جعجع انتقد الهجوم على المحكمة واعتبر أن شرذمة الصف الداخلي تخدم إسرائيل

سليمان سحب ممثله من احتفال ذكرى حل القوات وبري أعاده بعد «تفهم الأمر» ومصادر توقعت «انزعاجا سوريا»

TT

لم تمر ذكرى حل حزب «القوات اللبنانية» من دون بوادر أزمة سياسية في لبنان، بعدما سحب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان صفة تمثيله عن وزير العدل إبراهيم نجار من الاحتفال الذي أقيم أمس في بيروت، وذلك احتجاجا على تصاعد اللهجات الخطابية في مضمون الكلمات التي ألقيت بالمناسبة إلا أن نجار بقي بصفته الشخصية، كونه وزير «القوات» في الحكومة.

وفي حين نشر أحد المواقع الإلكترونية أن رئيس مجلس النواب نبيه بري سحب أيضا صفة التمثيل عن النائب روبير فاضل، بعد إلقاء الإعلامية مي شدياق كلمتها، أوضح مصدر في «القوات» لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر اتصل فعلا ليسحب تمثيل بري عن المناسبة، إلا أن النائب أنطوان زهرا سارع إلى الاتصال ببري، وأوضح له أن الحزب ليس مسؤولا عما يرد في بعض الكلمات. فتفهم بري الأمر وأبقى على تمثيله في الاحتفال».

وكانت شدياق قد قالت إن «سورية لم تغادر سياستها القديمة في التعالي والاستكبار». وأضافت: «35 ألف جندي سوري على دمائنا خرجوا ولن يعودوا ولو كان الثمن الموت والتضحية». وأكدت: «لسنا نحن من يدعي المقاومة ويقوم بالتفاوض من تحت الطاولة مع الإسرائيليين».

باستثناء شدياق لم يذكر أحد من خطباء المناسبة سورية مباشرة، وإن كانت الإشارات واضحة إلى «عهد الوصاية». واحتمال تسبب احتفال القوات اللبنانية في أزمة سياسية لا تقتصر على الداخل اللبناني، فقد رجحت مصادر مطلعة أن تؤدي كلمتا النائبين في تيار «المستقبل» عاطف مجدلاني وأحمد فتفت إلى «انزعاج سوري». وقال: «الرئيس السوري بشار الأسد أشار بوضوح إلى هذا الخلل بين مواقف الحريري ونواب كتلته وفريق عمله. واليوم شهدنا هذه الخطابات التصعيدية التي لم تراع أن الحريري سيزور سورية خلال أسبوعين. لذا أتوقع أن لا تمر هذه المسألة مرور الكرام».

وكان جعجع قد استهل كلمته بـ«شكر كبير لنبيه بري لأنه أثبت أنه بغض النظر عن الاختلافات السياسية لا يقبل أن يتصرف إلا كرئيس مؤسسة دستورية هو مسؤول عنها، ولم يقبل إلا أن يرسل ممثلا شخصيا عنه هو النائب روبير فاضل، عندما نتصرف جميعا من منطلق الدستور والمؤسسات الدستورية كل مشكلاتنا تحل». وفي حين لم يأت على ذكر سليمان بعث بـ«تحية كبيرة لرفيق النضال سعد الحريري (رئيس مجلس الوزراء) الممثل بوزير التربية حسن منيمنة».

وتطرق إلى «الحملات التي تشن، مباشرة أو مداورة، على المحكمة الدولية. الهجوم عليها واتهامها بأنها أداة للاستكبار العالمي وإسرائيل». كما انتقد «من يذهب إلى القول إنه من الأفضل أن لا تكمل المحكمة، إذا كانت أعمالها ستهدد الاستقرار في لبنان، ولكن لماذا هذا الافتراض؟ وكيف بجميع الأحوال يمكن لأعمال المحكمة أن تهدد الاستقرار في لبنان؟».

