علاوي لـ «الشرق الأوسط»: تلويح المالكي باستخدام الجيش دليل على رفض التداول السلمي للسلطة

رئيس القائمة العراقية: أتحداهم جميعا أن يكون هناك من تصدى لصدام بقدر ما تصديت له

إياد علاوي (أ.ف.ب)
TT

أوضح الدكتور إياد علاوي، رئيس الوزراء الأسبق ورئيس القائمة العراقية أن «القائمة تخوض حوارات منذ فترة مع عدد من التكتلات والأحزاب والشخصيات السياسية الوطنية، مثل التحالف الكردستاني الذي يضم الحزبين الكرديين الرئيسيين (الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال طالباني، والديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني)، وكذلك مع المجلس الإسلامي الأعلى (بزعامة عمار الحكيم)، والتيار الصدري (بزعامة مقتدى الصدر)، وشخصيات وطنية أخرى»، منوها بأن «هذه مجرد حوارات وليست مفاوضات لتشكيل تكتل برلماني أو الحكومة المقبلة؛ إذ لا يزال الحديث مبكرا عن تشكيل الحكومة».

وقال علاوي لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مكتبه في بغداد أمس، إن «سبب عدم وجود مفاوضات حقيقية لغرض تكوين تكتل برلماني أو لتشكيل الحكومة القادمة هو عدم ظهور النتائج النهائية للانتخابات، ونحن في انتظار إعلانها بصورة رسمية يوم الجمعة (غدا) مثلما صرح الإخوة في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات»، مشيرا إلى أن «قائمتنا شكلت لجنة للتفاوض مع بقية الكتل والأحزاب برئاسة نائب رئيس الوزراء رافع العيساوي، وعضوية عدد من أعضاء القائمة، بينهم أسامة النجيفي ومحمد علاوي وحسين الشعلان، وستبدأ هذه اللجنة في المفاوضات مع الكتل السياسية الأخرى الأسبوع القادم، أي بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات رسميا».

وعبر الرئيس الأسبق للحكومة العراقية عن «استيائنا بسبب التصعيد واللغة والألفاظ غير المبررة وغير المقبولة وغير المسؤولة أيضا التي تطلق من قبل البعض ضد قائمتنا أو ضد قياديين في القائمة العراقية وقبل الإعلان الرسمي عن النتائج النهائية للانتخابات»، وقال: «نحن نعرف أن جزءا كبيرا من إدارة العملية الانتخابية تتحمله الحكومة وليس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وكان يفترض بالحكومة أن توفر ما يقتضى من وسائل دعم لإنجاح عمل المفوضية من جهة، وإنجاح التجربة الديمقراطية من جهة ثانية، واحترام إرادة الناخب العراقي، وهنا أعني أنه كان عليها (الحكومة) توفير قوائم صحيحة ودقيقة بأسماء الناخبين وتوفير المراكز الانتخابية الكافية سواء داخل وخارج العراق، وهناك أخطاء أدت إلى تقليص المراكز الانتخابية في الخارج، خاصة في سورية، وإن هناك ما يقرب من ربع مليون ناخب في التصويت الخاص غابت أسماؤهم من سجلات التصويت الخاص والعام، وهذا يعد سوء إدارة من قبل الحكومة وليس من قبل المفوضية».

وأضاف علاوي قائلا: «نحن لا نقول ذلك دفاعا عن المفوضية، بل نشير هنا إلى الأخطاء التي ارتكبت ونحدد من كان السبب في هذه الأخطاء، وفي المقابل هناك قصور في عمل المفوضية (العليا المستقلة للانتخابات)، وأنا كنت أول من حذر من إمكانية حدوث عمليات تزوير أو خروقات في عمليات فرز وعد الأصوات بعد أن صارت هناك مشكلات وأجواء غير صحيحة قبيل وخلال وبعد العملية الانتخابية؛ من إرهاب وتخويف وتفجيرات وقصف لمناطق معينة في بغداد وخارجها، واستخدام طائرات الهليكوبتر التابعة للدولة لإلقاء منشورات ضد قائمتنا وضدي شخصيا»، منبها إلى أن «الحكومة ردت على تحذيراتنا وقالت إن هذه الانتخابات نزيهة وشرعية، ثم أصبحوا اليوم، ومن وصف الانتخابات بالنزيهة، يصرون على مطالب غير معقولة باعتراضهم على الفرز والعد الآلي ويريدون فرز وعد الأصوات يدويا».

واعتبر علاوي التلويح باستخدام الجيش، حسبما جاء في بيان رئيس الحكومة نوري المالكي باعتباره «القائد العام للقوات المسلحة»، دليلا «على أنهم غير مؤمنين بالتداول السلمي للسلطة، وهذا ما كنا قد اتفقنا عليه عندما كنا في المعارضة وفي مؤتمراتها،وهم (حزب الدعوة) لم يكونوا معنا في المؤتمر الوطني (الذي كان يجمع قوى وأحزاب المعارضة باستثناء حزب الدعوة الإسلامية الذي يتزعمه اليوم المالكي)، وربما كان سبب عدم انضمامهم لمؤتمرات المعارضة هو أنهم ضد مبادئ سيادة القانون والديمقراطية التي كنا قد اتفقنا عليها، بدليل تلويحهم باستخدام الجيش، أو التهديد بفصل محافظة البصرة وإعلانها جمهورية، ولا أدري أية جمهورية يعنون ولمن ستتبع»، مشيرا إلى أن «هذه محاولات لبث الذعر والخوف في نفوس المواطنين ولأسباب غير منطقية وغير مقبولة».

