الهاشمي: «العراقية» ماضية في تشكيل الحكومة.. والحزب الحاكم يتلاعب وفقا لأهواء شخصية

نائب الرئيس العراقي لـ «الشرق الأوسط»: تدخل دول الجوار في شؤوننا ظاهرة لا تخطئها العين

نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي (رويترز)
TT

قال طارق الهاشمي، نائب الرئيس العراقي والقيادي البارز في القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، التي فازت في الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من الشهر الحالي، إن «العراقية» واجهت تحديات كبيرة كـ«الإقصاء والاجتثاث»، وكذلك «حملات التشويه والتلاعب بإرادة الناخبين»، مشيرا إلى أن كتلته منفتحة على جميع القوى السياسية للتحالف معها، غير أنه لم يشر إلى التحالف مع ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الذي رفض نتائج الانتخابات. وفازت القائمة العراقية بـ91 مقعدا بفارق مقعدين عن قائمة المالكي.

وقال الهاشمي إن تفسير المحكمة الاتحادية حول تسمية المرشح الفائز في الانتخابات أم المرشح الحاصل على أعلى المقاعد في البرلمان بعد تحالفه مع الآخرين لتشكيل الحكومة، «لا قيمة له وغير ملزم لأحد»، كما أكد أن تدخل دول الجوار في الشأن العراقي واضح، وأن الاجتماعات التي تشهدها طهران بين التيار الصدري وائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني العراقي بقيادة المجلس الأعلى الإسلامي العراقي الذي يتزعمه عمار الحكيم والتحالف الكردستاني لعقد تحالفات، كان قد وقع من قبل بـ«فرقاء سياسيين» آخرين في دولة مجاورة أخرى قبل أشهر.

وفيما يلي نص الحوار:

* ماذا بعد فوزكم في الانتخابات؟

- بدءا نهنئ الشعب العراقي كافة بمناسبة بدء التغيير الشامل، كما نعبر عن الشكر والتقدير لجميع العراقيين الذين صوتوا لـ«العراقية»، والذين صوتوا لغيرها، لأنهم أسهموا في إنجاح العملية الديمقراطية في العراق، وعبروا عن آرائهم بطريقة حضارية. ولنا وقفة عتب مع الركب المتخلف عن المسيرة الذي آمل أن يعيد النظر في موقفه ويلتحق بنا من أجل بناء وإعمار العراق.

لقد واجهت العراقية منذ تشكيلها تحديات كبيرة ابتداء من الإقصاء والاجتثاث واستبعاد رموز وطنية، مرورا بحملة التشويه والمنشورات المعادية التي تكشف عن روح الاستئثار بالسلطة، والتزوير الذي شاب الانتخابات، وليس انتهاء بمحاولة التلاعب بإرادة الناخبين، والضغط على المؤسسة القضائية لتحريف معاني النص الخاص بالكتلة الأكبر. ومنذ بدء الحملات المضادة و«العراقية» ملتزمة بالرد بالطرق القانونية والحضارية التي تتناسب ومرحلة التحول الديمقراطي، وستواصل «العراقية» هذا النهج.

أُسدل الستار على المشهد الانتخابي بفوز كتلة «العراقية» التي تتهيأ الآن للشروع في التفاوض مع مختلف القوائم الفائزة بعد أن استكملت خطتها للتفاوض وشكلت فريقها الخاص لهذا الغرض.

* إلى أي مدى ستؤثر طعون المعترضين على نتائج الانتخابات؟ وهل أعادت المفوضية النظر في الطعون التي قدمتها «العراقية»؟

- مبدئيا من حق الجميع الطعن والاعتراض على نتائج الانتخابات أو الإجراءات الخاصة بالعملية الانتخابية شرط توافر الدليل الذي يسند تلك الطعون، واستنادا إلى مصادر مقربة من المفوضية فإن الشكاوى المقدمة إلى المفوضية حتى الآن لن يكون لها تأثير ذو مغزى على النتائج، أما بالنسبة إلى الطعون التي قدمتها «العراقية» فلم تظهر نتائجها إلى الآن.

من حق القوائم أن تعترض في إطار القانون وليس من حق أحد أن يسبغ العصمة والشرعية على الطعن الذي قدمه، بل ليس من حقه أن يلزم المفوضية بالطريقة الواجب اعتمادها في التعامل مع تلك الطعون.

