تحضيرات قمة سرت: خلافات مع العراق وتضارب حول مستوى مشاركته

مندوب سورية: غياب زعماء عرب معنيين لا يساعد على إنجاز المصالحة

الأمير سعود الفيصل مع هوشيار زيباري في الاجتماعات التحضيرية (إ.ب.أ)
TT

علمت «الشرق الأوسط» أن الجلسة المغلقة للاجتماع الوزاري العربي التي انعقدت في سرت الليبية أمس، على هامش القمة العربية المقرر لها يوم غد، شهدت نقاشا حادا أمس حول استضافة القمة العربية القادمة، حيث طلب العراق عقدها على أرضه العام القادم، ولكن وزراء الخارجية طالبوا بأن تكون الرئاسة للعراق ولكن ليس على أرضه، نظرا للأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد هناك.

وخلال الاجتماع تسربت أنباء عن انسحاب وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري من المشاركة في أعمال القمة، لكن زيباري أكد في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أنه لم ينسحب و«ليس هناك نية لذلك». ولم يشأ الوزير العراقي التعليق في حينه عما إذا كان غاضبا بسبب ترتيبات حول استقبال ليبيا لمعارضين عراقيين.

وقال وزير الشؤون الخارجية الفلسطيني الدكتور رياض المالكي، الذي شارك في اجتماع أمس، ردا على سؤال حول الاتفاق من عدمه على عقد القمة القادمة في العراق، إن وزراء الخارجية أكدوا أن الرئاسة القادمة للعراق، وما تم الاتفاق عليه هو أن الرئاسة للعراق ومن حق العراق أن يكون رئيسا للقمة القادمة، مضيفا حول مشاركة الرئيس محمود عباس في القمة من عدمه: «نأمل أن يسمح له وضعه الصحي بأن يشارك في القمة، وهو حتى يوم أول من أمس كان ينوي المشاركة في القمة، ونأمل أن يصل بعد ظهر اليوم (الجمعة) للمشاركة في أعمال القمة، وفي اجتماع لجنة المتابعة العربية المقرر لها اليوم، وبالتأكيد هو راغب في ذلك على الرغم من الألم الذي يمر به».

وقالت مصادر في اجتماع وزراء الخارجية العرب المنعقد في سرت أمس إن وساطة كويتية بحرينية نجحت في إثناء وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري عن الانسحاب من اجتماعات وزراء الخارجية العرب التحضيرية للقمة العربية. وكشف مصدر دبلوماسي عربي أن وزير الخارجية العراقي كان قد تلقى تعليمات من رئيس الوزراء العراقي بالانسحاب من الاجتماعات احتجاجا على استقبال ليبيا لوفد شعبي عراقي يضم بين أعضائه شخصيات بعثية.

وصرح وكيل وزارة الخارجية العراقية للشؤون العربية لبيد عباوي أمس على هامش اجتماعات وزراء الخارجية العرب بأن وفد العراق تحفظ في هذه الاجتماعات «على استقبال الزعيم الليبي معمر القذافي لوفد يمثل عددا من البعثيين». وأضاف عباوي: «نحن تحفظنا على الموقف الليبي وسجلنا هذا التحفظ وقررنا الانسحاب من القمة العربية لكن الوزراء العرب أقنعونا بالبقاء، خاصة وزير الخارجية الليبي موسى كوسا وبقية الوزراء، وقد اعتذروا جميعا عن الموقف لكننا ما زلنا نتحفظ على الموقف الليبي».

وأضاف عباوي أنه عندما طرح «موضوع انعقاد القمة في العراق السنة المقبلة وتحديدها في هذا الاجتماع اعترض بعض الوزراء العرب لكن العراق أصر على أن تكون القمة المقبلة في العراق وهذا حقه الطبيعي باعتباره الدولة التالية (في الترتيب)». وقال إنه حتى الآن لم يحدد مكان انعقاد القمة هل في بغداد أم في إحدى الدول العربية التي ترغب في استضافة القمة، مشيرا إلى أن مصر أبدت استعدادها لاستضافة القمة في مدينة شرم الشيخ ولكن العراق لم يعط حتى الآن الموقف النهائي.

وقال مصدر دبلوماسي عربي إن وزيري خارجية كل من الكويت والبحرين جمعا هوشيار زيباري، وموسى كوسا وزير خارجية ليبيا في مقر إقامة الوزير الكويتي في سرت، وإن الوساطة أسفرت عن تراجع زيباري عما كان ينتويه من انسحاب من اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي انعقد أمس في سرت للتحضير للقمة العربية وعاد إلى المشاركة فيه.

وشوهد وزراء خارجية العراق والكويت وليبيا والبحرين يدخلون إلى الجلسة المسائية متشابكي الأيدي، مما اعتبر مؤشرا على انفراج الموقف. وفي وقت لاحق، أعلن العراق أمس تخفيض تمثيله في القمة إلى مستوى مندوبه في الجامعة العربية رعد الآلوسي. وأعلن علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أن «المشاركة في القمة العربية ستكون على مستوى المندوب في الجامعة العربية ليس أكثر من هذا، وذلك بعد استقبال الزعيم الليبي معمر القذافي مجموعة من العراقيين المتهمين بنشاطات إرهابية ودعم المجموعات المسلحة الموجودة في العراق». وكان القذافي التقى يوم الأحد الماضي، وفد فاعليات الشعب العراقي، الذي يضم شخصيات عراقية سياسية وعسكرية وأكاديمية وقانونية وشيوخ عشائر وقبائل عراقية، الأمر الذي أثار غضب الحكومة العراقية التي تتهم بعض أعضاء الوفد بممارسة أنشطة إرهابية. وحسب قناة «العراقية» فإن هوشيار زيباري تلقى تعليمات من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالانسحاب من اجتماعات القمة احتجاجا على استقبال القذافي وفدا يمثل ما وصفه بحزب البعث الإجرامي.

من جانبه قال السفير يوسف أحمد، مندوب سورية لدى جامعة الدول العربية، للصحافيين أمس، على هامش فعاليات التحضير للقمة العربية بمدينة «سرت»، في ليبيا، إن الشروط والظروف الموضوعية قد لا تساعد على إنجاز المصالحة العربية، مرجعا هذا الأمر لاعتبار أن هناك عددا من القادة المعنيين بهذه المصالحة قد لا يوجدون في القمة. وأضاف أن هذا الأمر بالتأكيد قد يؤثر على هذا الإنجاز، معربا في الوقت ذاته عن أمله في أن تكون قمة سرت عنوانا لرأب كل الخلافات العربية ولرأب كل الصدوع العربية في المستقبل.

وفي ختام أعمال الاجتماع الوزاري العربي للقمة، أعلن عمرو موسى أنه تم الاتفاق على كل مشاريع القرارات التي سوف ترفع إلى القادة العرب. وقال إن مستوى التمثيل سيكون جيدا، والمشاركة كاملة من كل الدول العربية. وأكد أن الاجتماع وافق على رفع تمويل صندوق القدس من 150 مليون دولار إلى 500 مليون دولار، كما أشاد بالأجواء الإيجابية للاجتماع، وقال إنه اتصل برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لإقناعه بإبقاء رئيس الوفد العراقي هوشيار زيباري في القمة. وأضاف موسى «نحن نرحب برئاسة العراق للقمة القادمة». واعترف بوجود الخلافات العربية العربية وكذلك بحرص الجميع على إنهاء هذه الخلافات، وقال إن الخلاف لا يعنى غلق الأبواب.