المالكي يتحرك على أكثر من صعيد للحيلولة دون تشكيل علاوي الحكومة المقبلة

رئيس القائمة العراقية يتهمه بـ«المناورة» بهدف تقويض فوزه الانتخابي

TT

بدأ رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي يتواصل مع التكتلات السياسية الأخرى داخل العراق أول من أمس بحثا عن حلفاء من أجل تشكيل الحكومة المقبلة في العراق. وفي الوقت نفسه، اتهم منافسه البارز رئيس الوزراء نوري المالكي بالمناورة بهدف تقويض فوزه في الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من مارس (آذار).

يذكر أن قائمة «العراقية»، التي يتزعمها علاوي، تفوقت على «ائتلاف دولة القانون»، الذي يتزعمه المالكي، بمقعدين اثنين، لتحصل على 91 مقعدا مقابل 89 مقعدا لـ«ائتلاف دولة القانون»، وذلك وفق النتائج التي أعلن عنها يوم الجمعة الماضي. ويواجه علاوي تحديا أكبر في سعيه إلى تشكيل أغلبية. ويتعين على علاوي، وهو شيعي علماني تفوق من خلال تودده إلى العرب السنة والناخبين العلمانيين، التواصل مع سياسيين شيعة وأكراد. ويتعين عليه التواصل مع إيران الشيعية، إذ أن لها نفوذا داخل الساحة السياسية العراقية أكبر من الولايات المتحدة. ودعا علاوي أول من أمس إلى الوحدة الوطنية، وقال خلال مؤتمر صحافي عقد بمقر حزبه: «حان الوقت لبدء بناء البلاد ووضع أساس الاستقرار والتنمية الاقتصادية». ويدعو المالكي إلى الأمر ذاته، في الوقت الذي يرفض فيه الاعتراف بنتائج الانتخابات، ويدعو إلى إعادة فرز الأصوات. وأول من أمس، أعرب مسؤولو «العراقية» عن مخاوفهم من أن يستخدم المالكي منصبه كرئيس لحكومة مؤقتة من خلال الطعون ومناورات سياسية تستغرق عدة أشهر لتقليل عدد المقاعد التي حصل عليها تكتل علاوي في الانتخابات. ويشار إلى أنه جرى شطب العشرات من المرشحين قبل الانتخابات بسبب مزاعم بأن لهم صلات بحزب البعث المحظور قانونا الذي كان يتزعمه صدام حسين، وخسر تكتل علاوي العدد الأكبر. وأعلن عن شطب 55 مرشحا آخرين عشية الانتخابات، ويمكن أن يأتي على الهامش البسيط الذي فازت به «العراقية» إذا ما خسر المرشحون طعونا قدموها.

وخلال مقابلة تلفزيونية أجريت معه أول من أمس، قال علاوي إن أعضاء في الحركة كانوا قد تعرضوا للاعتقال. ويقول غاري غرابو، رئيس القسم السياسي داخل السفارة الأميركية: «أعتقد أن (المالكي سوف) يستخدم كل ما في جعبته، حيث إنه أكد ذلك. ولكنه أكد أيضا في تصريح (عقب الانتخابات) أنه سوف يعمل في إطار الدستور وحكم القانون».

ويبدو أن المالكي قد بدأ يستخدم المنظومة القانونية من أجل منع صعود علاوي. ويوم الخميس فسرت المحكمة العليا داخل العراق فقرة غامضة في الدستور بأن التكتل الأكبر داخل البرلمان، الذي له الحق في تشكيل الحكومة المقبلة، يمكن أن يتكون من تكتلين أو أكثر ظهر بعد الانتخابات. ويسمح هذا الرأي لـ«دولة القانون» التي يتزعمها المالكي وتكتل شيعي منافس أن يكون لهما الحق في تشكيل حكومة. ورفض علاوي تفسير المحكمة خلال المقابلة التلفزيونية التي أجريت معه يوم السبت. وأكدت إدارة الرئيس الأميركي أوباما أكثر من مرة خلال العملية الانتخابية أنها لا تفضل مرشحا بعينه، وأعربت عن اهتمامها بحل الخلافات من دون اللجوء إلى أعمال عنف ومن خلال المنظومة القانونية العراقية. وقالت وزارة الخارجية يوم الجمعة: «سيكون من المهم لجميع الأطراف الابتعاد عن الخطابات المثيرة والتهديدات. كما أنه من المهم أيضا أن تستمر الحكومة العراقية في توفير الأمن والخدمات الضرورية الأخرى لمواطنيها خلال هذه المرحلة التي تسبق تشكيل حكومة».

وأكد مسؤولون أميركيون أنهم لن يغيروا خططهم بشأن سحب نصف 95.000 جندي أميركي موجودين حاليا داخل العراق خلال صيف العام الحالي. وقال غرابو: «لا نتوقع أن يؤثر ذلك على جدول الانسحاب في هذه المرحلة».

وإذا نجح المالكي في تشكيل حكومة جديدة، وأقصى علاوي، فإن ذلك من المحتمل أن يثير غضب العرب السنة الذين ينظرون إلى علاوي على أنه أفضل خيار لهم لاستعادة بعض النفوذ. وأول من أمس اشتعلت النيران في مقر حزب علاوي داخل مدينة كربلاء، جنوب العراق. وقالت الشرطة إن سبب الحريق مشكلات في الأسلاك الكهربائية، ولكن يقول أعضاء في «العراقية» إن ذلك دليل على التهديدات التي يطرحها منافسون سياسيون. وقال حسام علي المعمجي، وهو عضو في «العراقية» بكربلاء التي حصلت القائمة فيها على مقعد واحد: «لم نعتقد أنهم سوف ينحطون إلى هذا المستوى».

وعلى الرغم من أن مسؤولين أميركيين أثنوا على الانتخابات، وقالوا إنها مثال على الترفع عن الطائفية، فإن الحملات الانتخابية وعملية التصويت كانت تحت رقابة قوية من جانب حكومات مجاورة بهدف التأثير عليها.

ولكن، بغض النظر عن النتيجة داخل العراق، فإنه من المحتمل أن ينتهي الأمر بتغيير بسيط في الخارطة السياسية داخل العراق. وعلى الرغم من أن مسؤولين من التحالف الكردستاني، الذي حصل على 43 مقعدا، والائتلاف الوطني العراقي الشيعي، الذي حصل على 70 مقعدا، قالوا إنهم منفتحون على التفاوض مع أي تكتل، فإنهم اعترفوا سرا أن التحالف مع تكتل المالكي يمثل الخطوة الأكثر منطقية. ويتزعم الحكومة الحالية شيعة تحالفوا مع الأكراد. ويحوز مجموعة من السنة على مناصب هامة، ولكن يقول كثير من السنة العرب إنهم يشعرون بالإقصاء، ويقولون إن المالكي وقف مكتوف اليدين بينما كان السنة يتعرضون للذبح وينفون في أوج الحرب الطائفية العراقية عامي 2006 و2007. ويقول إبراهيم الصميدعي، وهو محلل سياسي داخل بغداد: «ما يريده الائتلاف الوطني العراقي هو الإطاحة بالمالكي. وإذا حدث ذلك فإن السلطة سوف تبقى في أيدي الشيعة، وسوف يحظى ذلك بدعم المواطنين الشيعة. والمحصلة المحتملة استمرار الوضع على ما هو عليه».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»