3 سيناريوهات للانتخابات السودانية.. والمعارضة تتجه للمقاطعة وخلافات في اللحظة الأخيرة

المهدي لـ «الشرق الأوسط»: من مصلحة حزبنا خوض الانتخابات.. وتكفينا 50% نزاهة

TT

تحبس الخرطوم أنفاسها، بانتظار ما ستسفر عنه الساعات المقبلة من حراك سياسي مكوكي ينتظم العاصمة السودانية، يحدد مصير الانتخابات السودانية، فيما تشتد مواقف القوى السياسية بين ثلاثة خيارات: إجراء الانتخابات في موعدها، المقرر في 11 أبريل (نيسان) المقبل، وهو موقف مسنود من حزب الرئيس عمر البشير، أو تأجيلها إلى نوفمبر (تشرين الثاني) أو الانسحاب منها، وهو موقف يجد المساندة داخل «تحالف أحزاب جوبا»، الذي يضم الحركة الشعبية وأحزاب المعارضة الرئيسية في البلاد.

وحسب مصادر في المعارضة فإن اتجاه مقاطعة الانتخابات موضوع على طاولة «أحزاب إعلان جوبا»، في حال عدم الاستجابة لمطالبه الخاصة بتصحيح الأخطاء في إجراءات الانتخابات، التي رفعها إلى هيئة الرئاسة السودانية. وأكدت مصادر عليمة لـ«الشرق الأوسط» أن المعارضة تتجه للمقاطعة، فيما برزت 3 سيناريوهات لتحديد موقفها من القضية، في وقت أكملت الجهات الرسمية استعداداتها الأمنية لتأمين الانتخابات في الموعد المضروب. وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي محمد عثمان الميرغني استضاف اجتماعا دعا إليه المعارضة في منزله لبحث آخر تطورات الأزمة. لتضطر معه أحزاب المعارضة إلى نقل الاجتماع لدار حزب الأمة اليوم. غير أن المصادر قالت إن الميرغني يدعم اتجاه المقاطعة في حال عدم إيفاء مفوضية الانتخابات لمطالب المعارضة. وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الميرغني فشل في الحصول على أي وعد من الرئيس البشير، بخصوص تأجيل الانتخابات، وقالت إن البشير متمسك بشدة بخيار إقامة الانتخابات في موعدها في أبريل، وذلك خلال لقاء نادر جرى بينهما ليلة أول من أمس في مقر إقامة البشير «بيت الضيافة» غير أن الميرغني قال في تصريحات صحافية عقب اللقاء إن اللقاء يأتي في إطار التشاور المستمر حول قضايا الوطن والعمل في المرحلة المقبلة بما يحقق تطلعات الشعب السوداني، وذكر أن اللقاء أكد ضرورة إيجاد حلول لتحديات البلاد وصولا إلى إجماع وطني.

ويمهل تحالف جوبا مفوضية الانتخابات حتى غد الخميس للرد على مطالبه الخاصة بإعادة النظر في جملة من إجراءات الانتخابات، من بينها التحقق من الذمة الإدارية والمالية في مفوضية الانتخابات.

وحدد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة، وهو أحد قادة تحالف جوبا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، 3 سيناريوهات للمرحلة المقبلة، يتمثل الأول في استجابة هيئة الرئاسة السودانية لمطلب التحالف المعارض (تحالف جوبا)، بتأجيل الانتخابات، لمعالجة القضايا العاجلة، ويرى المهدي أن التأجيل فيه مصلحة للسودان. والثاني يتمثل في مقاطعة الانتخابات إذا رفضت هيئة الرئاسة مطالب الأحزاب السياسية المعارضة، مشيرا إلى سيناريو ثالث قال إن أنصاره يطالبون به وهو خوض الانتخابات لتوثيق وتسجيل كل المخالفات والأساليب الفاسدة.. ومن ثم رفض نتائجها. لكنه قال: «حتى الآن ليس هناك إجماع حول ما ينبغي عمله». وأشار المهدي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن حزبه يميل إلى السيناريو الثالث بخوض الانتخابات وقال: «نحن نرى أن حزبنا الآن خاض الانتخابات.. وقطع شوطا كبيرا فيها.. يصعب معه الانسحاب منها.. وقمنا بتعبئة لا بأس بها.. لذلك فإن توجهنا أكبر نحو خوض الانتخابات.. وأنا أعتقد أن 50% نزاهة تكفينا لتحقيق نتائج باهرة.. ولكن الخوف من أن استمرار الأساليب الفاسدة سنحرم من النتائج التي نريدها».

وكرر المهدي قوله: «من مصلحة السودان تأجيل الانتخابات لمعالجة المشكلات العالقة.. حتى لا تتحول الانتخابات إلى السيناريو الكيني، وهو وارد». وأضاف: «قد تكون من مصلحة حزبنا خوض الانتخابات وسنرى كيف يمكننا أن نوفق بين مواقفنا ومواقف الآخرين.. من القوى السياسية إذا قرروا المقاطعة.. لا أستطيع أن أجزم الآن وأحدد موقفنا إذا قررت الأحزاب الأخرى المقاطعة.. ليس لدي رأي قاطع الآن.. لأن الموضوع كله الآن في حالة ميوعة». وحول توقعاته لموقف المؤتمر الوطني المنتظر قال المهدي: «المؤتمر الوطني وضع كل بيضه في سلة الانتخابات بصرف النظر عن كل المشكلات الحالية».

