ساركوزي يعد بقانون يمنع ارتداء النقاب في فرنسا قبل يونيو

تعهد بمحاربة العنف وندد بانتهاك «العلمنة والمساواة بين الرجل والمرأة»

TT

ما كادت الحملة الانتخابية الفرنسية تحط رحالها حتى عاد موضوع ارتداء النقاب الذي دار حوله سجال واسع في الأشهر الأخيرة إلى واجهة الحدث، مرفقا بالملف الأمني والعنف بشكل عام. وجاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس نيكولا ساركوزي أمس بعد جلسة مجلس الوزراء في قصر الإليزيه. وجاءت المداخلة الرئاسية العلنية الأولى تعليقا على نتائج الانتخابات الإقليمية التي شهدت هزيمة لوائح اليمين الحاكم وتراجع مواقعه السياسية. وسعى ساركوزي إلى تبرير سياسته مع التأكيد على أنه «تلقى» الرسالة التي بعث بها الناخبون والمقاطعون على السواء.

وكان لافتا في كلمة ساركوزي اللهجة المتشددة التي استخدمها، مما يذكّر بحملته للانتخابات الرئاسية في عام 2007 حيث احتل موضوع العنف والأمن وسلامة الفرنسيين والضواحي والهجرة حيزا كبيرا من خطابه السياسي. وفي الأشهر الأخيرة، أطلق وزير الهوية الوطنية وشؤون المهاجرين أريك بيسون، بتشجيع من الرئاسة، موضوع مكونات الهوية الوطنية الفرنسية مما فهم سريعا على أنه تنديد بالمهاجرين والإسلام باعتباره الديانة الأبرز لمهاجري العقود الأخيرة وغالبيتهم من بلدان المغرب العربي أو من أفريقيا. ورأى مراقبون أن استفحال السجال حول الهوية الوطنية وما سبقه عن بناء المساجد والمآذن قوى حزب الجبهة اليمينية المتطرف مما انعكس في عودته بقوة إلى الواجهة السياسية. وفي الدورة الثانية من الانتخابات الإقليمية، حصل زعيم الجبهة جان ماري لوبن على نحو 23 في المائة من الأصوات في منطقة بروفانس - الألب - الشاطئ اللازوردي (جنوب فرنسا) وحصلت ابنته مارين على نسبة مماثلة شمال البلاد. وفي موضوع ارتداء النقاب، أعلن ساركوزي أن الحكومة ستتقدم بمشروع قانون إلى البرلمان قبل شهر يونيو (حزيران) بغرض توفير الأدوات القانونية لمنع ارتدائه، معتبرا أن النقاب «ينتهك كرامة المرأة»، مؤكدا أن التشريع الجديد سيكون متوافقا مع المبادئ المعمول بها في فرنسا.

كذلك، ندد ساركوزي، في إشارة إلى المتشددين الإسلاميين لكن من غير أن يسميهم، بالممارسات التي «تسيء للعلمنة والمساواة بين الرجل والمرأة» وكل ما يدخل في إطار الممارسات التمييزية. ووصف ذلك كله بأنه «لم يعد يطاق». كما تعهد بعدم «تقديم أي تنازل بعد الآن» إزاء أي تهاون في فرض احترام قيم ومبادئ المجتمع الفرنسي. أما بالنسبة للذين يشكون من العنف وانتشاره، فقد أعلن ساركوزي «التزامه الشخصي» بمحاربته، واعدا الذين ينتظرون منه تحركا ديناميكيا بأنهم «لن يكونوا خائبين». ويأخذ اليسار على ساركوزي تلويحه بالفزاعة الأمنية وبالعنف، مذكّرا إياه بأنه كان وزيرا للداخلية منذ عام 2002 وأنه بنى صعوده السياسي على محاربته وعلى إعادة «الطمأنينة» للفرنسيين وعلى «تنظيف» الضواحي كما أنه رئيس للجهورية منذ عام 2007، والحال أن العنف ما زال موجودا لا بل إنه يقوى. ويتساءل منتقدوه: ما الذي منع اليمين من محاربة العنف كما يدعي؟.

وفي موضوع النقاب، بقي ساركوزي ضمن الخط العام ولم يفصل بين الذين يريدون منع ارتدائه في كل الأماكن العامة، والذين يرون أن المنع يجب أن يتناول الدوائر العامة والدوائر الخدماتية وربما وسائل النقل. ويدفع رئيس مجموعة نواب اليمين في البرلمان، النائب جان فرنسوا كوبيه، إلى قانون منع شامل وكامل مع فرض غرامات على المخالفات. واستبق رئيس الحكومة فرنسوا فيون تقديم أي مشروع قانون بطلب استشارة مسبقة من المجلس الدستوري الفرنسي تؤهل الحكومة لمنع النقاب «بأوسع شكل ممكن» وتفادي الطعن بالقانون الجديد ودستوريته. وينتظر أن تقدم الحكومة مشروعها الشهر المقبل. وكانت لجنة نيابية خفضت من حجم طموحاتها وأوصت بمنع النقاب في المكاتب والدوائر الرسمية، معتبرة أن منعه المطلق سيلاقي صعوبات قانونية وعملية.