وأسوة بما تقدمه المملكة من دعم للمرافق الرياضية الأخرى، فقد تم توقيع اتفاقية التأجير الخاصة بحلبة البحرين الدولية في يونيو (حزيران) 2009، وذلك لمدة 90 عاما اعتبارا من 1 يناير (كانون الثاني) 2009 وبإيجار رمزي قدره دينار واحد سنويا للسنوات العشر الأولى من الاتفاقية، على أن يعاد النظر في مبلغ الإيجار بعد انقضاء السنوات العشر الأولى بالاتفاق بين الطرفين».

وردا على ما تضمنه التقرير من حديث عن منع اللجنة المكلفة بالتحقيق من دخول قسم الأملاك الحكومية بوزارة المالية والإدارة العامة للتسجيل العقاري بجهاز المساحة والتسجيل العقاري، قالت الحكومة إنه تم التأكيد على تزويد اللجنة بكافة السجلات المحدثة وبكل ما توافر من معلومات، عملا بأحكام الدستور والقانون، لكن الحكومة قالت أيضا: «أما دخول مؤسسات الدولة بقصد التفتيش فإنه بالإضافة إلى تعارضه مع سرية مستندات العملاء المحتفظ بها لدى الجهات المعنية، فإنه يتنافى مع طبيعة العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، التي يتعين أن تظل في الإطار الذي حددته أحكام الدستور والقانون».