انتخابات محلية تضع حكم برلسكوني تحت المحك

الفضائح والبطالة تهددان بنسبة مشاركة متدنية.. ومخاوف من تكرار السيناريو الفرنسي

برلسكوني يتحدث إلى موظفين انتخابيين خلال الإدلاء بصوته في ميلانو أمس (إ.ب.أ)
TT

أدلى الإيطاليون بأصواتهم أمس في اليوم الأول من انتخابات محلية جزئية، تهدف لاختيار رؤساء 13 إقليما من أصل الأقاليم العشرين في البلاد، وتعتبر بمثابة اختبار وطني لحكومة سيلفيو برلسكوني. وتأتي هذه الانتخابات، التي تستمر يومين، وسط فضائح فساد تورط فيها ممثلو اليمين، وارتفاع نسبة البطالة، مما يهدد بتدني نسبة المشاركة مثلما حدث في الانتخابات المحلية الفرنسية التي جرت الشهر الحالي.

وقال رئيس الحكومة لدى تصويته في ميلانو (شمال) «آمل أن لا تتغلب الكراهية على المحبة، وما زلت مقتنعا أنه يجب دوما أن نكون إيجابيين»، في تلميح إلى تشكيله «شعب الحرية» الذي يسميه «حزب الحب» الذي يراه في مواجهة حزب «الكراهية والحسد» أي المعارضة اليسارية.

وأشارت النتائج الأولية لوزارة الداخلية إلى أن نسبة المشاركة بلغت عند الساعة العاشرة صباحا نحو 10% أي بتراجع نقطتين إلى ثلاث نقاط عن الانتخابات المحلية التي جرت في 2005، مما غذى مخاوف اليمين من ارتفاع كبير لنسبة الإحجام عن التصويت. وقال ناندو بانيونتشيللي من مؤسسة «إي بي إس أو إس» لاستطلاع الرأي مع فتح أبواب مراكز الاقتراع أمس إن «وقائع الفساد الأخيرة وخطر البطالة يبعدان الناخبين».

ويبلغ عدد الناخبين الإيطاليين قرابة 41 مليونا يصوتون لاختيار رؤساء 13 إقليما من أقاليم البلاد العشرين. وقد فتحت مراكز الاقتراع التي يبلغ عددها نحو خمسين ألفا أمس اعتبارا من الساعة السادسة صباحا حتى الثامنة مساء. وستفتح مجددا اليوم من الخامسة صباحا حتى الواحدة زوالا، وبعدها يبدأ مباشرة فرز الأصوات.

ويسيطر اليمين الإيطالي على رئاسة اثنين من الأقاليم الـ13 التي تجرى فيها الانتخابات وكان إلى ثلاثة أشهر خلت يعول على شعبية برلسكوني لانتزاع أربعة أو خمسة مناصب من اليسار. لكن اليمين فقد الكثير من شعبيته خلال الأسابيع الماضية بسبب الفضائح وقضايا الفساد التي تورط فيها ممثلوه، وبات سيلفيو برلسكوني يتخوف من ارتفاع نسبة الامتناع عن التصويت، وأن يؤدي ذلك إلى تكرار سيناريو الانتخابات المحلية الفرنسية، ويمنى اليمين بهزيمة قاسية. كما أن «الفوضى» التي حصلت حول لوائحه الانتخابية في لومبارديا ولاتسيو، وهما المنطقتان الرئيسيتان حيث لم يقبل مرشحوه إلا بعد لجوء أمام القضاء، قد تكلفه خسارة أصوات. وباتت الغالبية تعتبر أن كسب منطقة أو منطقتين فقط من اليسار سيشكل نجاحا.

ونفى برلسكوني تعرضه لأي تهديد من شريكه الأصغر في الائتلاف «حزب رابطة الشمال» الذي قد يكسب تأييدا في الشمال، لكنه حث أنصاره على تجنب انخفاض نسبة الإقبال مثلما حدث في الانتخابات الإقليمية الفرنسية التي جرت هذا الشهر، مما أضر بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وقال برلسكوني، 73 عاما، في اليوم الأخير من الحملة الانتخابية يوم الجمعة إن حكومته التي تقود البلاد منذ عامين تقريبا لن تشهد تغييرات كبيرة مهما كانت نتيجة الانتخابات. وقال زعيم تيار يمين الوسط الذي تنتهي ولايته في عام 2013 «كل منطقة نضيفها ستعني نجاحا. الفوز الحقيقي سيكون ضم أغلبية المواطنين تحت إدارتنا».

ويقول متخصصون في استطلاعات الرأي إن ارتفاع نسبة البطالة يتصدر مخاوف 79 في المائة من الإيطاليين، ويتوقعون أن يحتفظ يمين الوسط الحاكم بالسيطرة على منطقتي لومبارديا وفينيتو في الشمال الصناعي والفوز بكالابريا، وربما كامبانيا في الجنوب الأفقر. وقد يحتفظ يسار الوسط بخمس مناطق على الأقل.

وواجه حزب شعب الحرية الذي يقوده برلسكوني انتكاسة كبيرة حين لم يستطع الالتزام بموعد نهائي لتسجيل قائمة مرشحيه لروما، مما أعاق مرشحته لمنصب حاكم لاتسيو ريناتا بولفيريني ضد المسؤولة السابقة بالاتحاد الأوروبي إيما بونينيو. وقدم رئيس الوزراء طعنا لكنه لم يقبل وأنحى باللائمة على القضاة «الشيوعيين» الذين يتهمهم باضطهاده باتهامات فساد منذ خاض مجال العمل السياسي للمرة الأولى في أوائل التسعينات.

وبعد أن عاش برلسكوني عاما مضطربا في 2009 شهد طلاقه وفضائح جنسية ومعارك قانونية لتجنب مثوله أمام المحكمة باتهامات فساد يجري التحقيق حاليا مع رئيس الوزراء لمحاولته وقف برنامج تلفزيوني حواري ينتقده. وفضلا عن هذا يواجه مساعد بارز له قاد جهود الإنقاذ بعد زلزال أبريل (نيسان) الماضي في لاكويلا اتهامات بالكسب غير المشروع. ويقول محللون إن هذه العوامل يمكن أن تؤثر على النتيجة وميزان القوى في ائتلافه. وقد يقتنص حزب رابطة الشمال المناهض للمهاجرين والذي يشغل بالفعل مناصب وزارية مهمة أصواتا من حزب برلسكوني في الشمال الصناعي.