وتوقعت مصادر مطلعة أن تدخل مؤسسة الرئاسة وتضم الرئيس عمر البشير ونائبيه: سلفا كير ميارديت، وعلي عثمان محمد طه في سلسلة اجتماعات في الساعات المقبلة لبحث أزمة الانتخابات.

وكشفت مصادر مطلعة عن إلغاء اجتماع رئاسي كان سينظر في خطوط الأزمة بسبب إصرار حزب المؤتمر الوطني على عدم تأجيل الانتخابات، فيما قالت مصادر أخرى إن الإلغاء سببه عدم وصول سلفا كير من جوبا عاصمة الجنوب إلى الخرطوم.

وفي خطوة استبقت اجتماع الرئاسة المرتقب قطع الرئيس عمر البشير الطريق أمام أي خيار آخر غير إقامة الانتخابات في موعدها، حين قال في خطاب انتخابي في الخرطوم إنه سيرفض بشكل قاطع قيام الاستفتاء لتقرير مصير الجنوب في حال رفضت الحركة الشعبية إجراء الانتخابات في موعدها في 11 أبريل المقبل، وشدد وهو يخاطب حشدا من المعاقين: «لن نقبل بتأجيل الانتخابات ولو ليوم واحد»، وشهدت العاصمة السودانية في الـ48 ساعة الماضية سلسلة من الاجتماعات والاتصالات بين تحالف جوبا في أعلى مستوياته، عدا حزب المؤتمر الشعبي بزعامة الترابي، الذي حسم أمره بأنه سيخوض الانتخابات في موعدها، على الرغم مما يشوبها من تجاوزات، حسب المسؤولين في الحزب.

وكشفت مصادر مطلعة عن اجتماع لعدد من زعماء تحالف جوبا جرى بدار الحزب الاتحادي بزعامة الميرغني، بمشاركة الحركة الشعبية ممثلة في نائب رئيس الحركة الشعبية رياك مشار، والصادق المهدي رئيس حزب الأمة، ومبارك الفاضل رئيس حزب الأمة الإصلاح والتجديد، والمعارض فاروق أبو عيسى، بجانب مندوبين من الحزب الشيوعي. وقالت المصادر إنه تم التنويه من قبل قيادات الحركة بنتائج اجتماعها مع المؤتمر الوطني، وكشفت عن إلغاء اجتماع مؤسسة الرئاسة المزمع عقده أمس بعد أن اتضح تمسك المؤتمر الوطني بقيام الانتخابات في موعدها ورفض التأجيل من حيث المبدأ، وقالت المصادر إن الحركة دعت الأحزاب للمضي قُدما في القرار الذي ستتخذه حيال موقفها من المشاركة في الانتخابات دون انتظار اجتماع مؤسسة الرئاسة، وقالت إن الحركة أكدت أنها مع الأحزاب فيما تتخذه من قرار.

بينما قال فاروق أبو عيسى في تصريحات صحافية إن المشاورات انتقلت إلى مقر الحركة الشعبية بأركويت، حيث انعقد اجتماع لهيئة أحزاب جوبا بأكملها وبحضور رياك مشار نائب رئيس الحركة، وذكر أن الحركة أكدت أن مباحثاتها التي استمرت ليومين مع المؤتمر الوطني اصطدمت بإصرار الثاني على رفض مذكرة التأجيل باعتبارها مؤامرة من أحزاب المعارضة، وقال أبو عيسى: «المسألة انتهت» بعد أن فشلت محاولات الحركة في التقريب بين وجهات النظر.

وفي سياق الأجواء الانتخابية، أفاد شهود عيان بقيام الجيش الشعبي الجناح العسكري للحركة الشعبية لتحرير السودان باعتراض طريق جماهير مقاطعات «ميوم، فارينق ومانديد» في جنوب السودان لحضور لقاء انتخابي للرئيس البشير مرشح حزب المؤتمر الوطني بمدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة بجنوب البلاد.

أمس، أثار الخوف وسط مُواطني المدينة بإطلاق الشائعات عن وقوع أعمال عنف خلال اللقاء كما حدث مع زيارة سلفاكير للمدينة من قبل، واحتجزت السلطات وفد مقدمة عمر البشير مرشح الوطني للرئاسة أمس الأول بين بانتيو وربكونا. وقال البشير إن البلاد كانت «حالتها بطالة» قبل عهد الإنقاذ، وأضاف: لذلك قررنا تغيير الحكومة، وأكد أن البلاد إبان حكومته تغيرت، خاصة في مجالات التنمية، ووجه البشير خلال تدشين حملته الانتخابية باستاد بانتيو أمس بترفيع كلية بانتيو إلى جامعة، ووعد بإنشاء محطة للمياه، وتوصيل الشبكة إلى المدينة، وقال: لا بد من وصول المواسير لكل مواطن، وأشار إلى ترقية وتطوير وتأهيل المستشفيات والمدارس، وأكد البشير التزام حكومته بتنفيذ اتفاقية السلام الشامل، وقال إن الاتفاقية «أحسن حاجة عملناها» ولا بد من تنفيذها، وقال: «نحنا جبنا السلام وحرب تاني ما في»، ودلف البشير إلى أن رمز التنوير هو الشجرة، وقال: «عشان كدا اخترناها رمزا لخوض الانتخابات»، وأشار البشير إلى الاستفتاء العام المقبل، وقال: «لا نكذب» نحن مع الوحدة، ونعمل على ربط الطرق بجميع مدن الجنوب مع الشمال عبر طريق «بانتيو - كادوقلي - الخرطوم - بورتسودان»، وأضاف: «نتحاسب بعدين تحت ظل الشجرة».