براون يستعيد قواه من أجل البقاء في الحكم.. رغم الفضائح

تقدم زعيم المحافظين تعزز بخبر حمل زوجته.. وسيناريو «البرلمان المعلق» ليس أكيدا

استطلاع حديث يمنح حزب براون ارتفاعا طفيفا في نوايا التصويت
TT

عدا الشهور القليلة الأولى من السنوات الثلاث التي قضاها في 10 داونينغ ستريت، كان الكثير من المحللين السياسيين البريطانيين البارزين ينظرون إلى رئيس الوزراء غوردن براون باعتباره الرجل الذي قدر له أن يقود حزب العمال إلى هزيمة ساحقة في الانتخابات العامة أمام المحافظين، منهيا 13 عاما من هيمنة حزب العمال على السلطة.

لكنه بدا على نحو ما خلال الفترة الأخيرة وكأنه ربما يتمكن من تفادي ذلك المصير. فقد أشارت أحدث استطلاعات الرأي إلى ارتفاع طفيف لصالح حزب العمال قبل أسابيع من الانتخابات المتوقع إجراؤها في 6 مايو (أيار) المقبل. وتشير الكثير من التوقعات حاليا إلى أن ذلك السباق الانتخابي سيكون متقاربا، وأنه سينتهي إما بانتصار مدو لحزب العمال أو سيسفر عن «برلمان معلق»؛ أي لن يتمكن أي من الحزبين من تحقيق الأغلبية. وفي تلك الحالة، سيضطر المحافظون حتى وإذا كان لديهم عدد أكبر من مقاعد مجلس العموم، إلى أن يقبلوا، على الأرجح، تشكيل حكومة أقلية يشكلها براون وحزب العمال بالتحالف مع «الديمقراطيين الأحرار»، ثالث أكبر الأحزاب في بريطانيا والذي يميل إلى اليسار. لكن ذلك ربما يكون أقرب إلى كونه مستحيلا، أخذا في الاعتبار أنه لا يكاد يمر أسبوع خلال الأشهر الأخيرة دون أن يواجه حزب العمال أزمة جديدة. فقد كان في النهاية هو الحزب الموجود في السلطة عندما مرت بريطانيا بأسوأ ركود تعرضت له منذ «الكساد»، كما أن براون أخفق على نحو ملحوظ في تحقيق أي شيء يمكنه من رفع شعبية الحزب إلى المعدلات التي مكنته من الاستحواذ على السلطة لثلاث انتخابات متواصلة تحت قيادة توني بلير.

وتعرض حزب العمال لعاصفة جديدة خلال الأسبوع الماضي؛ حين أصدرت الحكومة الميزانية التي رأى المحللون الماليون أنها أقرب لكونها برنامجا انتخابيا من خطة عملية لمعالجة أزمة الدين العام الذي تراكم خلال حكم الحزب.

ومن بين الأرقام المتعددة، خلت الميزانية من الأرقام التي تبدو أكثر أهمية، والمتعلقة بكيفية إيجاد حزب العمال لمليارات الدولارات من تخفيض الإنفاق، والتي لها أهمية قصوى في تجنب ما وصفه الكثير من الخبراء الاقتصاديين أنه واحد من أسوأ آثار ما بعد الركود التي تعرض لها العالم الغربي فور انتهاء الانتخابات. ولم تفعل الميزانية الكثير لإنقاذ سمعة حزب العمال - وبراون، كوزير للخزانة خلال السنوات العشر التي سبقت الأزمة المالية في بريطانيا - والتي تتعلق بفشله في إدارة الأزمة التي أدت إلى زيادة الفائدة السنوية على الدين الوطني الذي يبلغ تريليوني دولار، بما يفوق أيا من ميزانيات الدولة للدفاع أو الشرطة أو النقل.

وقبل الإعلان عن الميزانية مباشرة، اضطر حزب العمال لفصل ثلاثة من كبار الوزراء السابقين في حزب العمال تحت قيادة بلير؛ بعدما قام فريق تصوير تلفزيوني بتصويرهم خلسة وهم يعرضون بيع نفوذهم السياسي مقابل 7500 دولار في اليوم؛ حيث شبه أحدهم، ستيفن بايرز، نفسه بـ«سيارة أجرة».

