سيف الإسلام القذافي يعلن إطلاق متطرفين

اصطحب 4 قياديين من «الجماعة المقاتلة» لتناول الشاي بحضور السفير الأميركي

TT

في أحد فنادق العاصمة الليبية طرابلس التي كانت معدة لعقد القمة العربية فيها، أعلن سيف الإسلام إطلاق سراح 214 سجينا من العناصر المتطرفة التي حملت السلاح في السابق واصطحب أربعة قياديين إلى الفندق وتناول معهم الشاي في إشارة إلى أن أعداء الأمس أصدقاء اليوم. وأرسل سيف الإسلام برسائل كثيرة حول مفهوم الجهاد وأدوات المرحلة التي تتطلب الحوار، وطالب الليبيين الذين يقاتلون في جبال الجزائر ومالي وموريتانيا بالعودة إلى ليبيا والحوار والاندماج في المجتمع.

وفى مستهل حديثه، وبحضور السفير الأميركي في ليبيا ووسائل الإعلام العربية والغربية، قال سيف الإسلام إن اليوم يوم مهم جدا في تاريخ ليبيا، وقال إن الحوار مع الجماعات الإسلامية أسفر عن فتح الجسور وأهمية وجودهم في المجتمع من أجل البناء وليس الهدم. وأضاف: «نعلن اليوم وبعد مجهودات خيرة أن الدولة الليبية أطلقت سراح 214 سجينا من الجماعات المختلفة، منهم مائة لهم علاقة مباشرة مع مجموعات كانت في العراق و80 لهم علاقة بخلايا جهادية وحكم عليهم بالبراءة وتأخر إطلاق سراحهم و34 عنصرا من الجماعات الجديدة المقاتلة وعلى رأسهم قيادات الجماعة وهم عبد الحكيم خوليدي وأمير تنظيم الجهاد سالم خليفة السعدي مسؤول شعبي، وخالد شريف المسؤول الأمني والعسكري للجماعة». وتحدث عن برنامج الحوار والمصالحة قائلا: «اليوم وصلنا إلى قمة الجبل بعد الإفراج عن 705 من الإخوان والباقي نحو 409»، مشيرا إلى أن المستهدف خلال الفترة القادمة إطلاق سراح 232، وأكد أن الصفحة الجديدة تطوي جراح ومشكلات الماضي والدماء التي سالت والضحايا الذين سقطوا من رجال الأمن والإخوان. وأكد أن السجن اليوم أصبح مركزا مفتوحا للتأهيل لإعادة الجميع إلى الوطن وللبناء. ووصف ما قام به بأنه عمل قليل وعمل خير وأن الفضل لمجموعة قامت بهذا العمل منهم الشيح الصلابي والعميد عبد الله السنوسي ورجال الأمن العام والقائد معمر القذافي الذي اتخذ القرار وعفا حتى عمن كان محكوما عليهم بالإعدام وعمن حاولوا اغتياله عدة مرات.

وقال: «نبعث اليوم برسائل عدة إلى شباب ليبيا لمعرفة تجربة ونتائج من حمل السلاح وأخيرا عادوا وألقوا السلاح». وقال: «إن ليبيا ليست في حاجة لإعلان الجهاد وكل من بها مسلم وتطبق الشريعة الإسلامية وتمنع الخمور من الفنادق الخمس نجوم والقرآن هو شريعتها ونتساءل من نناضل إذن». وقال: «في السابق كنا نناضل ضد أميركا واليوم السفير الأميركي معنا وفتحنا صفحة جديدة كما أن الرئيس باراك أوباما أخرج القوات الأميركية من العراق ودعا إلى الحوار في أفغانستان». وأضاف أن الدولة الليبية تقوم بنشر الإسلام في العالم وأنشأت منظمة الدول الإسلامية في أفريقيا وآسيا وتحدث عن المتغيرات التي تشهدها ليبيا وذكر الفارق بين معاملة أجهزة الأمن الليبية وبين الأمن في دول أجنبية.

وقال: «لقد أشرفنا على كثير من العائلات الليبية التي كانت في أفغانستان وتمت إعادتها إلى ليبيا». وقال: «إن النضال من المفروض أن يكون في فلسطين، والعرب قالوا إن السلام خيار استراتيجي وهو قرار غير صائب وفي غزة بدأت حماس وفتح تطلبان وقف إطلاق عمليات الجهاد وهذا ليس سرا وهو معروف». وأشار إلى كتاب قامت الجماعات الإسلامية بتحريره عن مفاهيم جديدة في الجهاد واعتبره أهم المراجع في هذا الخصوص، وذكر الأضرار الناجمة عن حمل السلاح في المواجهات المسلحة في الجبل الأخضر ثم قال: «نحن اليوم على أبواب قفل فصل جديد كان مؤلما». واعتبر أن الحوار أفضل ضمانة للتوبة للجماعات المسلحة وردت قيادات الجماعة على سيف الإسلام في نفس المؤتمر الصحفي قائلين إن تحية سيف الإسلام لهم سوف يردون بأفضل منها وأكدوا الالتزام بالحوار وبالمصالحة، وأكدوا أن الحرية عامل كبير في نجاح الحوار والانفتاح بين أبناء الشعب الليبي.

