إسرائيل تعين مندوبا جديدا للموساد في لندن.. وتقرر امتصاص الغضب البريطاني وعدم الرد بخطوة مماثلة

مشروع بيان مقدم إلى قمة ليبيا يدعو الدول المعنية إلى التعاون مع الإمارات لملاحقة قاتلي المبحوح

TT

توحي ردود الفعل الإسرائيلية على قرار الحكومة البريطانية طرد مندوب «الموساد» (جهاز المخابرات الخارجية) في السفارة الإسرائيلية بلندن، بأن إسرائيل الرسمية اعتبرت الرد معتدلا على عكس تصريحات اليمين المتطرف العصبية.

وقال مسؤول إسرائيلي رفيع إن الثمن الذي تدفعه الآن يعتبر رخيصا، وتمنى أن لا يكون رد بقية الدول، التي تم استخدام جوازاتها (ألمانيا وأيرلندا وفرنسا وأستراليا)، أشد من الرد البريطاني.

وفي سياق ذلك، أعلنت أستراليا أمس أنها تنتظر نتائج التحقيقات، التي تقوم بها قبل اتخاذ إجراءات محتملة. لكن السلطات الإسرائيلية تأمل في أن تشكل عقوبة لندن نهاية هذه القضية.

وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، أن «الموساد» لم يهتز لقرار إبعاد مندوبه عن بريطانيا، وعين مندوبا آخر مكانه، وسيغادر إلى لندن في غضون ستة أسابيع، وفقا لاتفاق جرى مع وزارة الخارجية البريطانية.

وقالت إن مندوب «الموساد» الحالي لم يطرد طردا، بل أبلغ أن عليه مغادرة البلاد، وسمح له بالبقاء أسبوعين حتى يرتب أموره ويغادر بانتظام. وأوضحت السلطات البريطانية له أنه لم يسجل كشخصية غير مرغوب فيها، بل ستتاح له العودة إلى بريطانيا في أي وقت.

ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن «مسؤول إسرائيلي كبير»، لم تكشف هويته، قوله إن «قرار الطرد سياسي بامتياز مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في مطلع مايو (أيار) المقبل»، مضيفا أن وزير الخارجية البريطاني، «الذي ينتهج منذ فترة طويلة سياسة مناهضة لإسرائيل، يريد عبر ذلك تعبئة أصوات المسلمين».

ومن جهة ثانية، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، إيهود باراك، الموجودان حاليا في واشنطن، بالتشاور مع وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، الموجود في بروكسل، امتصاص الغضب البريطاني وعدم الرد عليه بخطوة مماثلة كما هو متبع في حالات كهذه، والعمل على تهدئة الخواطر بين البلدين.

وكان ليبرمان قد استغرب القرار البريطاني، وقال: «لم يقدموا دليلا واحدا يبرهن على أن إسرائيل هي التي نفذت عملية اغتيال محمود المبحوح في دبي». ومع ذلك، فقد صرح بأن العلاقات بين إسرائيل وبريطانيا قوية ومهمة جدا بالنسبة إلى إسرائيل ولن تتأثر بهذه الحادثة.

وأعرب السفير الإسرائيلي في لندن، رون فرشوار، عن أسفه للموقف البريطاني. وقال إن وزير الخارجية، ديفيد مليباند، كان من المفترض أن يحضر إلى مقر السفارة للمشاركة في احتفال بمناسبة مرور 62 سنة على تأسيس إسرائيل و60 على إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين لندن وتل أبيب. ولكنه ألغى مشاركته في الحفل. ومع ذلك، قال فرشوار إن العلاقات بين الطرفين قديمة جدا ولها مغاز عميقة، بدأت منذ عام 1917، عندما أصدر وزير الخارجية البريطاني بلفور وعده المشهور وحتى اليوم.

وقال فرشوار إن العلاقات بين إسرائيل وبريطانيا هي علاقات أصدقاء، وقد تشهد هبوطا وصعودا لكنها تظل علاقات أصدقاء.

بيد أن السفير الإسرائيلي السابق في لندن، تسفي شتراوبر، رأى أن التصرف البريطاني طبيعي جدا، «فقد كان من واجب الحكومة البريطانية أن ترد على تزييف جوازات سفرها، فهذه دولة عظمى لها كرامتها. ولكن الأهم من ذلك أن ميليباند ألقى خطابا متوازنا أكد فيه الأمر الجوهري، وهو أن علاقات الصداقة بينهما ستستمر والتعاون الأمني لن يتوقف، مما يعني أن المخابرات في البلدين ستواصلان التنسيق المشترك في موضوع مكافحة الإرهاب».

من جهة ثانية، قال د. أورئيل أبولوف، الخبير في العلاقات الدولية، إن الموقف البريطاني ليس ضريبة شفاه كما يحاول الكثير من السياسيين الإسرائيليين التلميح، إنما هو إشارة أخرى إلى تدهور مكانة إسرائيل في العالم عموما وفي أوروبا بشكل خاص. وأن هذا التدهور سيتواصل. فهو يعبر عن أجواء معادية لإسرائيل في كل أوروبا. وعلى إسرائيل أن تدرس الأوضاع هناك وترد عليها بما يجب من دبلوماسية مهنية وتركيز على المصالح المشتركة.

وواصل اليمين المتطرف، في الحكومة الإسرائيلية وخارجها، الانتقادات اللاذعة لبريطانيا بسبب قرارها المذكور. وقال وزير البنى التحتية، عوزي لانداو، إن بريطانيا تمس بهذه الطريقة في صميم التنسيق الأمني بين البلدين في المعركة ضد الإرهاب: «فنحن شركاء في هذه المعركة، ولا يجوز أن يتصرف الأصدقاء الحلفاء بحساسيات مبالغة في قضايا إجرائية».

ولوحظ أن كل ردود الفعل الإسرائيلية لم تتطرق إلى جوهر الاتهام الموجه إلى «الموساد»، بأنه المتورط في جريمة اغتيال المبحوح. فلم ينف أي ناطق إسرائيلي أن هذا الجهاز هو الذي نفذها أو هو الذي زور جوازات السفر الأجنبية. واكتفوا بالقول إن بريطانيا لم تثبت ذلك.

وعلى صعيد ذي صلة، دعا مشروع بيان مقدم إلى القمة العربية، التي تنعقد نهاية الأسبوع في سرت شرق ليبيا، الدول المعنية إلى التعاون مع السلطات الإماراتية «لملاحقة ومحاسبة العصابة الإجرامية»، التي اغتالت قياديا في حركة حماس في دبي.

وأكد مشروع البيان، الذي حصلت وكالة الصحافة الفرنسية على نسخة منه، «أن هذا العمل الإجرامي الإرهابي يتطلب تعاون كافة الدول المعنية مع أجهزة الأمن في دولة الإمارات العربية المتحدة للتصدي وملاحقة هذه العصابة الإجرامية ومحاسبتها في إطار الاتفاقيات الدولية والقوانين، التي يجب أن تسري على كافة الدول».

وأضاف مشروع بيان مجلس القمة العربية: «يدين المجلس استغلال المزايا القنصلية التي منحت لرعايا الدول التي استُخدمت جوازات سفرها في عملية الاغتيال».

وأكد مشروع البيان أن «مجلس الجامعة العربية على مستوى القمة يدين جريمة اغتيال المبحوح، التي تمثل انتهاكا لسيادة وأمن دولة الإمارات العربية المتحدة وللأعراف والقانون الدولي».

وعبر عن تأييده جهود الإمارات «الرامية إلى أن يمثل المجرمون أمام العدالة».