القمة العربية تدعو أوباما إلى التمسك بموقفه المبدئي الرافض للاستيطان الإسرائيلي

اختتمت أعمالها بإصدار إعلان ووثيقة سرت.. وربطت استئناف المفاوضات بوقف الاستيطان في القدس الشرقية

القذافي وموسى خلال الجلسة الختامية لقمة سرت أمس (أ.ف.ب)
TT

دعا القادة العرب في ختام قمتهم في سرت في ليبيا الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى التمسك بموقفه المبدئي الرافض للاستيطان، وربطوا بين استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية والوقف الكامل للاستيطان في القدس الشرقية.

وقد اختتم القادة العرب قمتهم العادية رقم 22 أمس بمدينة سرت الليبية بإصدار «إعلان سرت»، سجلوا فيه مواقفهم من كافة القضايا المعروضة على القمة وتتعلق بموضوعات العمل العربي المشترك، وكيفية معالجة الأوضاع المتفجرة في أكثر من موقع بالوطن العربي، على رأسها عملية السلام في الشرق الأوسط، والمفاوضات بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل، وكذلك الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس. وتابع إعلان سرت المقترحات التي تقدم بها القادة والرؤساء لتفعيل التعاطي مع قضايا الأمة والحوار مع العالم الخارجي، خصوصا دول الجوار، حيث ناقشوا اقتراحا بإقامة رابطة لدول الجوار العربي (إيران وتركيا).

كما أصدر القادة العرب «وثيقة سرت» حول تطوير منظومة العمل العربي المشترك، وبرز هنا اقتراح بعقد القمة مرتين في العام، وتقرر تشكيل لجنة من ترويكا القمة العربية تضم كلا من العقيد معمر القذافي (الرئيس الحالي للقمة)، والرئيس العراقي جلال طالباني (الرئيس القادم للقمة)، وأمير قطر الشيخ حمد آل ثاني (الرئيس السابق للقمة)، يضاف إليهم الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس اليمني علي عبد الله صالح، للإشراف على إعداد دراسة حول تطوير منظومة العمل العربي المشترك. وتقرر عقد قمة عربية استثنائية في موعد غايته شهر أكتوبر من العام الجاري (2010) لمناقشة ما ستتوصل إليه اللجنة الخماسية.

وأظهرت الوثيقتان الصادرتان عن القمة (إعلان سرت ووثيقة سرت) أن الزعماء العرب تناولوا باستفاضة - ربما للمرة الأولى - قضيتين بالغتي الأهمية، الأولى هي العلاقة بين العرب ودول الجوار، التي كانت محل جدل حاد بين عدد من الدول العربية وتسببت في ما يمكن تسميته بـ«استقطابات» على الساحة العربية، والثانية هي تطوير منظومة العمل العربي المشترك وآلياته، التي فرضت نفسها بحدة على القمة ولم يستطع أحد تجاهلها رغم التعامل البروتوكولي معها خلال السنوات الماضية.

إلى ذلك جدد القادة العرب مطالبهم في ما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط، وفي مقدمتها الوقف الكامل للاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كشرط لاستئناف المفاوضات بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل. وشددوا على ضرورة الالتزام بسقف زمني محدد لهذه المفاوضات، وأن تستأنف من حيث توقفت وعلى أساس المرجعيات المتفق عليها لعملية السلام.

وفي هذا الإطار أكد القادة العرب تضامنهم ومساندتهم الكاملة للشعب الفلسطيني في نضاله من أجل استرداد حقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية. وقرر القادة طرح الإجراءات الإسرائيلية غير المشروعة في القدس والأراضي المحتلة على محكمة العدل الدولية ومجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة والدول الأطراف في اتفاقية جنيف.

كما أقر القادة العرب خطة دعم صمود القدس التي اتفق عليها وزراء الخارجية الخميس الماضي، والتي تنص خصوصا على تخصيص 500 مليون دولار لصندوقي القدس والأقصى اللذين أسسا عام 2001 في أعقاب الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

وأكد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، في مؤتمر صحافي عقب القمة، استمرار التمسك العربي في المرحلة الراهنة بمبادرة السلام، وأضاف مؤكدا: «إن الشيء الوحيد الذي لا يمكن سحبه هو موضوع الدولتين، وإذا ثبت أن إسرائيل لا تترك مجالا لقيام دولة فلسطينية حقيقية فاعلة وذات سيادة، هنا ربما ننظر في أنه إذا لم تكن هناك فائدة من دولتين، يصبح الحل دولة واحدة، ما يعني أنها لن تكون دولة يهودية».

وتابع: «هذه هي النقطة الوحيدة التي يمكن إعادة النظر فيها، ولكن هذا تطور جذري وتاريخي لا بد أن يكون بناء على قرار متخذ بوعي كامل».

و«رحب» القادة العرب «بإجراء الانتخابات في العراق، وبما أظهره العراقيون من تمسك بالعملية السياسية الديمقراطية»، ودعوا «القيادات العراقية إلى تغليب المصلحة الوطنية ووضعها فوق كل اعتبار، والإسراع في تشكيل حكومة عراقية وطنية تحفظ وحدة العراق شعبا وأرضا».

وخلافا للعادة لم تعقد جلسة ختامية بالمعنى المتعارف عليه، حيث لم تلقَ كلمات ولم يتحدث رئيس القمة الزعيم الليبي معمر القذافي، وتم الاكتفاء بكلمة مقتضبة ألقاها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، استعرض فيها باختصار قرارات القمة، مؤكدا أن القادة العرب «تنازلوا جميعا عن كلمتهم من أجل تخصيص الوقت كله للمناقشات».

وما إن أنهى موسى كلمته حتى قال القذافي: «يعزف نشيد (الله أكبر) وترفع الجلسة» قبل أن يخرج من القاعة مسرعا.