إسلام آباد تعد واشنطن بمساعدتها أمنيا.. لكنها تحدد مقابلا ثقيلا

انطلاق «الحوار الاستراتيجي» بين البلدين.. ومطالب باكستان تشمل كشمير والتعليم والطاقة

TT

بدأ أول «حوار استراتيجي» بين الولايات المتحدة وباكستان في واشنطن أمس، مما شكل مناسبة لإسلام آباد لمطالبة واشنطن بالاضطلاع بدور «بناء» في كشمير أو في مجال الطاقة مقابل مساعدتها في مكافحة التشدد الديني. وافتتحت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون المحادثات في العاصمة الأميركية، التي يشارك فيها نظيرها الباكستاني محمود قريشي والجنرال أشفق كياني قائد الجيش الباكستاني، بالإشارة إلى «يوم جديد» في العلاقات التي غالبا ما كانت تشهد توترا بين البلدين. وأكدت خصوصا على الجهود التي تبذلها السلطات الباكستانية لمكافحة المجموعات الدينية المتطرفة ووعدتها بدعم كامل وتام من الولايات المتحدة. وقالت «معركتكم هي معركتنا». وأضافت «من الأكيد أنه ستحصل خلافات في المستقبل، لكن الخلافات تحصل على الدوام بين أصدقاء أو أفراد عائلة واحدة».

من جهته، وعد قريشي بمواصلة تقديم دعم باكستان في حملة مكافحة الإرهاب، لكنه أضاف أن لدى بلاده مطالب أيضا. وقال إن «باكستان ملتزمة بالقيام بدورها في تسهيل جهود المجتمع الدولي لإحلال السلام والاستقرار في أفغانستان»، مضيفا «نأمل من المجموعة الدولية أن تستجيب بالطريقة نفسها لهواجسنا المشروعة والمساعدة في خدمة مصالحنا المشتركة». وتابع أن «باكستان تواصل السعي من أجل التوصل إلى حل سلمي لكافة الخلافات العالقة في جنوب آسيا ومن بينها قضية كشمير. نأمل أن تحافظ الولايات المتحدة على عملها البناء لتشجيع هذه العملية».

وتسعى باكستان للحصول على تدخل دولي في قضية إقليم كشمير الذي تسكنه غالبية من المسلمين والمقسم بين باكستان والهند وتسبب في حربين من أصل ثلاث بين البلدين. ورفضت الولايات المتحدة التدخل في مسألة إقليم كشمير الذي تعتبره الهند مسألة داخلية وتقول إنها مستعدة للدخول في حوار بشأن كافة القضايا المتعلقة بكشمير باستثناء ترسيم الحدود.

وقال قريشي من جهة أخرى: «نأمل في إمكانية الحصول دون تمييز على موارد الطاقة الحيوية حتى نتمكن نحن كذلك من تنفيذ خططنا للتطوير الاقتصادي والصناعي». وترغب باكستان في إبرام صفقة مع الولايات المتحدة للحصول على الطاقة النووية المدنية شبيهة بالصفقة التي أبرمتها واشنطن مع الهند. لكن الفكرة لا تلاقي حماسة لدى المسؤولين الأميركيين لا سيما بسبب ماضي باكستان في مجال الانتشار النووي، حيث إن عبد القدير خان مهندس القنبلة الذرية الباكستانية أقر في عام 2004 بأنه سرب معلومات في هذا المجال إلى إيران وكوريا الشمالية وليبيا. وردا على سؤال من شبكة «إكسبرس تي في» لمعرفة ما إذا كان التعاون النووي سيتيح لباكستان أن تتجنب النقص المزمن في الطاقة، قالت كلينتون «هناك إجراءات أكثر إلحاحا يجب اتخاذها» لا سيما تحديث المحطات النووية.

لكن مطالب التعاون من قبل باكستان لا تتوقف عند هذا الحد وتشمل أيضا قطاعات المياه والتعليم. وتريد إسلام آباد أيضا أن تقدم لها واشنطن طائرات من دون طيار. وكانت الولايات المتحدة شنت نحو 90 غارة بطائرات من دون طيار في باكستان منذ أغسطس (آب) 2008 أسفرت عن سقوط أكثر من 830 قتيلا حسب مصادر محلية. ويؤكد الجيش الأميركي بذلك أنه قتل مسؤولين من الصف الأول في تنظيم القاعدة وحركة طالبان، لكن الحكومة الباكستانية لا تتقبل ما تعتبره مساسا بسيادتها.

وتأمل باكستان أيضا في إبرام اتفاقات تجارية وجمركية تسهل دخولها إلى السوق الأميركية وخصوصا لصادراتها النسيجية. وقال الرئيس باراك أوباما إن الهدف هو أولا إقناع الرأي العام الباكستاني المعارض بشدة للولايات المتحدة ورغبة أميركا في الالتزام بعلاقة أوسع وأطول أمدا مع باكستان. وصرح فيليب كراولي الناطق باسم الخارجية الأميركية: «في السنوات الأخيرة لم ير الناس علاقتنا إلا عبر الشؤون العسكرية لكن تفاعلنا مع باكستان أوسع».

والتحفظ حيال الولايات المتحدة مرتبط إلى حد ما بالتسعينات عندما ابتعدت واشنطن عن هذا البلد بعدما ساعدته في دعم حركات التمرد التي كانت تقاتل الاحتلال السوفياتي لأفغانستان. ومنذ 2001 أصبحت باكستان مجددا حليفة أساسية في أفغانستان، لكن هذه المرة ضد طالبان.

والتزم الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري بإرسال 30 ألف جندي لمحاربة المتشددين في 2009 في المنطقة القبلية الحدودية لوزيرستان الجنوبية. كما شعرت الولايات المتحدة بالارتياح لتوقيف الملا برادر القيادي المهم في طالبان، في باكستان أخيرا. لكن مراقبين بينهم مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى أفغانستان كاي إيدي، تساءلوا عن الدوافع الحقيقية لاعتقاله ورأوا أن هذه الخطوة أنهت مفاوضات سرية تجري مع طالبان.