* نتائج الانتخابات تستدعي تحالفات لتشكيل الحكومة، ما رؤيتكم لخريطة التحالفات المقبلة؟

- النتائج التي حققتها «العراقية» والفوز الذي حظيت به يمكن أن نعتبره فوزا ذا أبعاد كثيرة، فبالإضافة إلى حصولها على أعلى الأصوات، فإنها حازت على ثقة وقبول الشارع العراقي كما هو واضح، وقادت التغيير منذ البداية حين كسرت حاجز التخندقات الطائفية.

الحوارات جارية مع مختلف الأطراف و«العراقية» منفتحة على الجميع كما أكدنا، ومستعدون إلى قبول التحالف على برنامج وطني حقيقي مؤهل لنقلة نوعية في مختلف المجالات.

الكتلة العراقية ترغب في تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية يجري اختيار أعضائها على أساس المعيار السياسي المهني وليس السياسي الطائفي... إلخ، مع الالتزام القاطع بالفصل بين السلطات واحترام صلاحية السلطة التشريعية في الرقابة على الجهاز الحكومي.

* إلى أي مدى أنتم واثقون من إمكانية التداول السلمي للسلطة؟

- أي تصريحات خارج إطار الدستور والقوانين مرفوضة ولا يعتد بها ولا نلتفت إليها، وعجلة التغيير دارت ولن يؤخرها أو يعوقها ابتزاز إعلامي يصدر من هذا الطرف أو ذاك.

* ماذا بشأن تفسير المحكمة الاتحادية الخاص بعبارة «الكتلة الأكبر» التي وردت في الدستور؟

- الرأي الذي صدر عن المحكمة الاتحادية لا قيمة قانونية له وهو بالتالي غير ملزم لأحد، لأنها ليست جهة الاختصاص ولم يخولها قانون رقم 30 لسنة 2005 الذي شكلت بموجبه النظر أو إبداء الرأي في الدستور. من جانب آخر من حق المحكمة الاتحادية العليا وفق المادة (92) من الدستور الدائم والمؤهلة وفق المادة (93) التي نصها: (المادة 93 ثانيا: تفسير نصوص الدستور)، غير موجودة حاليا، لأنها لم تشكل حتى الآن، كما أن الدستور لم يخول أي محكمة أخرى لممارسة اختصاصاتها. لذلك «رأي المحكمة» باطل ولا يعتد به، ناهيك عن أنه خالف الكثير من الاعتبارات السياسية والقانونية والأخلاقية، خصوصا حق الناخب في اختيار القائمة التي تكلف بتشكيل الحكومة. إن «رأي المحكمة» على الرغم من عدم شرعيته أجهض مبررات العملية الانتخابية وغيب إرادة الناخب من دون مبرر أو مسوغ. إن كتلة العراقية بناء على ذلك ماضية في قيادة المفاوضات المقبلة نحو تشكيل حكومة المستقبل. ولن نعير راي المحكمة ادنى اهتمام، مع تقديرنا للمحكمة، غير المختصة، التي اصدرته.

* هل واجهتم الخلاف ذاته في انتخابات الدورة الماضية 2005؟

- في عام 2005 سارعت كتلة الائتلاف العراقي الموحد بتشكيل الحكومة من دون أي اعتراض من بقية الكتل باعتبارها الفائز الأول، إذ سلمت بقية الكتل بالأمر وفسحت المجال للكتلة الأكبر، واليوم نفاجأ بعدم قبول الحزب الحاكم الذي كان بالأمس جزءا من الكتلة الفائزة بتشكيل الحكومة من قبل «العراقية»، وهو تحايل وتلاعب واضح بالنصوص بما يوافق الأهواء والمصالح الشخصية، ويشكل سابقة خطيرة في طريق الديمقراطية لا يمكن القبول بها. أذكر الأطراف التي أيدت «الرأي» الصادر وأذكرها بمراجعة تصريحات قادتها عندما كانت الأخبار المتسربة من المفوضية المستقلة للانتخابات توحي بفوز ائتلاف دولة القانون الذين كانوا يتكلمون بصوت واحد «إن ائتلاف دولة القانون فائز وأنه سيشكل الحكومة»، ما الذي غير الموقف يوم 21/3 (موعد إعلان تقدم القائمة العراقية)؟! الذي غير الموقف هي الأخبار التي بدأت تتواتر في الأيام التي سبقت إعلان النتائج حول فوز كتلة العراقية. إن هذا التقلب في الموقف طبع نهج ائتلاف دولة القانون ليس الآن بل على مدى السنوات السابقة، وأصبح ظاهرة واضحة للعيان.

