غياب الصور والتصريحات المشتركة عقب لقاء «أوباما ـ نتنياهو» يظهر الفجوة بينهما

اليمين الإسرائيلي المتطرف : نحن نقوي رئيس الوزراء أمام الرئيس الأميركي ولا نحرجه

بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصوله إلى البيت الأبيض أول من أمس (أب)
TT

بلغ الخلاف الأميركي – الإسرائيلي مستوى جديدا هذا الأسبوع مع ظهور تباين واضح بين البلدين على خلفية إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على التمسك ببناء 1600 وحدة سكنية في القدس الشرقية المحتلة، خلافا للقانون الدولي.

وفي رسالة واضحة حول إصرار إسرائيل على البناء في القدس الشرقية، أعلنت أول من أمس عن بناء المزيد من الوحدات السكنية، وذلك قبل دقائق من بدء لقاء بين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما، في البيت الأبيض، مساء أول من أمس.

وأكد البيت الأبيض وجود «نقاط اتفاق ونقاط خلاف» مع إسرائيل بعد اجتماع نتنياهو وأوباما، وسط تساؤلات حول المرحلة المقبلة من العلاقات بين البلدين. وزار نتنياهو البيت الأبيض مساء أول من أمس من دون عقد مؤتمر صحافي أو حتى التقاط صورة مع الرئيس أوباما، في مؤشر جديد على بعد المسافة بينهما. وفي مؤشر إضافي إلى عدم التوصل إلى اتفاق أو تقريب وجهات النظر بينهما، لم يصدر البيت الأبيض بيانا حول اللقاء، وهو تقليد معتاد. وامتنع مسؤولون في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية عن التعليق على مضمون اجتماع أوباما - نتنياهو. واكتفت ناطقة باسم الخارجية الأميركية بالقول إن أوباما ونتنياهو «التقيا، وجرى بينهما نقاش كامل حول القضايا المتعلقة بالعلاقة الأميركية - الإسرائيلية، بما فيها أمن المنطقة وجهود السلام».

إلا أن مسؤولا أميركيا أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن اللقاء تم على مرحلتين، أولا بين الساعة الخامسة و34 دقيقة، عصر أول من أمس بتوقيت واشنطن، والسابعة و3 دقائق، مساء، وانتهى اللقاء بعودة الرئيس الأميركي إلى الجزء الخاص في البيت الأبيض، بينما طلب نتنياهو أن يواصل مشاوراته مع مستشاريه في «قاعة روزفلت» في البيت الأبيض. وطلب نتنياهو لقاء أوباما مجددا، ليعود الأخير إلى المكتب البيضاوي حيث التقى نتنياهو ما بين الساعة الثامنة و20 دقيقة مساء، والساعة الثامنة و55 دقيقة مساء. ولم يعلن عن نتائج ملموسة للقاء، بينما واصل مساعدو نتنياهو وأوباما نقاشاتهم حتى ساعة متأخرة من منتصف الليلة قبل الماضية، وظلوا على تواصل خلال يوم أمس. وكرر أوباما خلال لقائه مع نتنياهو طلب الإدارة الأميركية من رئيس الوزراء الإسرائيلي اتخاذ خطوات ملموسة لبناء الثقة مع الفلسطينيين من أجل دفع مفاوضات السلام إلى الأمام.

وحتى الآن، لم يعلن عن خطوات إسرائيلية تتماشى مع هذا الطلب، بينما تم إعلان بناء وحدات سكنية جديدة في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية. وأفادت تقارير صحافية إسرائيلية أن نتنياهو لم يكن على علم بقرار البناء.

وأوضح الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس، أمس: «لقد طلبنا من رئيس الوزراء اتخاذ خطوات لبناء الثقة من أجل تقدم المفاوضات غير المباشرة، وتقدم السلام في الشرق الأوسط». وأضاف: «الحوار مستمر»، وذلك في وقت التقى فيه مسؤولون أميركيون مع نتنياهو ومساعديه يوم أمس في محاولة للحصول على خطوات إسرائيلية ملموسة لبناء الثقة.

وكرر الصحافيون خلال المؤتمر الصحافي المعتاد لغيبس أمس طرح أسئلة حول قرار عدم عقد مؤتمر صحافي أو حتى نشر صورة لأوباما مع نتنياهو، بيد أن غيبس امتنع عن التعليق على ذلك، مكتفيا بالقول: «نحن مرتاحون للتغطية الصحافية، ومسرورون حول تنظيمنا للتغطية»، مضيفا: «لدينا شراكة قوية مع حليف قوي. هناك علاقة لا يمكن كسرها بين الولايات المتحدة والشعب الإسرائيلي».

وكان المبعوث الأميركي للسلام في الشرق الأوسط، جورج ميتشل، موجودا في نقاشات البيت الأبيض أول من أمس وواصل مشاوراته أمس. وأكدت وزارة الخارجية الأميركية أن ميتشل التقى أمس نتنياهو قبل لقاء مساعده، ديفيد هيل، بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله اليوم. وقال جوناثان برينس، الناطق باسم ميتشل لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا حوارات كثيرة مع الطرفين (الإسرائيلي والفلسطيني) لإبقاء المفاوضات غير المباشرة متقدمة إلى الأمام» مضيفا أن لقاءات ميتشل في المنطقة الأسبوع الماضي كانت «مثمرة». بيد أنه أضاف أن هناك نقاط خلاف حول ما يمكن أن تنتجه المفاوضات غير المباشرة، خاصة تحديد القضايا التي سيتم بحثها في المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، التي يشرف ميتشل عليها.