كما استأنفت النقابات التي كانت مؤيدة لحزب العمال سلسلة من الإضرابات ضد خطوط الطيران البريطانية، وأغلقت شبكة السكة الحديد البريطانية لمدة أربعة أيام في أعقاب عيد الفصح، وهو ما أعاد إلى الذاكرة شبح فوضى الإضرابات التي كانت تحوم حول حكومة العمال في الانتخابات التي أتت بمارغريت ثاتشر إلى السلطة عام 1979.

وفي استطلاعات الرأي الأخيرة، جاء براون (57 عاما) خلف خصمه المحافظ ديفيد كاميرون (43 عاما) عندما سئل المقترعون حول الأكثر ملاءمة لمنصب رئيس الوزراء، ومن الذي يستطيع قيادة بلاده صوب التعافي الاقتصادي. كما تشير الاستطلاعات إلى أن شعبية كاميرون تفوق براون، وهي الشعبية التي ربما تكون قد تزايدت بعدما أعلن المحافظون خلال الأسبوع الماضي أن كاميرون وزوجته، سامانثا، اللذين توفي ابنهما في السادسة من عمره إثر مضاعفات للشلل الدماغي، ينتظران مولودا آخر في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وعلى الرغم من أن براون يحظى بالاحترام نظرا لقوته في التعامل مع المحن الشخصية أو السياسية بما في ذلك فقدانه لابنته الكبرى في عام 2002، فقد تزايدت المخاوف مؤخرا في كل أنحاء البلاد بعدما انتشرت بعض التقارير نقلا عن مرؤوسيه في 10 داونينغ ستريت، وغيرهم، بشأن نوبات الغضب خلال المكالمات الهاتفية البعيدة عن الأضواء، والأسلوب السيئ الذي يعامل به كبار المسؤولين، بالإضافة إلى العلاقة السيئة التي يقول مسؤولون أميركيون إنها كانت تربطه بكبار المسؤولين في إدارة أوباما.

ولكن على أي حال، فإن الانتخابات البرلمانية لا تتعلق فقط بمرشحي منصب رئيس الوزراء؛ فقد نشرت مؤخرا أكثر مراكز استطلاع الرأي احتراما «يوغوف» استطلاعا يشير إلى ارتفاع شعبية حزب العمال بنسبة نقطتين مئويتين في مقابل المحافظين، وهي أفضل النتائج التي حظي بها حزب العمال خلال العامين الماضيين.

لكن الاستطلاعات التي ظهرت خلال الفترة الماضية كانت متقلبة للغاية، فقبل عدة أسابيع فقط أشارت الكثير من الاستطلاعات إلى تقدم المحافظين بفارق يصل إلى 12 نقطة مئوية، وهو ما يكفي لحصول الحزب على أغلبية عظمى بمجلس العموم. وتشير الاستطلاعات إلى أن حزب العمال استطاع تحقيق نتائج إيجابية من خلال اعتماده على الحجة الأساسية للحملة والمتعلقة بأن تعهد كل من كاميرون وجورج أوزبورن (38 عاما)، الذي يتوقع أن يصبح وزيرا للخزانة إذا فاز المحافظون، بخفض الإنفاق على نحو أكثر قوة مما يمكن أن يقوم به حزب العمال سيقود البلاد مرة أخرى إلى الركود. وفي رد فعل على استطلاع «يوغوف»؛ استدعى كاميرون شخصين من أكثر الشخصيات شهرة في مجال الإعلانات، موريس وتشارلز ساتشي. وكان الاثنان عملا سابقا ضمن فريق انتخابات حزب المحافظين، واستطاعت حملاتهما الانتخابية مساعدة ثاتشر على الفوز في انتخابات 1979، وعرقلة انتصار المحافظين في 1992.

ولم يكن استطلاع «يوغوف» هو الشيء الوحيد الذي هز ثقة المحافظين؛ فقد أشار استطلاع آخر نشره «إبسوس موري» إلى أن جوهر الاستراتيجية الانتخابية للمحافظين - والذي يعتمد على توجيه أموال الحملة الانتخابية إلى عشرات من المقاعد «الهامشية» التي يهيمن عليها حزب العمال والتي يعتبرها المحافظون مفتاح النصر - يتداعى.

وعلى غرار استطلاع «يوغوف»، أظهرت تلك الدراسة أيضا انخفاض شعبية المحافظين بنسبة 4% في مقابل حزب العمال. وحتى صحيفة «الديلي تليغراف»، وهي من أقوى الصحف المؤيدة للمحافظين، قالت إن ذلك الهامش الضئيل سيجعل من المستحيل أن يحصل كاميرون على الأغلبية بمجلس العموم.

* خدمة «نيويورك تايمز»