«جامعة نيويورك» تتوسع.. رغبة في منافسة كولومبيا وهارفارد

خطط لإنشاء كليات وقبول أعداد أكبر من الطلاب.. وسط تحفظات السكان المجاورين

طلاب من جامعة نيويورك يحتفلون في ميدان واشنطن المجاور للجامعة، بعد حفل تخرجهم في مايو 2007 (رويترز)
TT

تعتزم جامعة نيويورك إجراء أكبر عمليات التوسع في تاريخها من خلال إقامة برج جديد في شارع بليكر، وإضافة 3 ملايين قدم مربع من القاعات الدراسية والمباني المخصصة لإقامة الطلبة والمكاتب في قرية غرينتش. وتتضمن الخطط أيضا إنشاء أكاديمية هندسية جديدة في بروكلين وحرم جامعي في جزيرة غوفرنرز يشتمل على إسكان جامعي خاص به.

ويهدف ذلك المشروع، الذي سيزيد مساحة جامعة نيويورك بنسبة 40% خلال العشرين عاما القادمة، إلى مواكبة العدد المتزايد من الطلاب، والمنافسة مع الجامعات الأخرى من ناحية المقام أو التمويل. وستقتضي الموافقة على ذلك المشروع، الذي لاقى حتى الآن ردود فعل متشككة من المسؤولين عن الأحياء المجاورة، موافقة الهيئات المختصة بشؤون المدينة.

وقال نائب العمدة، روبرت ليبير، وهو أحد كبار المسؤولين عن التنمية الاقتصادية، إن الموافقة على خطط الجامعة ليست مؤكدة، مضيفا: «لقد كانت الخطط مدروسة بعناية، ولكن ذلك لا يعني أنهم سيحصلون على ما أرادوا بالضبط. هناك عدة مناقشات هنا» بشأن المشروع.

يشار إلى أن الجامعة كانت دائما ما تصطدم مع الأحياء المجاورة حول خطط التوسع التي قدمت خلال العقود الماضية، والتي كانت أقل طموحا من الخطة الحالية. ومن جهتهم، أقر المسؤولون بجامعة نيويورك بأن الخطط السابقة لم تكن متكاملة، وأن التصميمات التي قدمت كانت غير مميزة، مؤكدين أنهم بذلوا جهودا حثيثة هذه المرة لتقديم خطة لا تضر بالمناطق المحيطة أو بالجودة المعمارية أو بمصالح المقيمين.

من جهته، قال جون سيكستون رئيس الجامعة، في حوار أجري معه على الهاتف من قطر على مقربة من الحرم الجامعي الجديد لجامعة نيويورك بأبوظبي: «من الواضح أن لجامعة نيويورك تاريخا طويلا من المضي قدما دون إصغاء، ولكن تلك العملية سمحت لنا بأن نستغل الحكمة المتوافرة بالخارج. هناك بعض الأشخاص الذين يحاولون كسب نقاط من خلال مهاجمة جامعة نيويورك، ولكن المجتمع يتحلى بالحكمة أيضا».

يشار إلى أنه بين عامي 1991 و2001 كان عدد الطلاب الذين يعيشون في السكن التابع لجامعة نيويورك قد وصل إلى 3 أضعافه، حيث بلغ 12 ألفا، بعدما كان 4 آلاف، وذلك عندما ازدادت شهرة الجامعة على المستوى المحلي. (في بداية التسعينات كان 50% من الطلاب يأتون من المناطق المدنية، ولكن الآن انخفض ذلك الرقم إلى نحو 10 أو 15%). وبحلول عام 2031، تتوقع الجامعة أن يصل عدد الطلاب بها إلى نحو 46500 طالب، وهو ما يزيد عن العدد الحالي الذي يبلغ 41 ألفا.

وتهدف الجامعة إلى أن تتمكن بحلول عام 2031 من إضافة 240 قدما مربعا لكل طالب، حيث إن الطالب الآن لا يحصل إلا على 160 قدما، وفقا للدراسة التي أجرتها الجامعة نفسها مقارنة بجامعة كولومبيا التي تبلغ مساحة الطالب فيها 326 قدما، فيما تبلغ مساحة الطالب في هارفارد 673 وفي ييل 866. وتطالب تلك الخطط بإضافة 6 ملايين قدم مربع من المساحة، وهو أمر يتوقع أن يتكلف 1000 دولار لكل قدم مربع، إلى مساحة 185 مليونا تحتلها الجامعة حاليا، بالإضافة إلى عمليات التطوير التي بدأت في هدوء عام 2006، التي وصلت بالفعل إلى 787 ألف قدم مربع.

ويقول سيكستون: «لكي تكون نيويورك مدينة عظيمة، نحن بحاجة إلى أن تصبح الجامعة عظيمة. نحن بحاجة إلى تلك المساحة الإضافية لندير برامجنا الأكاديمية وتكون لدينا الجامعة التي تقدم تلك البرامج الأكاديمية، وأن يكون لدينا الطلاب الذين يحضرون فيها، وذلك لنتمكن ليس فقط من خلق طلاب حاملين لتلك المعلومات، بل سفراء نيويورك إلى المستقبل». وستقوم الجامعة بحشد التأييد المحلي لخططها من خلال سلسلة فعاليات ستقام في أبريل (نيسان) المقبل، وسيكون عليها الفوز ببعض معارضيها الأساسيين، الذين لديهم مخاوف من تأثير تلك التوسعات على المنطقة التاريخية. ففي ميدان واشنطن المجاور، ستخلق الجامعة ما يزيد قليلا عن الدور الأرضي من مبني الإمباير ستيت.