وطبقا لما أبلغته مصادر ليبية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط»، فقد تم أمس إطلاق سراح ثلاثة من القادة السابقين للجماعة الليبية المقاتلة، حيث رافقهم العميد التهامي خالد رئيس جهاز الأمن الداخلي الليبي إلى فندق المهاري بالعاصمة الليبية طرابلس، للمشاركة في ندوة ناقشت دور ليبيا في القضاء على ظاهرة الإرهاب بالحوار والطرق السلمية.

ومثلت الندوة أول ظهور علني لقيادات التنظيم، وعلى رأسهم أمير التنظيم عبد الحكيم الخويلدي بلحاج «أبو عبد الصادق»، وقائد الجناح العسكري سامي الساعدي «أبو المنذر»، والمسؤول الشرعي خالد الشريف «أبو حازم»، علما أن المهندس سيف الإسلام، نجل العقيد القذافي، عقد أمس مؤتمرا صحافيا أعلن فيه طي صفحة الخلافات بين السلطات الليبية وهذا التنظيم.

كما شارك في الندوة الدكتور علي الصلابي، الوسيط الليبي الذي أشرف على حوار دام قرابة ثلاث سنوات بين الطرفين، انتهى إلى تأليف القادة السابقين كتاب «المراجعات التصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس»، الذي تضمن دراسات فقهية وسياسية موسعة للكثير من القضايا، التي استندت إليها الجماعات «الجهادية» في مواقفها واستخدام العنف داخل الأقطار العربية والإسلامية.

وقالت المصادر إنه من المقرر أن يتم اليوم «الأربعاء» الإفراج عن بقية قيادة الجماعة وأعضائها، لافتة إلى أن قرار الإفراج يشمل من سبق وصدر بحقهم أحكام براءة من القضاء الليبي.

وقال بلحاج في الرسالة، التي تلقت «الشرق الأوسط» نصها: «كانت لنا لقاءات يومية معهم ألقينا فيها دروسا شرحنا فيها (الدراسات التصحيحية)، وصاحب ذلك مناقشات فردية وجماعية للإجابة عن التساؤلات - لا من الجانب النظري فقط - بل دعمنا ذلك بتأصيل شرعي ومن واقع تجربتنا وعلاقاتنا، وبذلك تكون هذه الخطوة استكمالا لما أتممناه مع المجموعة الأولى من أعضاء الجماعة قبل وأثناء وبعد (الدراسات التصحيحية)». وأضاف: «كانت النتائج أفضل مما كنا نتوقع، حيث وجدنا لكلامنا قبولا باعتبارنا أصحاب تجربة واقعية واحتكاك بتيارات إسلامية مختلفة في الداخل والخارج».

وأشادت الرسالة التي تحمل توقيع بلحاج وإخوانه بدور إدارة السجن في تهيئة الظروف المناسبة والأجواء الملائمة التي تعزز غرس هذه القناعات.

وتمنى على نجل القذافي، الذي يترأس مؤسسة القذافى للتنمية، أن يأخذ هؤلاء الإخوةُ، «سواء المجموعة الأولى أو الثانية»، الذين طال مقامهم داخل أسوار السجن، مكانهم خارجه ليحملوا مشاعل الهداية والتوعية ويسهما كغيرهم من أبناء ليبيا في خدمة بلدهم ومجتمعهم، مع العلم أن كثيرا منهم يعانون أمراضا مزمنة، يزيد بقاؤهم في السجن من تفاقمها. وجادل القذافي في جلسة البرلمان وزير العدل الليبي مصطفى عبد الجليل، الذي طلب إعفاءه من منصبه قبل رفض طلبه، بسبب عدم تنفيذ أحكام القضاء الليبي بالإفراج عن المعتقلين الإسلاميين. وقال: «إذا أطلقتم سراحهم، فسيستمرون في ممارسة الإرهاب والعنف، لأنهم يكفرون المجتمع كله، كلكم كفار عندهم، إلا هم، والكافر يجب أن يُقتل، هذا ما يقولونه لأنكم لا تتبعون (القاعدة)».

لكن الوسيط الليبي، الدكتور الصلابي، قال لـ«الشرق الأوسط»، أخيرا، إن بقاء هؤلاء في السجن لا مبرر له، لافتا إلى أنه من الطبيعي أن تُحترَم أحكام القضاء وتنفذ، وإنه «ليس من حق الدولة أن تضعهم في السجن وتخالف أحكام القضاء».

ودعا السلطات الليبية إلى البحث عن وسائل أخرى لحفظ الأمن من دون التضييق على حريات الآخرين، وقال: «لا نمانع في أن يجدوا الطريقة المثلى لحفظ الأمن، لكن الأبرياء يجب ألا يظلوا أكثر من هذا في السجون.. حاسبوهم فقط على آخر ما وصلوا إليه من قناعات».