خبير شؤون الجماعات الإرهابية في الداخلية السعودية: 364 مليون ريال أنفقتها الوزارة في سبيل التوصل إلى أهداف استراتيجية في مكافحة الإرهاب

مكافحة الإرهاب وازدواجية المعايير الدولية تطغى على جلسات المؤتمر

TT

طغت مشكلة ازدواجية المعايير في التعامل الدولي تجاه العالم الإسلامي ومدى مشروعية الحرب التي تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها على أفغانستان على أولى جلسات اليوم الثاني من أعمال مؤتمر «الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف» الذي تنظمه الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، كما أبرز مسؤولون في وزارة الداخلية السعودية مدى حرص الوزارة على انتهاج استراتيجية فاعلة في سبيل مكافحة الإرهاب واجتثاثه، وكذلك مناقشة الفراغ الفكري ودوره في التأثير السلبي لوسائل التقنية والاتصال على أمن المجتمع الفردي.

وفي الجلسة التي ترأسها الدكتور عبد الله بن محمد المطلق، المستشار في الديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء، أوضح الدكتور علي بن فايز الجحني، عميد كلية التدريب في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، في بحثه «رؤية تصورية لإدخال مادة مكافحة الإرهاب في الجامعات العربية والإسلامية»، أهمية تدريس هذه المادة للطلاب، لقلة معرفتهم بالعلوم الشرعية عموما، وفي هذا الجانب خصوصا، وقال: «أخشى ما أخشاه أن ينجح العالم في حماية أبنائه من الإرهاب ونفشل نحن المسلمين في ذلك».

من جانبه أوضح الدكتور محمود السيد داوود، عضو هيئة التدريس في جامعة البحرين في بحثه «ازدواجية المعايير في أعمال المنظمات الدولية وأثرها في تكوين التطرف والإرهاب»، وقال إن التشكيل القائم حاليا في مجلس الأمن والتفرقة في عضويته بين العضوية الدائمة وغير الدائمة، وإن نظام التصويت على قراراته وإعطاء الأعضاء الدائمين فيه حق النقض «الفيتو» يمثل إخلالا صريحا وصارخا بمبدأ المساواة بين الدول، ويمثل ازدواجية حقيقية في التعامل بين الدول.

وفي بيانه لصور الازدواجية من خلال ضرب الأمثلة الواقعية والحية، إلى قضية التعامل مع محاكمة أرئيل شارون رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، والرئيس السوداني عمر البشير، في شأن ما هو منسوب إليهما من ارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، حيث يعتبر إفلات شارون من أي اتهامات أو محاكمات، على الرغم من جرائمه البشعة في صبرا وشاتيلا وقانا وبحر البقر وشبعا وغزة، في الوقت الذي توجه فيه الاتهامات إلى الرئيس السوداني، عمر البشير، على جرائم مشكوك في نسبتها إليه في إقليم دارفور، حيث يعتبر ذلك مثالا صارخا للازدواجية في إنشاء النصوص.

وفي البحوث النسائية جاء بحث الدكتورة رقية عواشرية، عضو هيئة التدريس في جامعة باتنة في الجزائر بعنوان «الحرب على الإرهاب بين إشكالية التكييف وازدواجية معايير التطبيق» وناقشت فيه د. رقية مدى مشروعية الحرب على الإرهاب (أفغانستان نموذجا)، وانتهت فيه بكل وضوح إلى أن الحرب التي قادتها أميركا بدعم من حلفائها على أفغانستان تمت دون إذن أو حتى موافقة من مجلس الأمن، وعليه فإن هذه الحرب غير مشروعة، مما يجعلها خارج القانون ولا تجري عليها مواد الحرب الدولية في ميثاق الأمم المتحدة. كما ناقشت أسلوب التعامل الدولي مع ظاهرة الإرهاب، وقد فرقت في ذلك بين مرحلتين، بين ما قبل وما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001 حيث خصصت مطلبا من بحثها لك مرحلة.