ويقول أندرو برمان المدير التنفيذي لـ«جمعية الحفاظ التاريخي على قرية غرينتش»: «إننا قلقون للغاية. يبدو أن جامعة نيويورك قد بذلت جهودا حثيثة في مجال الدعاية لمشروعها، ولكن الحقيقة ستظل كما هي، حيث إنهم يستولون على المزيد والمزيد من الحي. لقد تركوا الفرصة للجميع ليدلي برأيه لكنهم تجاهلوا كافة الآراء التي جاءتهم».

وفي بروكلين، تريد جامعة نيويورك أن تبني مليون قدم مربع لإقامة أكاديمية هندسية جديدة في مبانيها بوسط مجمع متروتيك، وهو الموقع الخاص بجامعة البوليتكنيك. وقد أصبحت جامعة نيويورك تابعة للبوليتكنيك عام 2008 وستندمج مع الجامعة خلال السنوات الثلاث أو الخمس القادمة لتبدأ أكاديمية هندسية خاصة بها. وفي جزيرة غوفرنرز، تعتزم الجامعة إنشاء أكاديمية تجمع بين عدة مدارس أكاديمية مختلفة حول قضية محددة مثل مستقبل المدن. وستنتقل كلية التمريض الخاصة بجامعة نيويورك إلى «ردهة الصحة» التابعة للجامعة، بالإضافة إلى «فيرست أفينيو» في العشرينات والثلاثينات من «إيست» للمشاركة في فضاء جديد مع كلية طب الأسنان (لقد نشأت كلتا الكليتين قبل 3 سنوات).

ولا تتضمن خطط جامعة نيويورك معلومات محددة حول مواقع البناء والتوقيت، حيث إن خطة 2031 ما هي إلا إطار عمل للتوسع عبر عشرين عاما، وليست خطة تفصيلية لتلك التوسعات. وتقول لين براون، أحد نواب رئيس الجامعة: «إن الأمر يختلف عن تقديم خطة للحصول على درجة علمية تقتضي بأن تحدد كل شيء».

من جهة أخرى، قال عدة مسؤولين إنهم في انتظار مزيد من التفاصيل قبل أن يقرروا ما إذا كانوا سيوافقون على تلك الخطط. ويقول كوت سترينغر، رئيس منطقة مانهاتن: «من الضروري أن تتوسع مراكزنا للتعليم العالي (كولومبيا، وفوردهام، وجامعة نيويورك) إذا كنا نرغب في تعزيز اقتصاد نيويورك، ولكن يجب عليهم أن يعالجوا المخاوف المجتمعية حتى لا ينظر لتلك التوسعات باعتبارها توسعات تتم على حساب الأحياء المجاورة». وأضاف: «فسرعان ما سيتم الإعلان عن تلك الخطة، حيث إن التفاصيل مهمة للغاية، فقد حان وقت العرض».

ويقود سترينغر فريق عمل لتطوير جامعة نيويورك يضم رئيسة المجلس كريستين كوين، والنائب جيرولد نادلر. وفي المرحلة المبكرة من وضع الخطة، كان هناك أربع شركات تصميم تساعد الجامعة، هي: «إس إم دبليو إم»، و«توشيكو موري»، و«غريمشو أركتكت»، و«ألين بارتنرشيب». وقد بقيت «موري» و«غريمشو» للمساعدة الجامعة في تطوير الحي المجاور وقد اشترك معماريون آخرون. ويعمل كوبر، وروبرتسون وبارتنرز على تصميم موقع برولكلين فيما يعمل المعماري ميشيل فان فالكنبرغ على تصميم جزيرة غوفرنرز، وبولشك على رواق الصحة. وقد عقدت الجامعة اجتماعات مفتوحة لتمنح الجمهور فرصة معرفة المزيد حول خططها وتجيب عن تساؤلاتهم، لكن المتحفظين مثل برمان أعربوا عن انزعاجهم من الطريقة التي عالجت بها جامعة نيويورك مسرح «بروفنستاون بلايهاوس» التاريخي في شارع مكدوغال، الذي تعمل الجامعة على تحويله إلى مركز بحثي لكلية القانون. وعلى الرغم من حفاظها على واجهة المبنى، فقد أزالت جزءا من المبني، قائلة إنه لم يكن ملائما من الناحية المعمارية.

فيما أعرب البعض الآخر عن مخاوفه بشأن خطط الجامعة لبناء البرج الرابع بمجمع «سيلفر تاور» في شارع بليكر، الذي صممه «آي إم بي»، وتم افتتاحه عام 1966 وتطويره عام 2008، ولكن جامعة نيويورك قالت إنها تعتزم ترك مساحات مفتوحة في الزوايا الأربع. ويجب على خطط الجامعة لجزيرة غوفرنرز أن تتنافس مع العروض الأربعة الأخرى، التي سوف يتم تقديمها لجمعية التعليم والحفاظ على جزيرة غوفرنرز. وتشمل خطة 2031، إنشاء مسارح جديدة، وتصميم محال، وإقامة استوديوهات لعروض أكاديمية «تيسك» للفنون في المبنى الذي يقع بشارعي لافاييت، وإيست فورث.

وبموجب الخطة، ستكون نصف المساحة الجديدة في أماكن منعزلة، فيما سيكون نصفها الآخر على مسافات يتم قطعها سيرا على الأقدام في قلب ميدان واشنطن. ويقول براون: «يجب أن نعرف حدود حرمنا الجامعي في قرية غرينتش لتلبية خططنا الأكاديمية الكبرى».

* خدمة «نيويورك تايمز»