نتنياهو يبحث مع اللجنة الوزارية الرد الرسمي على المطالب الأميركية لتسوية الأزمة

استطلاع للرأي: المواطنون الإسرائيليون يؤيدون التسوية الدائمة مع الفلسطينيين أكثر من قادتهم

فلسطيني يتفقد الأضرار بعد توغل إسرائيلي في قرية أباسان خارج مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم، مباحثاته في اللجنة الوزارية السباعية التي تقود الحكومة في القضايا السياسية المصيرية، من أجل صياغة رد رسمي على المطالب الأميركية لتسوية الأزمة بين البلدين، والشروط الأميركية لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين.

وفي الوقت نفسه، دلت نتائج استطلاع للرأي أجري في إسرائيل لصالح جهة أميركية على أن هنالك هوة بين مواقف أعضاء الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) وبين مواقف الجمهور الذي انتخبهم. وبينما يتحفظ القادة من التسوية الدائمة وفقا للشروط الدولية المعروفة، فإن الغالبية الساحقة من الجمهور تؤيدها.

وحسب مصادر في تل أبيب، فإن اللجنة الوزارية السباعية، التي بدأت مباحثاتها أول من أمس، قد تحتاج إلى جلسة ثالثة، وربما رابعة، حتى تنجز أعمالها، علما بأن الإدارة الأميركية أبلغت نتنياهو أنها تنتظر رده في أقرب وقت.

وكان أربعة من الوزراء السبعة أكدوا رفضهم لعدد من هذه المطالب، خصوصا تجميد البناء الاستيطاني في القدس الشرقية المحتلة، التي تعتبرها إسرائيل جزءا منها وترفض التعامل معها كمنطقة محتلة، كما أنهم يرفضون تخفيف الحصار عن قطاع غزة. ولكنهم معنيون بتسوية الأزمة مع واشنطن. وقال مصدر إسرائيلي إن نتنياهو، وضمن محاولته لإقناع وزرائه بضرورة التوصل إلى موقف غير صدامي مع واشنطن، قال لهم إنه واثق من أنه خلال المفاوضات مع الفلسطينيين سوف تنقلب الآية وتصبح إسرائيل أقرب إلى الإدارة الأميركية، لأن الحالة الفلسطينية ستؤدي إلى عرقلة هذه المفاوضات، وعندها يخف الضغط الأميركي على إسرائيل ويتجه نحو الفلسطينيين.

وكانت الصحافة الإسرائيلية قد خرجت بحملة ضغوط على نتنياهو لوقف التدهور في العلاقات مع واشنطن، ودمغوه بالفشل والمغامرة وحتى بالصفاقة. وفي برنامج سياسي كوميدي في «القناة التلفزيونية التجارية المستقلة» (القناة الثانية)، أظهروا نتنياهو وهو يتكلم مع أوباما كصديق صفيق يتعرض للإهانة والبهدلة فيتركه الرئيس باراك أوباما وحيدا في الغرفة، ويقع في سلسلة أخطاء تنتهي به أن يحرق العلم الأميركي في البيت الأبيض بسبب السيجار الذي يدخنه، وعندما يحاول إطفاء الحريق بقدمه، يدخل أوباما من جديد ويصاب بالصدمة فيطرده.

وكتبت صحيفة «هآرتس» مقالا افتتاحيا تحت عنوان «حكومة خطيرة»، قالت فيه: «رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وشريكه الكبير إيهود باراك عادا من واشنطن مخلفين وراءهما أزمة عميقة في علاقات إسرائيل مع القوة العظمى القوية والودودة الهامة في العالم».

وكتب يوئيل ماركوس في الصحيفة نفسها أن «نتنياهو أمل أن تتطور الأمور على نحو مغاير. فقد سعى إلى أن يري أوباما، من خلال مؤتمر إيباك، أن الطائفة اليهودية والكونغرس يقدمان له إسنادا حيال مطلب الإدارة وقف المستوطنات في الضفة الغربية والكف عن تهويد شرقي القدس. ويبدو أنه صدق الاستطلاعات بأن إسرائيل أكثر شعبية من أوباما لدى الجمهور الأميركي».

