وهاب لـ «الشرق الأوسط»: 15 قياديا من حزب الله استُدعوا للتحقيق

المحكمة الدولية تتمسك بـ«سرية» تحقيقات جريمة اغتيال الحريري

TT

اضطُرّ مكتب المدعي العام في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تنظر في قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري أمس إلى إصدار بيان ينفي فيه المعلومات التي يتم تداولها في الإعلام اللبناني وعلى ألسنة بعض السياسيين حول موضوع استدعاء عناصر من حزب الله إلى التحقيق في القضية، بعد أن كادت هذه التسريبات تهز الاستقرار السياسي القائم في لبنان، وأن تتحول إلى «كرة ثلج» تجرف معها الاستقرار الأمني والتهدئة السنية - الشيعية كما قال مرجع لبناني بارز لـ«الشرق الأوسط».

وفيما كان رئيس الحكومة سعد الحريري يفضل الاعتصام بالصمت ومعالجة الموضوع عبر «القنوات الداخلية» مع الأطراف المعنية، واصل رئيس تيار «التوحيد» وئام وهاب القريب من حزب الله وسورية توجيه الانتقادات العنيفة إلى المحكمة، محذرا من سعيها إلى «اتهام حزب الله والحرس الثوري الإيراني بالضلوع فيها».

وكشف وهاب لـ«الشرق الأوسط» معلومات توفرت لديه عن استدعاء المحكمة الدولية لـ15 قياديا من حزب الله للتحقيق معهم، وهو ما رفضت مصادر المحكمة الإجابة عنه لـ«الشرق الأوسط»، معتبرة أن «التحقيقات سرية»، وأن المحكمة وأجهزتها لن تتحول إلى «موقع للتجاذب السياسي».

ورأى الوزير السابق وئام وهاب أن ثمة من يحاول «تغيير اتجاه اللعبة» في ما خص بالمحكمة الدولية، وقال إن «اتهام سورية لم يعد واردا، بعدما لم يجدوا بابا ينفذون منه إليه»، مشيرا إلى أن وظيفة المحكمة «لم تتغير، إنما تغيرت وجهتها». منبها إلى محاولات للإيحاء بارتباط قتلة الرئيس الحريري بالحرس الثوري الإيراني والحاج عماد مغنية». وحذر وهاب من مغبة عدم حصول معالجة سريعة لهذا الملف، خصوصا بين سورية والمملكة العربية السعودية»، معتبرا أن البديل سيكون «الذهاب بالبلد نحو مشكلة كبيرة جدا»، مشددا على «أن البلد وأمنه والسلم الأهلي فيه أهم من كل شيء» في إشارة غير مباشرة إلى قضية الحريري.

وانتقد وهاب بقسوة المدعي العام في المحكمة الدولية دانيال بلمار وسلفه الألماني ديتلف ميليس، معتبرا أنهما لا يهتمان لا بالتوازنات الداخلية ولا بتركيبة البلد وصيغته ولا بالحساسية السنية الشيعية. وقال: «بلمار مش معروف قرعة ابوه من وين»، متهما إياه «بالإشراف مباشرة على التسريبات»، مضيفا أنه لا يرى هدفا لهذه التسريبات «إلا إحداث فتنة سنية - شيعية».