وقال علاوي إن «هناك طرقا قانونية معروفة للاعتراض على النتائج بعد الإعلان عنها رسميا، وهناك فترة محددة لتقديم الطعون والاعتراضات، ونحن سجلنا اعتراضاتنا لدى مفوضية الانتخابات بوجود خروقات خلال العملية الانتخابية، بينها 36 خرقا اعتبرت ضمن الخروقات الحمراء، أي إنها مثبتة بالأدلة»، منبها إلى أنه «كان يفترض بقائمة (دولة القانون)، وبرئيس الوزراء أن يتصرف كرئيس وزراء لكل العراق والعراقيين، وليس رئيسا لحزب أو لقائمة مرشحة للانتخابات، وكان يفترض به أن يتخذ موقفا عراقيا يمثل كل العراقيين».

واستهجن علاوي وبشدة ما أثير من ادعاءات حول عدم عراقية أمه، وقال: «أنا أتشرف كثيرا كون أمي (رحمها الله) لبنانية ومن عائلة عسيران المنحدرة من جنوب لبنان، وتعود إلى قبيلة بني أسد العربية، العريقة في محاربتها للاستعمار الفرنسي؛ إذ لعبت هذه العائلة أدوارا وطنية وقومية نضالية رائعة وساهمت في بناء العراق في العهد الملكي، ثم الدولة اللبنانية خلال الأربعينات، وأن أخوالي وأقارب أمي كانوا باستمرار رؤساء مجلس النواب أو الحكومة أو وزراء في الحكومة اللبنانية»، موضحا أن «اثنين من أشقاء والدتي كان قد حكما عليهما الإعدام من قبل القوات الفرنسية المحتلة، لهذا هربا إلى العراق مع شقيقتهما، كما فر أبناء عمومتهم إلى بلدان أخرى كونهم كانوا مطلوبين من قبل الفرنسيين لمواقفهم الوطنية الشريفة، وكان ذلك قبل تأسيس الدولة العراقية الحديثة، وحملت الجنسية العراقية منذ تأسيس الدولة، أي عام 1921، قبل أن يتعرف عليها والدي ويتزوجها».

وقال علاوي: «لنرَ إلى أي مستوى بلغ الرخص بطروحات البعض، وصار في العراق من جنسيته هندي أو أفغاني أو باكستاني أو إيراني أو تركي يحترم أكثر، ولكن أن تكون أم مواطن عراقي لبنانية فهذه سُبة، وهذا أسلوب رخيص لا يُرضي الخلُق العراقي ولا العربي ولا الإسلامي».

ووصف رئيس القائمة العراقية الوطنية ما يجري من تحريض وتهديد لقائمته بأنه «أربك الشارع والمواطن العراقي، فمرة التلويح باستخدام الجيش، ومرة دفع الناس للخروج بمظاهرات، ونحن نستطيع أن نلجأ إلى مثل هذه الأساليب ونخرج بمظاهرات بآلاف من العراقيين، لكننا نحتكم إلى القانون، واحتكمنا إلى قانون مفوضية الانتخابات وقدمنا اعتراضاتنا. وعلى كل، فنحن في انتظار النتائج، ولكل حادث حديث».

وحول ما جاء على لسان علي الأديب، نائب رئيس حزب الدعوة الإسلامي، من اتهامات بأن القائمة العراقية تمثل عودة حكم النظام السابق، قال علاوي: «أنا أتحداهم جميعا، ومن دون استثناء أن يكون هناك من تصدى لنظام صدام حسين بقدر ما تصديت له أنا، وبقدر تصدي رموز بارزة في القائمة العراقية، أو أن أحدهم ضحى وقدم تضحيات بقدر تضحياتي منذ أن كنت طالبا في كلية الطب بجامعة بغداد، حيث كان العراق كله مفتوحا أمامي لكنني رفضت العمل مع النظام السابق وعارضته ووقفت في وجهه، وإن ما يقوله البعض من تصريحات تحاول تشويه سمعتنا الوطنية أو سمعة قائمتنا مردود عليه، وهذا دليل إفلاسهم السياسي». وقال: «لو كانت عندهم الرغبة لبناء العراق، لكانوا فعلوا ذلك خلال السنوات الأربع التي حكموا خلالها البلد، ولما كانت الأحوال قد وصلت إلى السوء الذي عليه الآن من غياب الخدمات والركود الاقتصادي، ولولا الدعم الأميركي، وجهود الصحوات لكان الأمن قد تدهور أكثر. ولهم أن يسألوا أنفسهم عما حققوه خلال فترة حكومتهم التي ستنتهي ولايتها قريبا».

وفي رده على سؤال عما إذا كان سيصبح رئيس الحكومة العراقية المقبلة، قال: «هذا يعتمد على النتائج أولا، وعلى قرار قيادة القائمة العراقية ثانيا، وسيكون لي الشرف إذا ما كلفت بتشكيل الحكومة القادمة»، مضيفا: «أنا شخصيا، كإياد علاوي، أحمل على صدري أوسمة مهمة؛ أبرزها قيامي بالتصدي للنظام الدكتاتوري السابق. والثاني هو قيامي ببدء العملية الديمقراطية في العراق بعد حكم دكتاتوري استمر لأكثر من 35 سنة عندما ترأست أول حكومة وطنية بعد تغيير النظام وأشرفت وهيأت لأول انتخابات ديمقراطية في العراق، وعندما لم نفز في الانتخابات سلمنا السلطة بكل محبة واحترام لإيماننا بالقيم الديمقراطية. والوسام الثالث هو أني لعبت دورا بارزا في قبر الطائفية السياسية في العراق ونلت أصوات العراقيين من من يسمون بالشيعة والسنة والمسيحيين، فهؤلاء صوتوا للإجماع الوطني ولرفض الطائفية السياسية، وهذا مصدر اعتزاز وشرف كبير لي».