سفراء إسرائيل يحذرون من هبوط شديد في مكانة الدولة العبرية في العالم

الإسرائيليون: إدارة أوباما ليست بريئة في طلبها التفاوض على كل القضايا خلال المفاوضات غير المباشرة

TT

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب النقاب عن أن السفراء الإسرائيليين في الخارج حذروا الحكومة من هبوط شديد في مكانة إسرائيل في دول العالم المختلفة، جراء الخلاف العلني مع إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وتوقعوا أن تتخذ دول الاتحاد الأوروبي من جانبها خطوات «معادية لإسرائيل»، وقالوا إنه في حالة فشل مفاوضات السلام وإعلان السلطة الوطنية عن إقامة دولة مستقلة بعد سنتين، كما يخطط الرئيس محمود عباس، سيلقى ذلك اعترافا وتأييدا من الأوروبيين بشكل شبه مؤكد.

وجاءت هذه التحذيرات خلال مؤتمر عقده المدير العام لوزارة الخارجية، يوسي جال، بالهاتف مع جميع السفراء الإسرائيليين في الخارج، الليلة قبل الماضية، بغية إطلاعهم على آخر المستجدات. وبدا خلال المشاركات أن السفراء لا يعرفون كيف يتعاطون مع التطورات الجديدة في المنطقة، ولا يحسنون تفسير الخلافات بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية، لأنهم لا يمتلكون المعلومات الضرورية.

وعبر السفراء عن غضبهم من التقرير الذي قدمه لهم السفير الإسرائيلي في واشنطن، مايكل أورن، حول زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض. فقد حاول رسم صورة وردية للعلاقات، وأخبرهم أن أوباما أفرد أربع ساعات من وقته لرئيس الحكومة الإسرائيلية، وأن البيت الأبيض حرص على توفير أفضل الأطعمة له واستقبله بحرارة. فرد أحدهم عليه بسخرية سائلا: «وهل ما نسمعه من الدبلوماسيين الغربيين ونقرأه في الصحافة الإسرائيلية والعالمية هو مجرد أوهام؟». ورد آخر مستخدما مثلا عبريا شبيها بالمثل العربي القائل: «أنت تغطي السماوات بالعموات».

وحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، فإن مصادر سياسية في إسرائيل أعربت عن قلق شديد من التغييرات في السياسة الأميركية في عهد أوباما. وقالت إن «التغيير هو أعمق وأخطر مما حسبنا حتى الآن».

وكشفت هذه المصادر أن أوباما طرح على نتنياهو، خلال لقائهما في البيت الأبيض يوم الثلاثاء الماضي، عشرة مطالب عينية كشرط لتسوية الأزمة بينهما ولاستئناف مفاوضات السلام غير المباشرة مع الفلسطينيين. مشيرة إلى أن نتنياهو صُدم من مضمون هذه الطلبات ولكنه صدم أكثر من حقيقة أن أربعة من هذه المطالب تتعلق بمدينة القدس الشرقية: إبطال مشروع بناء 1600 وحدة سكن في حي شعفاط، الذي كان قد أعلن عنه خلال زيارة نائب الرئيس جو بايدن لإسرائيل، والذي تسبب في انفجار الأزمة مع الولايات المتحدة، وإعادة فتح مكاتب الغرفة التجارية الفلسطينية في القدس الشرقية كبداية لفتح المؤسسات الفلسطينية التي أغلقتها إسرائيل في المدينة خلال اجتياحها الضفة الغربية وقطاع غزة عام 2003، والتوقف التام عن هدم بيوت فلسطينية بنيت في القدس الشرقية لأي سبب كان، وتجميد البناء الاستيطاني في جميع الأحياء في القدس الشرقية، عربية كانت أو يهودية.

وكان نتنياهو قد استصعب قبول المطالب الأخرى التي تتعلق بوقف الحصار عن قطاع غزة وضرورة الانسحاب من المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، وإطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، وطرح قضايا التسوية الدائمة مثل الحدود واللاجئين والقدس في المفاوضات غير المباشرة.

وتقول المصادر المذكورة إن الإسرائيليين يشعرون أن إدارة أوباما ليست بريئة في مطلبها التفاوض على كل القضايا خلال المفاوضات غير المباشرة، وأنها تستهدف بذلك الوصول إلى وضع تصوغ هي نفسها خطة سلام أميركية لتفرضها على الطرفين. واعتبرت الأمر خطيرا بشكل خاص، كونه تعبيرا عن تغيير جوهري في سياسة الولايات المتحدة تجاه الصراع، وتراجعا عن مواقف ومبادئ وضعتها الإدارات الأميركية السابقة، مثل خريطة الطريق ورسالة الضمانات التي أرفقها بها الرئيس جورج بوش وحتى خطة كلينتون التي عرضها في مفاوضات كامب ديفيد على ياسر عرفات وإيهود باراك سنة 2000.

من جهة ثانية، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الإدارة الأميركية تنوي تصعيد الأزمة مع إسرائيل في حالة رفضها المطالب الأميركية. وهذا التصعيد سيكون بالامتناع عن التصويت في مجلس الأمن على قرار يدين البناء الاستيطاني لليهود في القدس الشرقية، علما بأن الولايات المتحدة اعتادت استخدام حق نقض (الفيتو) على أي قرار يدين إسرائيل. ويعني الامتناع، من وجهة النظر الإسرائيلية، دفع إسرائيل إلى عزلة دولية خطيرة.

وهاجم مسؤول مقرب من نتنياهو هذه السياسة وحذر الإدارة الأميركية من أنها تؤدي إلى فقدان الثقة بالولايات المتحدة من الجمهور الإسرائيلي، وبالتالي تؤثر سلبا على تقبل الضمانات الأميركية لعملية السلام ولأمن إسرائيل وتؤذي نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.