«القاعدة» تتجه لتجنيد الأجانب بعد ارتفاع نسبة الوعي لدى السعوديين

القيادة والتدريب وإدارة التنظيم من أبرز الأدوار الموكلة إليهم

TT

القيادة والتدريب والتمويل وتحضير العناصر وحتى إدارة التنظيم، جميعها أدوار يجسدها الأجانب من غير السعوديين في مسلسل تنظيم القاعدة وخلاياه الإرهابية، والذي كان آخر أحداثه اكتشاف الجهات الأمنية السعودية يوم أمس لخلية إرهابية مكونة من 101 شخص شكل الأجانب منهم 51 إرهابيا، والذين كانوا يخططون لتفجير منشآت حيوية في الدولة.

مشاركة الأجانب في أعمال الفئة الضالة داخل السعودية ليست بالأمر الجديد، غير أنها شهدت زيادة في الآونة الأخيرة نتيجة أسباب عدة، من ضمنها صعوبة تجنيد الشباب السعودي لمثل تلك الأعمال نتيجة ارتفاع نسبة الوعي في المجتمع السعودي، مما جعل تنظيم القاعدة يضطر إلى «أجنبة» عناصره بشكل كبير.

وباعتبار أن خلايا تنظيم القاعدة تشكل استهدافا خارجيا للسعودية، فإنه من المؤكد اعتمادها على عناصر أجنبية من خارج الدولة لتنفيذ مخططاتها، وذلك بحسب ما أوضحه لـ«الشرق الأوسط» اللواء منصور التركي، المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية السعودية.

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «يجد تنظيم القاعدة حاليا مصاعب كثيرة في تجنيد السعوديين بعد ارتفاع مستوى الوعي في الأمن الفكري وانكشاف الضلال في فكر ونشاطات الفئة الضالة، مما جعله يلجأ إلى عناصر غير سعودية».

ولفت إلى أن السعودية مستهدفة من قبل تنظيم القاعدة في الخارج، الأمر الذي يجعل تلك الخلايا تبنى على عنصر غير سعودي في إعداد المخططات وأعمال التجنيد، مؤكدا أن العنصر الأجنبي في تزايد باعتبار أن التنظيم بات يعوّل كثيرا عليه بعد إخفاقه في تجنيد الشباب السعودي.

وأضاف «تعتبر أدوار الأجانب التي يلعبونها في تنظيم القاعدة مختلفة، عدا عن أن لكل منهم دورا يناسبه، إلا أن غالبية خلايا الإرهاب في السعودية تخضع لإدارة تنظيم أجنبية لتوجيه السعوديين والتغرير بهم كي يصبحوا انتحاريين أو يستفاد منهم في الإيواء والتمويل وجمع الأموال بما يخدم أغراض وأهداف تنظيم القاعدة».

وحول أكثر الدول الأخرى نسبة من حيث أعداد الإرهابيين المشاركين في مخططات ضد السعودية، أفاد المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية بأنه من الصعب جدا تحديدها، خاصة أن الإرهاب لا دين له ولا جنسية، مشيرا إلى أن تنظيم القاعدة لا يستهدف جنسية معينة بقدر ما يسعى للبحث عن شخص متحمس لقضايا المسلمين، والتغرير به بهذه الوسيلة.

وأضاف «إن ذلك التغرير والإقناع بأن ما تقوم به (القاعدة) يصب في مصلحة الشريعة الإسلامية انكشف داخل السعودية، الأمر الذي جعل المجتمع السعودي قادرا على حماية نفسه ووقايتها من ذلك الفكر ومحاولاته»، مبينا أنه في حال وجد تنظيم القاعدة مبتغاه بأي دولة فإنه سيعمل على تجنيد شبابها إذا ما كانوا مهيَّئين للاستدراج والتورط في الأنشطة الإرهابية.

بينما يرى اللواء المتقاعد يحيى الزايدي، الخبير الأمني السعودي، أن تنظيم القاعدة يعد مفتوحا للكل، موضحا في الوقت نفسه أن انضمام الأجانب إلى ذلك التنظيم يبقى مستمرا ما داموا وجدوا الدعم والتدريب في المناطق التي تحتضنهم وتوظفهم وفق أهداف التنظيم.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «بعد أحداث جنوب السعودية وحرب الحوثيين اتضح تمركز تنظيم القاعدة في اليمن، والذي يضم يمنيين وصوماليين وغيرهم من الجنسيات الأخرى»، مشيرا إلى أن الهدف من ذلك خلق البلبلة والزعزعة في استقرار السعودية، كونها تتمتع بأجهزة أمنية متطورة.

وأبان الخبير الأمني السعودي بأن عملية اكتشاف الشبكة الإرهابية يوم أمس شملت الوصول إلى العناصر الدخيلة من خارج السعودية، الأمر الذي جعل عدد أفرادها كبيرا، مضيفا «تظل الأمور بحاجة إلى اهتمام وعناية من قبل كل الأجهزة والمواطنين».

واستطرد في القول «استطاعت السعودية أن تكون بمثابة مدرسة لعملية مكافحة الإرهاب، خصوصا أن الكثير من الدول الأخرى بدأت في تطبيق برامج المملكة وخططها من أجل محاربة الإرهاب»، مؤكدا أن العناصر غير السعودية المشتركة في تنظيم القاعدة تجد من يدربها في الخارج.

وأرجع اللواء المتقاعد يحيى الزايدي سبب زيادة أعداد الأجانب المنضمين لتنظيم القاعدة إلى عدم قدرة ذلك التنظيم على وجود مكان له داخل السعودية، مما جعله يتمركز في دول أخرى خارجها ومن ثم يستعين بأفراد خارجيين.

وزاد «بدأت أعداد غير السعوديين الإرهابيين والمشاركين في أعمال تخريبية داخل السعودية في الزيادة بعد أحداث حرب الحوثيين، لا سيما أن تنظيم القاعدة بات يحضر للدخول إلى المملكة عبر مناطقها الحدودية الواسعة أو التسلل بجوازات سفر وأسماء مستعارة، أو حتى عن طريق تأشيرات العمرة والحج والتستر بالدين».

وبالعودة إلى المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية السعودية، لفت إلى أن استهداف تنظيم القاعدة للسعودية كان يعول في البداية على السعوديين، في حين وجد الأجانب لهم أدوارا قيادية إلا أنها بعدد محدود مقارنة بالسعوديين.

وأضاف «مع إخفاقات الخلايا الإرهابية وفضح نواياهم وضلال أفكارهم، إلى جانب الوعي الذي وصل إليه المجتمع، بات من الصعب عليها تجنيد الشباب السعودي ببساطة، مما جعلها تلجأ إلى غيرها من المسلمين».

وزاد «جاء تزايد أعداد العناصر غير السعودية ممن يعملون في مخططات تستهدف الدولة متزامنا مع نجاح الجهات الأمنية في إحباط تلك المخططات وبدء مواجهة صعوبات تضليل الشباب في ضوء الحملات التوعوية التي تقوم بها وزارة الداخلية والجهات الأخرى ذات العلاقة لفضح هذا الفكر وضلاله».