* طرحتم نفسكم مرشحا لمنصب رئاسة الجمهورية، وفي المقابل يصر الأكراد على التمسك بالمنصب لصالح الرئيس العراقي جلال طالباني، هل سيؤثر هذا الخلاف على تحالف «العراقية» مع الأكراد؟

- أرجو تصحيح معلوماتكم، فإن الهاشمي لم يطرح نفسه لأي منصب محدد ولن يفعل ذلك ويترك هذا الأمر للعراقيين لاختيار المنصب الذي يخدمهم فيه أكثر.

من حق أي عراقي عربيا كان أو كرديا أو تركمانيا أو من أي قومية أخرى تتوافر فيه الشروط الدستورية، الترشيح لمنصب الرئاسة، والتنافس وارد، وأيضا المجال مفتوح للتعبير عن وجهات النظر في هذا المنصب أو ذاك، أو في هذا المرشح أو ذاك. إن «العراقية» تتمتع بعلاقات طيبة مع التحالف الكردستاني ولا توجد مشكلة أو عقبة حقيقية تحول بيننا. الخلافات في وجهات النظر واردة، ولا تؤثر على البعد الحقيقي للعلاقات.

إن اختيار الشخصية العراقية لأي منصب محدد ينبغي أن يخضع لاعتبارات ترتبط بمصلحة الوطن وليس لأي اعتبار آخر، وعلى هذا الأساس جاء تصريحي في لقائي مع قناة «الجزيرة» الذي لا يحمل أي أبعاد شخصية إطلاقا، هكذا أرى مصلحة بلدي وهي ليست بالضرورة مطابقة لوجهة نظر الآخرين.

* هل تعتقد وجود ضغوط وتدخلات إقليمية لرسم معالم الحكومة المقبلة؟ وبماذا تصف اجتماع بعض القادة العراقيين في طهران لبحث نتائج الانتخابات؟

- التدخل في الشأن الداخلي من قبل دول الجوار ظاهرة لا تخطئها عين الراصد، الذي يحدث اليوم في طهران حدث في دولة مجاورة قبل اشهر، لكن من جانب فرقاء سياسيين مختلفين . ان الملفت للنظر الصخب الاعلامي المعترض في حينه والسكوت المشوب بالرضا هذه المرة، انه موقف عجيب غريب. العراقيون قلقون جدا من اجتماعات طهران لانها تحمل في طياتها اعادة رسم الخارطة السياسية على اساس طائفي.

إن التدخل بالتأكيد مرفوض، خصوصا عندما يتجاوز المشورة وتبادل وجهات النظر ليصل إلى حد المشاركة في صنع القرار.

ظاهرة مؤسفة سوف تعمل كتلة العراقية على وضع نهاية لها من خلال ترميم وإصلاح الوضع الداخلي وإطلاق مصالحة وطنية تجمع العراقيين على المشتركات والثوابت الوطنية.

* هل لديكم حوارات مع الائتلافات الأخرى ؟

الحوارات بدأت قبل الانتخابات مع أطراف متعددة، منها الائتلاف الوطني والتيار الصدري والتحالف الكردستاني والتصريحات التي صدرت من قيادات هذه القوى تبعث على الارتياح وتنم عن إدراك ووعي بالواقع العراقي وخطورة التراجع والعودة للاصطفافات العرقية والمذهبية والتخندقات الطائفية، ونحن منفتحون على الجميع وشرطنا هو التوافق على البرنامج الوطني.

* هل الجانب الأميركي بعيد عن نتائج الانتخابات؟

- لا معلومات لدي حول الموضوع ولم أطلع على تقارير تؤكد أو تنفي التدخل ولكن أعلم أن الجانب الأميركي وفر الكثير من المتطلبات اللوجستية والأمنية لإنجاح الانتخابات، امل ان يكون الجانب الاميركي قد اكتفى بذلك.

* هناك اتهامات توجه لـ«العراقية» بأنها مفككة ومهددة بالانقسام، ما تعليقكم؟

- هذا جزء من الحرب النفسية التي استهدفت «العراقية» ورموزها منذ البداية وخاب فأل المراهنين على انقسام «العراقية»، وهذا لن يحدث إن شاء الله، وقادة «العراقية» يدركون قبل غيرهم أهمية تماسكهم وبقائهم موحدين، لأن مهمة الإصلاح والتغيير التي اجتمعوا عليها تتطلب ذلك.