وبينما يرغب نتنياهو في تقليص القضايا التي يتم طرحها في المفاوضات، يشدد الفلسطينيون والأميركيون على ضرورة طرح جميع قضايا الحل النهائي في المفاوضات.

وقال خبير في قضايا الشرق الأوسط في «معهد الولايات المتحدة للسلام»، ستيفن ريسكين، إنه «في السنوات السابقة كانت الإدارة الأميركية واضحة حول موقفها من القدس، وأنها من بين قضايا الحل النهائي».

وأضاف ريسكين لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الآن البناء في القدس وتوسيع الاستيطان استمر من دون رد أميركي فعال».

وهناك أصوات عدة أميركية وإسرائيلية تعبر عن قلقها من التوتر المستمر بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وقال أوري نير، الناطق باسم مجموعة «الأميركيين للسلام الآن»، التي تعتبر نفسها بأنها حركة أميركية - يهودية تدعم السلام: «لم أر وضعا مثل هذا في السابق، ويجب أن يكون مصدر قلق لكل من يهتم بالعلاقات الأميركية - الإسرائيلية».

وأضاف: «في السابق، حتى عند وجود اختلاف وجهات النظر، كان هناك مظهر الاتفاق وسير الأمور كالمعتاد، ولكن عدم منح فرصة لالتقاط الصور والظهور سويا خلال لقاءات نتنياهو بوزيرة الخارجية الأميركية ونائب الرئيس الأميركي والرئيس أوباما، أمر نادر جدا».

وزاد قائلا: «الضغط الأميركي على إسرائيل في العلن قد يجلب نتائج، فالضغوط غير العلنية في السابق لم تجلب نتائج، وكان بإمكان نتنياهو عدم الرد عليها».

إلى ذلك، أعلن عضو الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) عن حزب اليمين المتطرف المعارض، أريه الداد، أن النشاطات الاستيطانية اليهودية في القدس الشرقية، وكذلك زيارة نواب حزبه الأربعة إلى باحة الأقصى المبارك، لم تأت لإحراج رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام الرئيس أوباما، بل من أجل تقويته وتعزيز صموده في وجه الضغوط الأميركية.

وكان الداد يتطرق للزيارة التي قام بها ورفاقه إلى باحة الحرم القدسي الشريف، أمس، في الوقت الذي تمنع فيه الشرطة هذه الأيام زيارة اليهود بهدف عدم إحراج نتنياهو في واشنطن. وقد استغلوا حصانتهم البرلمانية وأجبروا الشرطة على حمايتهم بقوات كبيرة. وقالوا إن هدف الزيارة هو «التأكيد على أن القدس بشقيها، الشرقي والغربي، هي مدينة واحدة مقدسة لليهود وعاصمة للدولة اليهودية»، حسب النائب أوري أرئيل. وأضاف النائب ميخائيل بن آري: «أميركا قائمة فقط قبل 200 سنة، والإسلام قائم منذ 1300 سنة، ولكن اليهودية موجودة في القدس منذ 3000 سنة، وليس هناك أحق منا بالوجود فيها وتعميرها».

وجاء هذا الاستفزاز للفلسطينيين، أمس، بعد ساعات فقط من الكشف عن انتهاء الإجراءات القانونية في بلدية القدس، لإجازة مشروع بناء استيطاني في قلب حي الشيخ جراح في القدس الشرقية. والمشروع يقوم بالقرب من مبنى القنصلية البريطانية في الحي، حيث يوجد فندق «شيبرد» التاريخي. وقصة هذا الاستيطان تعود إلى سنة 1984، حينما ابتاع المليونير اليهودي الأميركي، أورفين موسكوفتش، هذا الفندق من مالكه الفلسطيني. وموسكوفتش هذا يمول غالبية نشاطات تهويد القدس العربية المحتلة، من منطلقات آيديولوجية. وفي السنة الماضية أقدم المستوطنون اليهود الذين يعملون لدى موسكوفتش على إخلاء العائلات الفلسطينية التي تعيش في المبنى، لكي يقيم مشروع بناء استيطاني في المكان لعائلات يهودية. ودخلت عشرون عائلة يهودية للاستيطان فيه.

وكانت الحكومة البريطانية قد توجهت رسميا إلى الإدارة الأميركية تطلب ممارسة ضغوط على إسرائيل لتلغي هذا المشروع، لأنه يعتبر قنبلة موقوتة من شأنها أن تفجر الأوضاع في المنطقة، وهذا سيلحق ضررا بالقنصلية البريطانية المجاورة من جهة، وسيعرقل مفاوضات السلام. وحسب مصادر إسرائيلية عليمة، فإن مساعدي الرئيس أوباما طرحوا التساؤلات حول الموضوع أمام نتنياهو. وقد رد بأنه فوجئ مثلهم بالموضوع وأنه استفسر فأوضح له مساعدوه أن المصادقة على المشروع كانت قد تمت في يوليو (تموز) الماضي، أي قبل ثمانية شهور وأن التصريح لم يصدر في حينه لأن أصحاب المشروع (أي المستوطنين) استكثروا مبلغ الرسوم (نحو نصف مليون دولار). والجديد هو أن موسكوفتش دفع الرسوم، أول من أمس، وحصل على التصريح.