لبنان: جدل حول تصريحات وهاب بشأن اتجاه المحكمة الدولية لاتهام مغنية

مصدر أمني: فريق التحقيق في اغتيال الحريري طلب استجواب 6 من أعضاء حزب الله

TT

قال مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط»: «إن المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري هي الهدف من فتح الملفات واختلاق الأزمات وتسخين الأجواء». وأضاف المصدر، الذي تحفّظ عن ذكر اسمه: «هناك فريق يحاول استباق ما يمكن أن يتضمنه القرار الظني للمحكمة. وقد بدأ يتبع أسلوبا مباشرا في الكشف عن المواجهة المرتقبة إذا ما حمل القرار الظني اتهامات نحو جهة معينة».

كلام المصدر الوزاري جاء تعليقا على ما كشفه، أمس، الوزير السابق ورئيس حزب التوحيد المقرب من سورية وئام وهاب، حين قال خلال مقابلة مع تلفزيون «الجديد» (المعارض) إن «تسريبات المحكمة الدولية تتهم اليوم القيادي الراحل في حزب الله عماد مغنية باغتيال الحريري».

وكان وهاب، ومن شاشة «الجديد» قد تطرق قبل أيام إلى موضوع المحكمة وتوقع «حصول مشكلة في البلد، لأن لجنة التحقيق (الدولية) ستخلق فتنة». وأشار في حينه إلى أن اللجنة دعت منذ أيام عناصر من حزب الله للتحقيق معهم. ودعا الرئيس الحريري إلى «تجنب فخ المحكمة الدولية».

واعتبر المصدر الوزاري أن «تسريب أي معلومات تتعلق بالمحكمة أو التحقيق لا يسهم إلا في إحداث توتر على الساحة الداخلية اللبنانية. لذا يجب الإصرار على أن القضية أصبحت خارج لبنان»، وحذر من «تسييس هذه المحكمة». وقال: «كأن هناك من يحاول إرساء صفقات سياسية على حساب لبنان والمحكمة. وعلينا أن ننتبه إلى ما يجري بشكل شبه يومي ونتابعه».

وفي حين أشار المصدر الوزاري إلى أن «البعض يريد أن يزيد الشرخ بين السنة والشيعة إلا أن العلاقات الاجتماعية والعائلية، التي تجمعهما كفيلة بإحباط هذا الأمر». ولم يستبعد أن يحصل اهتزاز أمني جراء المحكمة الدولية، لكن لفترة وجيزة لتستقيم الأمور بعدها من دون انفجار حالة تصادم. وشدد على وجوب ترك المحكمة تقوم بعملها. أما حزب الله، فقد تجنب مسؤولوه التعليق على ما قاله وهاب، واعتبر مصدر نيابي رافض للمحكمة أن «هذه التسريبات من صنع أميركي لإحداث فتنة بين الشيعة والسنة في لبنان». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن للمحكمة الدولية التي تحكم أساسا في جريمة سياسية إلا أن تتسيس. فالنظام الأميركي كان يريد القضاء على سورية التي تدعم المقاومة في لبنان وفلسطين. لذا، عمل على إصدار القرار 1559، ومن ثم دبر جريمة اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري وسارع إلى اتهام النظام السوري بالجريمة. وبعد فشله في العراق وفي القضاء على حزب الله من خلال العدوان الإسرائيلي صيف 2006، عاد ليرتب أوضاعه مع سورية ويواصل حملته على الحزب. ولأن الولايات المتحدة تسعى حاليا إلى التقرب من سورية لم يعد يفيدها أن تتهمها، لذا اختارت أن تستهدف الحزب من خلال توجيه اتهامات المحكمة الدولية باتجاهه. لكن عندما يتم اتهام القيادي الشهيد عماد مغنية، الذي لم تعد محاكمته ممكنة، فهذا يعني أن النظام الأميركي يسعى إلى تخريب لبنان وإحداث فتنة بين السنة والشيعة».

وكانت «المعلومات المسربة» عن عمل لجنة التحقيق الدولية قد تكثفت منذ مطلع الأسبوع الحالي من دون أي تأكيد رسمي لها. وجاء في بعضها أن «الفريق الدولي الخاص بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، استدعى أشخاصا إلى مقره، وانتقل إلى مقر شخصيات تحفظت على الانتقال إلى ذلك المقر، ومن بين مَن تم الاستماع إليهم في مكاتبهم، رئيس تحرير جريدة بيروتية، وأحد المحررين لديه، الذي كان أجرى حوارا للصحيفة مع الرئيس الراحل رفيق الحريري عشية اغتيال».

وفي «المعلومات المسربة» ورد أيضا أن حزب الله وافق على إدلاء العناصر، التي تطلب اللجنة الاستماع إليها، بإفادة في مقراتهم، وليس في مقر اللجنة.

وجاء ذلك بينما نقلت «رويترز» عن مصدر أمني أمس أن فريقا دوليا يحقق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005 طلب استجواب ستة من أعضاء حزب الله بشأن الجريمة.

وقتلت شاحنة ملغومة الحريري و22 آخرين في بيروت في فبراير (شباط) 2005. وأشار فريق تحقيق للأمم المتحدة في بادئ الأمر إلى ضلوع مسؤولين سوريين ولبنانيين في الجريمة، لكنه لم يقدم أي تفاصيل بشأن النتائج التي توصل إليها.

وفي مايو (أيار) الماضي ذكرت مجلة «دير شبيغل» الألمانية أنه طبقا لمعلومات حصلت عليها فإن المحققين يعتقدون أن حزب الله يقف وراء اغتيال الحريري، وهي مزاعم رفضتها بشدة جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من سورية وإيران.

وقال المصدر لـ«رويترز» طالبا عدم الكشف عن اسمه: «طلبوا استجواب ستة أشخاص من حزب الله بشأن جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري».

ورفض حزب الله التعليق، وكذلك مسؤولو القضاء في بيروت، كما رفضت التعليق راضية عاشوري المتحدثة باسم مكتب مدعي التحقيق التابع للمحكمة الخاصة، وقالت لـ«رويترز» في أمستردام: «ما دمنا في مرحلة التحقيق فلن نكشف عن هذا النوع من المعلومات، ولهذا لا تعليق».

وكانت المحكمة التابعة للأمم المتحدة الخاصة بلبنان ومقرها لاهاي أمرت العام الماضي بالإفراج عن أربعة من كبار العسكريين المؤيدين لسورية الذين احتجزوا في ما يتصل بالقضية، بعد أن قالت إنها لا تملك أدلة ضدهم. وبدأت المحكمة عملها في مارس (آذار) 2009.

وفي هذا الوقت قال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله إن الإفراج عن العسكريين هو دليل قاطع على أن التحقيق الدولي لم يكن عادلا.