وقال: «إذا كانت أدلة وقرائن المحكمة الدولية دقيقة ساطعة أكيدة، فلماذا يهدد ذلك الاستقرار في لبنان؟ وما الحرب الشاملة التي نشهدها في الوقت الحاضر على المؤسسات الدستورية كافة إلا خير دليل على محاولاتهم لسلبنا ما حققناه في استقلالنا الثاني. فهذا يريد استقالة رئيس الجمهورية لأسباب لم نفهمها، ولم يفهمها أحد، وذاك يُرغي ويزبد ضد المجلس النيابي ولجانه، والفرقاء السياسيين كافة، ويهدد بأنه، ومهما يكن رأي أكثرية المجلس النيابي، لن تكون هناك انتخابات بلدية ما لم تكن بشروطه».

ودعا جعجع إلى «الوقوف صفا واحدا خلف المؤسسات الدستورية، من رئاسة الجمهورية، إلى الحكومة ومجلس النواب، وخلف الإدارات الرسمية، خصوصا العسكرية. إن الدولة والحرية في لبنان في خطر».

وتمنى لو أنه استطاع مناقشة الأزمات المعيشية اللبنانية، ليقول إن «الأولوية للتحذير من الخطر المحدق لجهة مصادرة قراره ومصادرة الحريات وتقديمه ذبيحة على مذبح أزمات المنطقة المعقدة، وهذا ما استدعى انعقاد المؤتمر الأخير لحركة 14 آذار تحت عنوان حماية لبنان».

وأضاف: «أكبر خدمة نقدمها لأعداء لبنان، وفي مقدمتهم إسرائيل، هي شرذمة الصف الداخلي اللبناني ونكران حق الآخرين في المناقشة وإبداء الرأي وتخوينهم». وسأل: «عن أي استراتيجية يتكلمون؟ وأي نتائج يتوخون، إذا كانوا يضربون المرتكزات الأولية الجوهرية المطلوبة لنجاح أي استراتيجية دفاعية؟». وقال إن «الأمر الواقع، العسكري والأمني الحالي في لبنان، موروث من أيام الوصاية، وليس نتيجة مناقشات هادئة، ورصينة، وجدية بين اللبنانيين، لذلك فهو لا يشكل استراتيجية دفاعية، وعلينا وضع قرار الدفاع عن لبنان لدى الحكومة اللبنانية، ومناقشة فعلية جدية، وبالعمق، على طاولة الحوار للاستراتيجية الدفاعية الأفضل للبنان، لأن حماية لبنان لا تقوم على مصادرة فريق من اللبنانيين لقرار الدفاع عن لبنان، واستبعاد الدولة اللبنانية، وكل الآخرين من خطوة وضع قرار الدفاع عن لبنان».

وأوضح: «لا حل لمشكلات الشرق الأوسط قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة حرة. وبقاء القضية الفلسطينية من دون حل يفتح الباب على مصراعيه للتطرف في كل الاتجاهات، كما يفتح المجال واسعا أمام الأنظمة اللاديمقراطية في المنطقة للحد أكثر فأكثر من الحريات».

النائب عاطف مجدلاني استعاد في كلمته زيارته جعجع أثناء سجنه في وزارة الدفاع. فسأله جعجع: «لماذا أنا هنا، هل لدعمي الشرعية؟ هل لأنني أساس في الطائف؟ أم لأنني سلمت سلاح القوات من أجل قيام الدولة لا الدويلة». وقال إن «11 سنة من السجن وسام على صدر جعجع. والأكيد أن لبنان يستحق منا التضحية».

وكان النائب في كتلة «المستقبل» أحمد فتفت قد شدد في كلمته على «أن دماء الرئيس رفيق الحريري وشهداء 14 آذار هي رمز للوحدة الوطنية وسلاحه الأوحد، فهذه الحركة ليست ملكا لأحد إنما هي ملك الشعب اللبناني، لأن هذا الشعب هو الذي أوجد 14 آذار» وليس أي قوى محلية أو أجنبية. وهي حاجة وطنية حقيقية وشراكة وطنية ووحدة وطنية مبنية على العيش الواحد الإسلامي - وتيار المستقبل يصر على هذا التوجه».