وفي المقابل يستغرب عضو كتلة الحريري النيابية النائب عقاب صقر «إصرار البعض على زجّ اسم حزب الله والإساءة إليه وإلى المحكمة بذريعة الدفاع عنه». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس الحريري يعتمد مقاربة واضحة لموضوع المحكمة عنوانه التسليم بمرجعية المحكمة الدولية، وأنه وضع هذا الملف جانبا بشكل نهائي وينتظر الحكم النهائي المبني على الأدلة الدامغة، لا على الشائعات والتسريبات الإعلامية». وأشار إلى أن الحريري يسعى لتعزيز شبكة الأمان الداخلية في لبنان لحماية الوضع الداخلي من أي تداعيات إقليمية أو دولية، فيما يأتي هؤلاء لضرب هذه الشبكة تحت شعار الدفاع عن حزب الله الذي ليس في أي حال من الأحوال تحت الاتهام. ورأى صقر أن حزب الله مسؤول عن لجم و«ضبضبة» بعض هؤلاء وعدم تركهم يشوّشون على المحكمة الدولية ويسيئون إلى صورته تحت مسمى الدفاع عنه. مستغربا كيف أن الحزب ما زال يتركهم يسيئون إليه بهذه الطريقة! وأكد صقر أن العلاقة مع حزب الله ممتازة، وأن العلاقات مع سورية تسير على الدرب الصحيح». وقال: «لا أفهم لماذا أن مجموعة قريبة من حزب الله تتنطح لاتهامه»، متسائلا عن وجود «شيء أكبر من لبنان وسورية» وعن وجود متضررين إقليميين من هذه العلاقات يريدون إبقاء لبنان في غرفة العناية الفائقة. وقال: «الرئيس (السوري بشار) الأسد يقول إنه لا مشكلة لديه مع الرئيس (اللبناني ميشال) سليمان، لكن هذه الأبواق مستمرة في مهاجمته، مما قد يؤشر إلى وجود شيء أكبر»، معتبرا أن ثمة علامة استفهام كبيرة قد تضطرنا يوما إلى تسمية الأشياء بأسمائها». مشددا على أن لا أحد يقبل باتهام قائم على التجني والافتراء، بل على المعلومة الموثوقة والدليل القاطع». وأشاد بالمحكمة الدولية، رافضا تصويرها كأنها «محكمة عسكرية في إحدى جمهوريات الموز»، ورأى أن «استدعاء أي شخص شاهدا إلى المحكمة لا يعني في أي حال من الأحوال وجود اتهام، بل بالعكس فهؤلاء قد يفيدون المحكمة»، متوقعا استدعاء الكثيرين بينهم أعضاء في تيار «المستقبل» كشهود في هذه القضية بالإضافة إلى جهات سياسية كثيرة، لكنه شدد على أن هذه الاستدعاءات لا تتم وفقا للانتماء الحزبي، بل نتيجة اقتناع المحققين بإمكانية وجود فائدة من وراء إفاداتهم.

وقد أكد مكتب المدعي العام في المحكمة الدولية دانييل بلمار أن المعلومات المنقولة عن التحقيق الدولي في قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري والتسريبات ليست سوى تخمينات لا يمكن التعاطي معها إلا على هذا الأساس. وأشار في بيان أصدره إلى أن التخمينات عن عمل المحكمة وموعد إصدار قرار الاتهام مؤسفة وغير مجدية. من جهة ثانية نفى كل الادعاءات الزاعمة أنه يسرب معلومات إلى الإعلام عمدا. وأكد أن سياسة التواصل الخارجي التي يتبعها المدعي العام هي سياسة منضبطة واعية تولي أهمية بالغة لنزاهة عمل مكتبه ولثقة الرأي العام موضحا أنه إذا أراد عرض أي معلومة يقوم بعرضها بصورة علنية ورسمية. وشدد مكتب المدعي العام على خطورة الإبلاغ غير المصرح به لأي معلومات سرية حول عمل المدعي العام من قِبل أي شخص مؤتمن عليها، وأكد خضوع الشخص المعني للمساءلة.

وأكدت الناطقة الرسمية باسم المحكمة الدولية راضية عاشوري أن البيان الصادر عن مكتب المدعي العام، جاء لأنهم وجدوا أنفسهم مضطرين لإصدار بيان وذلك لأن هناك كلاما عن أن المدعي العام يسرب معلومات للإعلام، مشيرة إلى مثل هذه الاتهامات والتلميحات ليست صحيحة إطلاقا، ما دفعهم إلى وضع الأمور في إطارها الصحيح.

واعتبرت أن هذا ملف قانوني حرفي، يجب أن ينجز بتقنية وحرفية، مشيرة إلى أن المسح ثلاثي الأبعاد الذي سيحصل على مسرح الجريمة هو فقط عملية تقنية وليس له علاقة بتقدم عملهم أو عدمه، وأنه تم الاتفاق على اتخاذ هذه العملية تقنيا وعندما يتم تصوير مسرح الجريمة سيعود المصورون إلى لاهاي». وأضافت أنهم سيضعون في هذا الفيلم تقديراتهم لكيفية وقوع الجريمة، وأنه سيعرض عندما يصبحون جاهزين لطرح القضية وعند صدور القرار الاتهامي، مؤكدة أنه لم يعودوا إلى نقطة الصفر ولكنهم في الوقت نفسه لم يصبحوا قريبين من إصدار القرار الاتهامي.