وكتب بن كسبيت في «معريب» أن ما حصل مع نتنياهو في واشنطن هو كارثة بالنسبة لإسرائيل. فهنالك وضع جديد، حيث إن الولايات المتحدة لا تستطيع تحقيق مصالحها في الشرق الأوسط بغير تسوية النزاع الإسرائيلي - العربي، وهذا تغيير استراتيجي وتاريخي حاسم. لم تعد مصلحة إسرائيل إحراز تسوية منذ الآن. بل أصبحت مصلحة أميركا أيضا منذ الآن. فحياة الجنود الأميركيين معلقة بذلك. والمصالح الأميركية الأشد حساسية متعلقة بذلك. وبعبارة أخرى يسألنا الأميركيون: «أنتم معنا أيها الإسرائيليون الأعزاء أم علينا؟». فقد انتهت فترة الكذب والغمز التي استطالت أكثر من 40 سنة.

ويكتب ناحوم بارنياع في «يديعوت أحرونوت»: «كانت رحلة نتنياهو فشلا معلوما سلفا. وقد قيل كل شيء وكتب كل شيء. كان يجب على نتنياهو أن يعلم أن أقوى جماعة ضغط في واشنطن، جماعة الضغط العسكرية، تضغط من أجل تهيئة خازوق معلن في البيت الأبيض لرئيس حكومة إسرائيل».

ومن جهة أخرى، أجرى «معهد السلام في الشرق الأوسط» للملياردير دانييل إبراهام في واشنطن، بواسطة المعهد الإسرائيلي، الذي تقوده د. مينا تسيمح، باشتراك عينة من 730 مواطنا إسرائيليا، ومقابلات شخصية مع ما يقرب من 100 من أعضاء الكنيست لم تنشر أسماؤهم.

وقد سئلوا عن عملية السلام وفقا للمبادئ الأساسية التالية: دولتان، إسرائيل دولة الشعب اليهودي وفلسطين دولة الشعب الفلسطيني، وحق العودة إلى فلسطين فقط، والدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، والحدود على أساس 67 وتبادل الأراضي مع الأخذ في الحسبان حاجات إسرائيل الأمنية، وتبقى الكتل الاستيطانية الكبيرة في سيادة إسرائيل، والأحياء اليهودية في القدس لإسرائيل والأحياء العربية لفلسطين، والبلدة القديمة بين الأسوار بغير سيادة، تديرها الولايات المتحدة وإسرائيل والفلسطينيون على نحو مشترك، وتكون الأماكن المقدسة تحت رقابة دينية كما هي الحال اليوم (وحائط المبكى تحت رقابة إسرائيل ومسؤوليتها).

وجاءت النتائج على النحو التالي: يؤيد هذا الاتفاق 46% من أعضاء الكنيست قياسا بـ67% من المواطنين، ويعارض 53% من أعضاء الكنيست، قياسا بـ29% من الجمهور، بعد ذلك راحت مينا تسيمح تطور الاتفاق، زادت في كل مرة عناصر أخرى تحسنه في نظر الإسرائيليين، فعندما زادت «ضمانا أميركيا لأمن إسرائيل كدولة يهودية»، زاد تأييد الجمهور من 63% إلى 67%. وعندما زادت «جدارا أمنيا قويا على خط الحدود» ارتفع التأييد إلى 73%. وعندما زادت أن «تنفيذ الاتفاق سيكون مشروطا بنقض قوة حماس العسكرية» ارتفع التأييد إلى 82%. وعندما زادت «حلفا دفاعيا مع الولايات المتحدة» ارتفع التأييد إلى 83% وهكذا. مع هذه التحسينات كلها، زاد تأييد أعضاء الكنيست بنسبة 2 في المائة فقط، من 46% إلى 48%.

والأدهى من ذلك أن هنالك هوة أيضا بين أحزاب اليمين وجمهور اليمين، فقد أيد 27% من أعضاء الكنيست من الليكود تسوية كهذه قياسا بـ50% من ناخبي الليكود، وعارض 73% قياسا بـ45% عارضوه (من الناخبين). العامل الرئيسي الذي ضايق أعضاء الكنيست في هذا الاتفاق كان القدس (44%)، في حين كان هذا العامل أقل هيمنة عند الجمهور.