البيت الأبيض: العالم يقترب من بعضه إزاء العقوبات على طهران.. وإيران تنقسم

كندا تحث «مجموعة الثماني» اليوم على تشديد العقوبات.. والصين تتجه للموافقة «على مضض»

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد خلال زيارة له الى مركز ناتنز النووي الذي يجري فيه تخصيب اليورانيوم في ايران (أ. ب)
TT

فيما قال مستشار في البيت الأبيض إن الولايات المتحدة تتقدم في مساعيها في إيجاد حلفاء للتصدي لطموحات إيران النووية، تتجه كندا اليوم إلى حث مجموعة دول الثماني على تشديد العقوبات على طهران. ويأتي ذلك في وقت ظهرت فيه بوادر موافقة صينية على تلك العقوبات لكن «على مضض».

ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن المستشار ديفيد أكسلرود تصريحاته لمحطة «سي إن إن» بأنه عندما استهلّت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما مهامها كانت إيران موحدة بينما كان العالم منقسما إزاء الطرق الأفضل للتعامل مع طهران.

لكن أكسلرود أضاف أن الموقف انقلب الآن وأصبح العالم يقترب بعضه من بعض أكثر فأكثر، بينما تبدو إيران نفسها منقسمة، في إشارة إلى «الحركة الخضراء» التي تقودها المعارضة الإيرانية التي نظمت احتجاجات منذ إعادة انتخاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في يونيو (حزيران) الماضي.

وعبّر أكسلرود عن ارتياحه حيال التعاون الذي أبداه الروس كما أعرب عن اعتقاده أن موسكو ستدعم عقوبات جديدة ضد طهران.

وكان الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف قد قال أول من أمس إن فرض مزيد من الضغوطات على إيران بسبب برنامجها النووي ليس الخيار الأفضل، لكنه أضاف أن خطوة كهذه لن تكون مستبعَدة.

كما قال فاليري غاريت كبير مستشاري أوباما إن تحالفا دوليا قويا يقترب بعضه من بعض أكثر فأكثر، الأمر الذي سيترك طهران تتراجع.

إلى ذلك، يتوقع أن تتصدر قضايا إيران والأمن النووي والانتشار النووي جدول أعمال وزراء خارجية مجموعة الثماني (جي 8) عندما يعقدون اجتماعهم اليوم وغدا في أوتاوا بكندا.

وتترأس كندا هذا العام مجموعة الثماني الصناعية الكبرى، التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا واليابان وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وروسيا. وقال دبلوماسيون إن التحرك الدولي لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية سيكون الموضوع الرئيسي في الاجتماع.

وكان وزير الخارجية الكندي لورانس كانون قد قال في وقت سابق إن إيران ستكون «أهم انشغال» لوزراء خارجية مجموعة الدول الثمانية لدى اجتماعهم في أوتاوا. وأضــــــــاف: «للأسف لم يتبقَّ خيار سوى فرض عقوبات إضافية ضد إيران من خلال مجلس الأمن الـــــــــــدولي».

ويأتي ذلك في الوقت الذي تتجه فيه الصين ببطء وعلى مضض إلى تبنّي فكرة فرض الأمم المتحدة عقوبات جديدة على إيران لكن بكين تريد أن تكون أي خطوات جديدة «ضعيفة».

ويقول دبلوماسيون ومحللون غربيون إن هذا التقدم يأتي هذا الأسبوع بعد أن أنهت الصين تأجيلات متكررة استمرت لأشهر بالموافقة على خوض مناقشات جادة مع خمس قوى عالمية أخرى بشأن كيفية وضع مسودة قرار لفرض عقوبات جديدة على إيران تطرح على مجلس الأمن الدولي الذي يتألف من 15 دولة.

وبحسب تقرير لوكالة «رويترز» فإن المعركة لحشد تأييد روسيا والصين الكامل، اللتين تربطهما علاقات تجارية وثيقة بإيران، بدأت لتوها.

وقال مارك فيتزباتريك من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: «موافقة الصين على الانخراط تُعتبر نجاحا»، وأضاف: «لا أظن أن أي أحد يراهن على المدة التي ستستغرقها هذه العملية. لكن يبدو أن السؤال لم يعد ما إذا كانت ستفرض بل متى»، وأضاف فيتزباتريك أن نجاح الرئيس أوباما في إنهاء أشهر من الجمود للاتفاق مع روسيا على بديل لمعاهدة خفض الأسلحة النووية (ستارت) التي ترجع إلى حقبة الحرب الباردة سيعطي دفعة للعلاقات الروسية الأميركية ويساعد على الاحتفاظ بدعم موسكو لفرض عقوبات جديدة على إيران.

ويقول دبلوماسيون من الدول الست المشاركة في مفاوضات العقوبات وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا، إن القوى الغربية الأربع تود تبنّي قرار الشهر القادم قبل مؤتمر تعقده الأمم المتحدة عن معاهدة حظر الانتشار النووي في مايو (أيار) ويستمر لمدة شهر.

لكنهم يعترفون أن المفاوضات ستمتد على الأرجح حتى يونيو (حزيران) على الأقل، ويرجعون هذا في الأساس إلى رغبة الصين وروسيا في تخفيف حدة أي إجراءات عقابية مقترحة. وعلى الرغم من أن موسكو تدعم فكرة العقوبات فإنها تريدها أن تكون إجراءات مستهدفة تركز على برنامج إيران النووي.