وانتهت في عرضها للمرحلة الأولى إلى أن مجلس الأمن قبل هذه الأحداث على الرغم من وقوع الكثير من الأعمال الإرهابية في الكثير من الدول العربية والإسلامية لم يستخدم صلاحياته في إطار مكافحة الإرهاب، وأن الدول الكبرى قد تجاهلت صيحات الدول الإسلامية، بضرورة وضع أرضية قانونية لتجريم الإرهاب وتطويق منظماته، حيث ظنت وقتئذ أنها بمنأى عن أن تطالها الأعمال الإرهابية.

وعن البعد الإنساني في مكافحة الإرهاب أكد اللواء سعيد بن عمير البيشي، خبير شؤون الجماعات الإرهابية في وزارة الداخلية في السعودية، أن الوزارة أنفقت أكثر من 364 مليون ريال للوصول إلى أهداف استراتيجية الوزارة في مكافحة الإرهاب.

وقدم اللواء البيشي دراسة حول البعد الإنساني لاستراتيجية وزارة الداخلية مدعمة بالأرقام والإحصاءات، مؤكدا أن استراتيجية وزارة الداخلية لم تتوقف عند المكافحة الأمنية بالضبط والتوقيف، بل تعدت ذلك إلى استثمار الإنسان ومراعاة كرامته وحقوقه وحاجاته في مكافحة الإرهاب، ووظفت البعد الإنساني بشكل يستحق الإشادة، مشيرا إلى أنه يتحدث من واقع أرقام وإحصاءات أثبتتها الدراسة.

وفي ثاني جلسات المؤتمر لليوم الثاني قدم العقيد الدكتور فهد بن عبد العزيز الغفيلي من الإدارة العامة للأمن الفكري في وزارة الداخلية ورقة عمل بعنوان «الفراغ الفكري ودوره في التأثير السلبي لوسائل التقنية والاتصال على أمن المجتمع الفردي»، وكشف الباحث الدكتور الغفيلي عن ما يسعى إليه بعض باعة الشوارع من خلال تغييرها علامات أقراص الألعاب الإلكترونية، التي هي مصنفة عالميا والمحظور اللعب بها إلا من قبل الأشخاص الأكبر من 18 عاما لما لها من تأثير على عقول الأطفال وتغيير فكرهم، حيث نجد نسبة الأفلام الدموية والعنيفة 80 - 85 في المائة من الأفلام، وتمنى العقيد الغفيلي خلال مداخلته أن تتبنى الجامعة الإسلامية موقعا لتصنيف هذه الألعاب وتوضيح ما يمكن استخدامه للأطفال، وما لا يمكن، حتى نحافظ على أبناء المجتمع من أخطار الإرهاب.

وقد أوضح عضو هيئة التدريس في كلية متعددة التخصصات في المغرب الدكتور عبد المجيد بوكير، خلال مداخلته بورقة البحث التي قدمها تحت عنوان «الإعلام الغربي وإلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام.. الواقع وسبل التجاوز» بأن 95 في المائة من أفلام السينما لدى الدول الغربية تشوه صورة الإسلام، موضحا بأنه لا توجد حرية إعلامية غربية في مجتمعاتهم، بل إن هناك عرقيات مدسوسة تسعى إلى تشويه الإسلام أمام حالة من حرية الإساءة لا أمام حالة من حرية التعبير. في حين تمثلت مداخلة رئيس جامعة الأزهر السابق، الدكتور أحمد عمر هاشم، بتساؤله واستغرابه عن ظهور الإرهاب في السعودية، وهي دولة مطبقة للشريعة وتسهم في تحقيق رغد العيش لمجتمعها وتعمل على توفير جميع الاحتياجات لمواطنيها، حيث أجاب هاشم عن سؤاله بالقول بأن هناك مخططا عالميا لزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد العربية والإسلامية، فيجب أن تكون هناك جبهة مقاومة للتطرف.