واشنطن وموسكو تقطعان مرحلة جديدة في عصر ما بعد الحرب الباردة

التوصل إلى اتفاق على معاهدة جديدة لنزع الأسلحة النووية

TT

تدخل العلاقات الأميركية - الروسية مرحلة جديدة من خلال الاتفاق على معاهدة نووية جديدة بين البلدين. وبعد اتصال هاتفي بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الروسي دميتري مدفيديف. صباح أمس، أعلنت واشنطن عن التوصل إلى اتفاق رسمي على المعاهدة التي سيوقعها الرئيسان في براغ يوم 8 أبريل (نيسان) المقبل، بعد عام من إعلان أوباما من براغ عزمه على جعل العالم خاليا من الأسلحة النووية.

وأعلن أوباما في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض صباح أمس: «إنني مسرور للإعلان بأنه بعد عام من المفاوضات الشديدة، الولايات المتحدة وروسيا اتفقتا على اتفاق تحديد الأسلحة النووية الأكثر شمولا خلال نحو عقدين». وأضاف أوباما أن هذا الاتفاق يصب في صالح «إحدى أكبر أولوياتي الأمنية الوطنية لمعالجة التهديد الذي يواجهه الشعب الأميركي من الأسلحة النووية».

ومعاهدة نزع الأسلحة النووية التي تفاوض بشأنها وفدان (روسي وأميركي) منذ أشهر طويلة في جنيف، ستحل محل معاهدة «ستارت 1» المبرمة في 1991 والتي انتهى العمل بها في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) 2009. وقد جعل مدفيديف وأوباما من هذه المعاهدة رمزا لتحريك العلاقات الروسية - الأميركية التي تدهورت بشكل كبير إبان ولاية الرئيس الأميركي السابق جورج بوش. وبعد 14 لقاء واتصالا هاتفيا بين أوباما ومدفيديف، توصلا إلى اتفاق على هذه المعاهدة.

وألقى أوباما خطابا حول التوصل إلى الاتفاق مع الروس في البيت الأبيض ومعه وزير دفاعه روبرت غيتس ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال مايك مالون. ووجود مالون، الذي أكد موافقته الكلية على الاتفاقية، كان مهما للإدارة الأميركية لإظهار دعم الجهات العسكرية الأميركية لهذه الاتفاقية.

واعتبر غيتس أن الأسلحة النووية ما زالت «ركنا مهما من دفاعنا.. ولكن من الواضح إمكان تحقيق أهدافنا من دون هذا العدد الكبير من الأسلحة النووية». وأضاف أن «الرحلة التي اتخذناها إلى تقليص ملموس في عدد الأسلحة شهادة إلى كيفية تغيير العالم». وتحدد الاتفاقية الجديدة حد الرؤوس الحربية النووية بـ1550 رأسا حربيا، وذلك انخفاض بنسبة 74 في المائة عن الاتفاق الذي أبرم بين البلدين عام 1991، و30 في المائة أقل من العدد المحدد في معاهدة موسكو التي وقعت عام 2002. ويذكر أن صلاحية الاتفاق الجديد 10 أعوام، إلا في حال إبرام اتفاق جديد قبل ذلك الموعد بين البلدين. وأكد البيت الأبيض، أمس، أن المعاهدة الجديدة لا تتضمن أي بنود تحد من قدرة الولايات المتحدة على تنفيذ برامج الدفاع الصاروخي أو إجراء اختبارات متعلقة بالصواريخ البعيدة المدى.

وبعد نجاحه في تمرير قانون إصلاح الرعاية الصحية بداية الأسبوع وتحقيق نصر في تحقيق برنامجه للسياسة الداخلية، ينهي أوباما الأسبوع بانتصار على الصعيد الخارجي، بالتوصل إلى الاتفاق النووي. ولكن بعد توقيع الاتفاقية، تواجه إدارة أوباما مهمة إقناع مجلس الشيوخ بالمصادقة على المعاهدة بشكل يرضي الحزبين الديمقراطي والجمهوري. ويذكر أن التوافق بين الحزبين على السياسة النووية والأمنية تقليد أساسي في السياسة الأميركية. وقالت كلينتون: «نحن نركز على المصادقة، ونعمل بجهد، وسنتواصل بعمق واتساع مع أعضاء مجلس الشيوخ وسنطلع أعضاء مجلس النواب».

ووصفت كلينتون التوصل إلى الاتفاقية الجديدة بأنه «إنجاز عظيم في علاقاتنا مع روسيا»، لكنها أوضحت أنها «استغرقت الكثير من العمل» من الجانبين. ويذكر أن التوصل إلى الاتفاق استغرق أشهرا أطول من التي كانت متوقعة، إذ كان من المهم الاتفاق على البروتوكول المرفق بالمعاهدة، وهو يتضمن التفاصيل التقنية لتطبيق المعاهدة. وأوضحت كلينتون أنه تم الاتفاق على توقيع المعاهدة في براغ لـ«إرسال رسالة بأن هذه اتفاقية في صالح أوروبا».

وتطرق المؤتمر الصحافي الذي عقد في البيت الأبيض مرات عدة إلى إيران. وقالت كلينتون: «دول لا تتمتع بثقة المجتمع الدولي مثل إيران وكوريا الشمالية تسعى للحصول على الأسلحة النووية». وأضافت: «لدينا محادثات بناءة مع كل حلفائنا ومشاورات مع الروس.