جدل بين مستشاري البيت الأبيض حول السلطات الاستثنائية لإدارة الحرب على الإرهاب

عمليات «بريديتور» قد لا تكون قانونية

TT

بينما قال الرئيس باراك أوباما للقوات الأميركية في أفغانستان، خلال زيارته السرية إلى هناك أول من أمس، إنهم سيواصلون مطاردة الإرهابيين: «حتى تحس عائلاتنا في وطننا أنها تعيش في أمن»، زاد نقاش وسط كبار المسؤولين والمستشارين في حكومته عن جدوى الاستمرار في الهدف نفسه، الذي كان قد أعلنه الرئيس السابق بوش. أمس، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن هؤلاء المسؤولين والمستشارين «منقسمون جدا» حول الموضوع، وخاصة حول السلطات القانونية الإضافية، التي تمتع بها بوش ليدير الحرب ضد الإرهاب. وإذا كان أوباما يجب أن يحتفظ بها، أو يتخلى عنها. قال نوا فيلدمان، أستاذ قانون بجامعة هارفارد: «وراء النقاش القانوني، يوجد السؤال الأساسي: ضد مَن نحن نحارب؟» وأضاف: «يواجه الرئيس أوباما، وهو يحارب الإرهاب، مشكلتين: محاكمة الإرهابيين المعتقلين، وتوسيع الحرب إلى ما بعد أفغانستان، إلى باكستان واليمن. ويقف سؤال: مع مَن نحن نحارب؟ وراء المشكلتين» وقالت الصحيفة إن الاختلاف داخل إدارة أوباما تطور أخيرا بعد زيادة عمليات طائرات «بريديتور» (من دون طيار)، التي تضرب أهدافا في أفغانستان وباكستان. وبينما قال مستشارون إن القوات العسكرية تقدر على تحديد شخص معين كعدو، وتأمر بقتله، قال آخرون إن كلمة «عدو» يجب أن تفسر قانونيا، وإن هناك تناقضا بين قتل «عدو» في باكستان، واعتقال «عدو» في غوانتانامو، والجدل حول ضمان حقوقه القانونية. وقالت الصحيفة إن مستشاري أوباما منقسمون حول استمرار سلطاته الاستثنائية، التي ورثها من الرئيس السابق بوش، والتي تخول له إصدار أوامر باستعمال طائرات «بريديتور»، أو إلغاء هذه السلطات الاستثنائية، والعودة إلى الكونغرس لطلب تفويض جديد، لأن التفويض الأساسي كان ضد تنظيم القاعدة في أفغانستان، وليس في باكستان. وقال مراقبون في واشنطن إن الاختلاف داخل إدارة أوباما زاد منذ بدايتها في السنة الماضية، وكانت عن المعتقلين في غوانتانامو. وكان قاضي محكمة فيدرالية ينظر في استئنافات معتقلين في قاعدة غوانتانامو، طلب من إدارة أوباما أن تعلن إذا كانت ستريد استعمال السلطات القانونية الإضافية، التي أعطاها بوش لنفسه بأنه، كقائد أعلى للقوات المسلحة، يقدر على تحديد مصير المعتقلين في غوانتانامو، وحبس من يريد لأجل غير مسمى. في ذلك الوقت، قدم غريق كريغ، مستشار في إدارة كلينتون السابقة انضم إلى إدارة أوباما، تقريرا بأن يعلن أوباما أنه لا يريد السلطات الاستثنائية. وحسب رواية «نيويورك تايمز»، وافق أوباما على ذلك، لكنه لم يرد إعلانه «حتى يأتي الوقت المناسب». وفي ذلك الوقت، قدمت وزارة العدل إقرارات إلى المحكمة العليا، التي تنظر في استئنافات المعتقلين في غوانتانامو، بأن أوباما يملك سلطات استثنائية تجعله قادرا على حبس معتقل إلى ما لا نهاية، وأيضا، على تقديمه إلى محكمة مدنية. غير أن إعلان ذلك كان سبب هجوم عنيف من قادة الحزب الجمهوري على أوباما، وكان سبب اتهامه بالتساهل مع الإرهابيين. ودعا هؤلاء إلى محاكمة المعتقلين أمام محكمة عسكرية، لا مدنية. من بين هؤلاء بن قاسم بن سياح، جزائري اعتقل في البوسنة ونقل إلى غوانتانامو بتهمة ترتيب إرسال مسلمين في البوسنة إلى أفغانستان للتدريب، ثم العودة إلى البوسنة. وبينما قال مستشارون بوزارة الدفاع إن الحرب ضد الإرهاب تسمح لها باعتقال كل من يساعد ويدرب إرهابيين، قال مستشارون بوزارة الخارجية إن الجزائري اعتقل بعيدا عن أرض المعركة، وربما لا يجعله ترتيب إرسال إرهابيين إلى أفغانستان إرهابيا هو نفسه.

وقاد موقف الخارجية هارولد كو، أستاذ قانون بجامعة ييل، ومتخصص بحقوق الإنسان، قبل أن يختاره أوباما مستشارا بوزارة الخارجية. وقدم كو تقريرا إلى هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، قال فيه إن الحرب ضد الإرهاب لا تنطبق على الجزائري.

وفي الجانب الآخر، قال جيه غونسون، جنرال متقاعد ساعد أوباما خلال الحملة الانتخابية، ثم اختاره أوباما مستشارا في البنتاغون، إن الجزائري «إرهابي»، وينطبق عليه قانون الحرب ضد الإرهاب. وقال جون بيلنغر، مستشار بالبيت الأبيض خلال إدارة بوش، إن أوباما تساهل قليلا في تطبيق قانون الحرب ضد الإرهاب. لكنه أضاف: «يظل التغيير سطحيا، وتظل السياسة الأساسية كما كانت». وقال مراقبون وصحافيون في واشنطن إن الجدل القانوني لم يحسم بعد بين مستشاري وزارتي الخارجية والدفاع. وإن المحكمة الفيدرالية لم تصدر حكما نهائيا في قضية الجزائري. لهذا، يتوقع أن يحسم الخلاف لصالح المتشددين أو المعتدلين داخل إدارة أوباما قبل أن يقدم المدعي العام (في وزارة العدل) مرافعته إلى المحكمة الفيدرالية، التي لم يحدد موعدها بعد.