التيار الصدري مرشح للعب الدور الذي لعبه التحالف الكردستاني في الحكومات السابقة

أداؤه الجيد في الانتخابات سيعطيه نفوذا أكبر مما منحه إياه سلاحه

TT

يبدو أن الأكراد، الذين يمثلون أقوى حليف للولايات المتحدة داخل العراق وعنصرا مهما على الساحة السياسية، يخسرون جزءا من نفوذهم لصالح تيار معاد للولايات المتحدة كان له أداء جيد، بخلاف التوقعات، في الانتخابات البرلمانية التي جرت الشهر الحالي.

ومن المتوقع أن يتمتع التيار الصدري، التابع لرجل الدين مقتدى الصدر والذي قاتل مسلحون تابعون له الأميركيين وقيل إنهم كانوا مسؤولين عن بعض أسوأ أعمال عنف شهدها العراق خلال الأعوام الأخيرة، بدور أكبر في البرلمان الجديد. وقد اتجه هذا التيار الشيعي إلى العمل السري بدرجة كبيرة، لكنه تمكن من العودة بقوة عن طريق تكوين منظمة سياسية ذكية، بالإضافة إلى جناحها المسلح.

مقابل ذلك، تراجع التحالف الكردستاني الموالي لأميركا بسبب تشتت الناخبين الأكراد، وذلك حسب ما أفاد به تقرير مبدئي عن عملية الانتخابات التي جرت في السابع من مارس (آذار). وعلى الرغم من أن الأكراد كانوا العنصر الأكثر أهمية في الحكومات الماضية، فإنهم من المحتمل أن يتقاسموا الدور الذي كانوا يلعبونه مع الصدريين في الوقت الذي يسعى فيه أكبر تكتلين حصلا على أصوات انتخابية - وهما قائمة العراقية العلمانية التي يتزعمها إياد علاوي وائتلاف دولة القانون التابع لرئيس الوزراء نوري المالكي - إلى تشكيل ائتلاف حاكم.

ويقول المحلل السياسي إبراهيم الصميدعي «كانت لدى الصدريين قوة عسكرية وسياسية تفوق ما لدى الحكومة، ولكنهم أساءوا استخدامها، وانتهى الأمر بهم داخل السجون أو في المنفى. أما الآن فإنهم يستخدمون نفوذهم السياسي بمهارة كبيرة، وسيجدون أن اللعبة السياسية تعطيهم نفوذا أكبر ودورا أوسع مما منحهم إياه سلاحهم».

وفي عام 2006، لعب الصدريون دورا في اختيار المالكي، وهو شيعي، رئيسا للوزراء. وبعد عامين اثنين رضخ المالكي لضغوط أميركية، وعبأ الجيش العراقي لاستهداف الميليشيات الصدرية (جيش المهدي) خلال هجوم ناجح. لكن بدلا من التلاشي، أعاد الصدريون تنظيم أنفسهم وحولوا اهتمامهم من الكفاح المسلح إلى التخطيط الاستراتيجي السياسي.

وقبل الانتخابات الأخيرة كان الصدريون بين التكتلات الوحيدة في العراق التي قامت بتثقيف الناخبين حول النظام الانتخابي المعقد داخل البلاد. وعلى الرغم من أنهم قاموا بترشيح 52 مرشحا وسط أكثر من 6000 مرشح خاضوا غمار الانتخابات في مختلف الأنحاء، فقد كانوا بارعين في اختيار المقاعد التي يستهدفونها. ونتيجة لذلك، فإنهم من المتوقع أن يحصلوا على ما يصل إلى 40 مقعدا في البرلمان المقبل، الذي يتكون من 325 مقعدا، فيما يحتمل أن يحصل حلفاؤهم الشيعة على ما يزيد قليلا على 20 مقعدا.

ويأتي النجاح الانتخابي الذي حققه الصدريون، في وقت سيطرت فيه شكوك حول قوة التحالف الكردستاني، الذي يمثل دعامة أساسية لأميركا. ويواجه الحزبان الكرديان الرئيسيان تحديا داخليا من حركة منشقة يطلق عليها حركة «غوران» (التغيير)، ومن المتوقع أن تحصل هذه الحركة على 8 أو 10 مقاعد في البرلمان. وخسر التحالف الكردستاني، المكون من الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، مقاعد في محافظات ديالى ونينوى المختلطتين عرقيا، فيما تبين وجود إقبال كبير من جانب العرب السنة، الذين منعتهم أعمال العنف من المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي عقدت في ديسمبر (أيلول) 2005.

ومن المتوقع أن يحصل التحالف على نحو 42 مقعدا في البرلمان الجديد. ويشار إلى أنه في البرلمان السابق، الذي كان عدد أعضائه 275 عضوا، حاز التحالف 50 مقعدا، ودعمه 8 مشرعين من أحزاب كردية أخرى. ويكتنف الغموض حركة «التغيير»، إذ لا يعلم أحد الجانب الذي سيميل إليه المشرعون التابعون لها. ويقول المحلل الصميدعي «يعتمد دور الأكراد إلى حد كبير على ما ستقوم به حركة التغيير، فإذا اتبعت الحركة نهجا تصادميا مع التحالف الكردستاني.. سوف يتلاشى النفوذ الذي يتمتع به الأكراد».

والجمعة الماضي، جلس حكيم الزاملي، المرشح الصدري في الانتخابات البرلمانية، في الصف الأمامي لمصلين في بغداد، وكان يحيط به المعجبون الذين سارعوا إلى احتضانه وتقبيل خاتمه. وعلى عكس الكثير من الساسة العراقيين، يميل المرشحون الصدريون إلى العيش والصلاة داخل الأماكن التي يخططون لخدمتها. ويقول الزاملي، الحاصل على أعلى الأصوات داخل بغداد والمقرر أن يحوز مقعدا داخل البرلمان «يخشى الجميع من التيار الصدري في الوقت الحالي». يذكر أن الزاملي كان وكيلا سابقا لوزارة الصحة، واعتقلته الولايات المتحدة لأكثر من عام. ووجهت إليه اتهامات بإدارة ميليشيا من خلال الوزارة، وكان يعتبر لاعبا مهما في الحرب العرقية التي أصابت العراق بالشلل. وفي المقابل يقول إنه كان يدافع عن الوزارة من «الإرهابيين».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»