وقال شي ين هونغ الأستاذ بجامعة رينمين في بكين: «قد تقبل الصين قرارا للأمم المتحدة ينطوي على عقوبات في النهاية، لكن على مضض كما حدث من قبل»، وأضاف: «الصين تواجه ضغوطا متزايدة للتحرك (لكنها) تعلم أن الولايات المتحدة والقوى الأخرى ترغب بشدة في انضمام الصين جزءا من موقف موحد. ما زال هذا يعطي الصين مساحة للمناورة وستستغلها أقصى استغلال».

وتتمتع الصين وروسيا على غرار الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن. وقالت المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات ومقرها بروكسل في تقرير في الآونة الأخيرة إن تكتيكات التعطيل التي تلجأ إليها الصين تعود بفوائد معينة على بكين التي يقول محللون ودبلوماسيون إنها تبدي حزما متزايدا في مجلس الأمن الذي كانت تفضل فيه ذات يوم عدم لفت الأنظار.

وأضاف التقرير: «سلوك المسار الدبلوماسي يعطل الإجراءات العقابية ويعظم قوة المساومة التي تتمتع بها بكين فيما يتصل بإيران والغرب على حد سواء... غير أنه إذا دعمت روســــــــــــــــــيا العقوبات في نهاية المطاف فإن من المرجح أن تنضم إليها الصين تجنبا للعزلة الدبلوماسية».

وتابع التقرير: «بكين لن تأخذ صف إيران على حساب علاقاتها بالولايات المتحدة على الرغم من المشكلات التي شهدتها العلاقات الصينية الأميركية في الآونة الأخيرة. ما زالت قيمة تلك العلاقات بالنسبة إلى الصين أكبر من قيمة علاقاتها بإيران».

وترفض إيران المزاعم الغربية بأن الهدف من برنامجها النووي هو تطوير القدرة لإنتاج أسلحة نووية. وتؤكد أن طموحاتها تقتصر على توليد الكهرباء وتجاهلت خمسة قرارات من مجلس الأمن الدولي تطالبها بوقف تخصيب اليورانيوم.

وتمارس روسيا والصين ضغطا على إيران من وراء الكواليس، وقال دبلوماسيون غربيون إن القوتين وجّهتا اللوم إلى حكومة طهران في وقت سابق هذا الشهر وقالتا إنهما تريدان من إيران أن تقبل بعرض للوقود النووي تدعمه الأمم المتحدة وأن تغير سياستها النووية.

وأضاف الدبلوماسيون أن كلتا الدولتين لم تحصل على رد مُرضٍ حتى الآن، وهو ما قد يســــــــــاعد في تفسير قرار الصين الانضمام إلى اجتماع للقوى الســــــــــــــــت عن إيران عبر دائرة هاتفية هذا الأســـــــــــــبوع.

وكانت روسيا والصين دعمتا ثلاثة قرارات سابقة أعوام 2006 و2007 و2008 فرضت عقوبات محدودة على إيران بحظر السفر وتجميد الأصول استهدفت بعض الأفراد الإيرانيين والشركات المرتبطة ببرنامجي طهران النووي والصاروخي. لكنهما لم تفعلا هذا إلا بعد أن عملتا بجهد لتخفيف العقوبات المقترحة إلى حد أن بعض المحللين والدبلوماسيين اعتبروا عقوبات الأمم المتحدة رمزية إلى حد كبير.

وعلى الرغم من أن العقوبات بدت مخففة على الورق فإن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفاءهما طبقوا الكثير من الإجراءات بصرامة وأدرجوا الكثير من البنوك الإيرانية الكبرى على قائمة سوداء وضغطوا على مؤسسات غربية كبرى للانسحاب من الجمهورية الإسلامية.

ويقول دبلوماسيون غربيون إن هذا أضر بإيران أكثر مما كان متوقعا. ويقول دبلوماسيون أوروبيون إنه إذا فرض مجلس الأمن عقوبات إضافية على إيران فإن الاتحاد الأوروبي على الأرجح سيمرر عقوبات خاصة به مطبقا إجراءات تتجاوز أي عقوبات للأمم المتحدة. وسيوسع أحدث اقتراح للعقوبات من نطاق قائمة سوداء للأمم المتحدة لتشمل بعض أعضاء الحرس الثوري الإيراني والمؤسسات الخاضعة لسيطرته وقد صاغت الولايات المتحدة هذا الاقتراح وسلمته لروسيا والصين منذ نحو شهر بعد الاتفاق عليه مع ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.

ويقول سفراء إن فرنسا كانت دعت إلى فرض عقوبات على قطاع الطاقة لكن المسودة الأميركية لم تدرج عقوبات من هذا النوع كما لم تضم حظرا مقترحا للمعاملات المرتبطة بالبنك المركزي الإيراني عارضته ألمانيا.

غير أن المسودة تدعو إلى توسيع نطاق القيـــــــود القائمة على تجارة السلاح مع إيران لتتحول إلى حظر شامل للتسلح مع نظام تفتيش يشبه ذلك المطبق مع كوريا الشـــــــمالية فضلا عن إدراج عدد من شركات الشحن الإيرانية على قائمة سوداء. كانت روسيا قالت إنها غير راضية عن فكرة حظر شامل للتسلح وإجراءات أخرى في المســـــــــــودة الأميركية. ولم يصدر رد فعل عن الصين بعد.