بن لادن يهدد بإعدام كل أميركي تأسره «القاعدة» إذا أعدم خالد شيخ

مسؤول أميركي اعتبر التهديد «سخيفا»

TT

هدد زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، في شريط صوتي بث أمس، بإعدام كل أميركي تأسره «القاعدة» إذا أعدمت السلطات الأميركية المتهم الرئيسي في اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، خالد شيخ محمد، ورفاقه. ولم يصدر تعليق فوري من واشنطن على التسجيل، لكن مسؤولا أميركيا يعمل في مجال مكافحة الإرهاب، تحدث شرط عدم ذكر اسمه، اعتبر هذه التهديدات «سخيفة».

وقال بن لادن في التسجيل الصوتي، الذي بثته قناة «الجزيرة» الفضائية، أمس: «أيها الشعب الأميركي، رسالتي هذه حول أسرانا لديكم. صاحبكم في البيت الأبيض (الرئيس باراك أوباما) لا يزال يسير على خطى سلفه (جورج بوش) في الكثير من الأمور المهمة كتصعيد الحرب في أفغانستان، وظلم أسرانا لديكم، وفي مقدمتهم البطل المجاهد خالد شيخ محمد، وقد صرح البيت الأبيض برغبته في إعدامه». وأضاف: «يوم تتخذ أميركا هذا القرار، تكون قد اتخذت قرارا بإعدام من يقع منكم أسيرا لدينا».

وأمام إدارة أوباما بضعة أسابيع لاتخاذ قرار حاسم بشأن محاكمة خالد شيخ محمد وأربعة آخرين متهمين بالضلوع في هجمات نيويورك، التي أدت إلى مقتل نحو 3 آلاف شخص، في محكمة فدرالية مدنية، أو أمام محكمة عسكرية. وأثار احتمال محاكمة المتهمين بالإرهاب على مقربة من الموقع السابق لبرج التجارة العالمي غضب السكان والسياسيين في نيويورك، لكن العودة إلى نظام المحاكم العسكرية أثار الكثير من الأسئلة.

ورفض مسؤول أميركي عن مكافحة الإرهاب تهديدات بن لادن بقتل أي أسرى أميركيين. ونقلت وكالة «رويترز» عن هذا المسؤول، الذي طلب عدم كشف هويته، قوله: «إنه منتهى السخف لأي شخص على صلة بـ(القاعدة) مجرد أن يقترح الآن أنهم سيبدأون إساءة معاملة الأسرى. ربما يكونون قد نسوا دانيال بيرل، وكل من ذبحوهم، لكننا لم ننس».

وبدوره، قال مركز «إنتل»، الذي يراقب دعاية الجهاديين، في مذكرة، إن التهديد قد يشير إلى زيادة مخاطر خطف المواطنين الأميركيين طوال فترة المحاكمة في الولايات المتحدة. وأفادت المذكرة أن «تهديدات الخطف ستزيد بدرجة أكبر مع بدء المحاكمة. ومحاولات خطف الأميركيين لن تقتصر على تنظيم القاعدة الأساسي». وأضافت: «الأذرع الإقليمية للتنظيم مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي يستهدف بكثافة خطف غربيين في شمال أفريقيا، قد تنفذ تهديدات بن لادن». وأعلن خالد شيخ محمد مسؤوليته عن تنسيق هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، واعتداءات وقعت في إندونيسيا وكينيا، ومناطق أخرى، وقد يحكم عليه في حال الإدانة بالإعدام. وقال بن لادن: «من العدل المعاملة بالمثل، والحرب سجال، والأيام دول»، وأضاف: «وقد كان ساسة البيت الأبيض يمارسون الظلم علينا، وما زالوا وخصوصا بدعم الإسرائيليين في احتلال أرضنا فلسطين، ويظنون أن أميركا خلف المحيطات في مأمن من غضب المظلومين، إلى أن كان رد الفعل قويا مدويا في عقر داركم، يوم الحادي عشر، بفضل الله».

ورأى محللون أن تنظيم القاعدة بات يتحين أصغر الفرص للظهور، عن طريق تبني أي عملية مهما كانت صغيرة أو شخصية تحدث في أي مكان من العالم، وذلك بعد أن عجز عن إعداد هجمات جديدة ضد الغرب. ويرى هؤلاء في هذا الأمر إقرارا من التنظيم بعجزه، ولكنهم يرون فيه أيضا خطرا جديدا، ودليلا على انتهازية التنظيم، وقدرته على التكيف.

ويرى آلان شوي، الرئيس السابق لدائرة الاستخبارات الأمنية في جهاز «دي جي إس آي» (الاستخبارات الخارجية الفرنسية) أنه «حتى وأن كانوا يحظون بحماية أجهزة الاستخبارات الباكستانية، فإن لديهم مشكلة حقيقية تتمثل في قلة المنفذين والوسائل». وأضاف: «ليس لديهم ما يكفي من الرجال، ولا من وسائل الاتصالات، وبالتالي فإنهم يتبنون أي عملية أينما حدثت، ومهما كانت طريقتها، يكفي فقط أن تكون عملية. وفي باكستان، هناك مهرجان أو 3 مهرجين، يتبنونها من دون إثبات العلاقة بين هذا وذاك».

وهذا ما حصل مع النيجيري عمر فاروق عبد المطلب، الذي على الرغم من فشله في تفجير الطائرة التي صعد إليها حاملا متفجرات، وصفه بن لادن بأنه «مقاتل بطل»، مؤكدا أن عمليته كانت «تأكيدا للرسائل السابقة التي وجهها أبطال 11 سبتمبر». كذلك فإن المعالج النفسي العسكري الأميركي من أصل فلسطيني، الميجور نضال حسن، الذي قتل وحده 13 جنديا في قاعدة فورت هود، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، يعتبر في خطب «القاعدة» ومنتديات الجهاديين مثالا يحتذى به. ويرى الباحث الفرنسي جان بيار فيليو، الذي ألف كتبا عدة، منها «حيوات القاعدة التسع»، أنه «إذا تحرك شخص بمفرده، فالمؤكد أن التنظيم سيتبنى عمليته لتضخيم حصيلته، وقدرته على إلحاق الضرر». ويضيف: «مهما كانت درجة اندماج الشخص المذكور في التيار الجهادي، فغالبا ما يكون هناك منحى لاعتباره مصدر خطر شاملا». ويرى محللون أن وسائل الإعلام الرسمية الغربية، التي غالبا ما تتسرع وتنسب أي هجوم له علاقة بالتيار المتطرف إلى «القاعدة»، تسهل مهمة التنظيم، وتسقط في فخه. لكن إذا كان من المؤكد أنه لن يتمكن متطوعون معزولون من تنفيذ عملية تشبه 11 سبتمبر، فإن عزلتهم في حد ذاتها تطرح مشكلة أمام أجهزة الاستخبارات الدولية التي تواجه صعوبات في اختراقهم أو رصدهم. ويضيف جان بيار فيليو أن هؤلاء المتطوعين والناشطين، «عندما يتصلون بالتنظيم عبر زيارات أو اتصالات، يصبحون معرضين للرصد»، وأن «الكابوس الحقيقي هو ذلك الذئب الوحيد الذي بحكم انفراده، ليس هناك شيء يدعو للحذر منه».