أوباما وساركوزي يبحثان في البيت الأبيض ملفات دولية كبرى

الرئيس الأميركي يجنح إلى التهدئة مع الصين

TT

استقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس في البيت الأبيض، وبحث معه عددا من القضايا في محاولة لتعميق تعاونهما في الملفات الدولية الكبرى وطي صفحة سوء التفاهم الذي ساد علاقات البلدين. وأفيد مسبقا بأن الرئيسين يعتزمان مناقشة الملف النووي الإيراني واستئناف عملية السلام في الشرق الأوسط والمفاوضات حول المناخ والأنظمة المالية. وكان لافتا أن موضوع الدعم الفرنسي لعمليات قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، ألقى بظلاله على علاقات البلدين. ورغم أن الرئيس ساركوزي استبق زيارته إلى واشنطن بتصريح قال فيه: «سنبقى إلى جواركم في أفغانستان»، فإن طبيعة الدعم الفرنسي للجهود في أفغانستان غير واضحة مع تصاعد المعارضة الداخلية في فرنسا للعمليات في أفغانستان. وظهرت نقاط اختلاف أخرى بين البلدين كان من المفترض أن يطرقها الرئيسان في اجتماعهما عصر أمس بتوقيت واشنطن، ومنها طريقة تنظيم أسواق المال.

لكن عدا هذا، فإن هناك اتفاقا أميركيا - فرنسيا حول قضايا جوهرية مثل الحاجة لاستئناف مفاوضات السلام في الشرق الأوسط وفرض المزيد من العقوبات على إيران لحثها على التخلي عن برنامجها النووي.

وفي أول يوم من زيارته إلى الولايات المتحدة، توجه ساركوزي أول من أمس إلى نيويورك حيث ألقى خطابا في جامعة كولومبيا، وطرح هناك أفكاره حول قضايا أساسية، منها الأوضاع في أفغانستان، وقال: «سنبقى إلى جواركم في أفغانستان». وأضاف: «في وجه الإرهاب، لا يمكن أن نكون منقسمين». ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مصادر دبلوماسية قولها قبل اللقاء، إن أوباما سيطلب من ساركوزي المزيد من القوات للانضمام إلى القوات المتعددة الجنسية في أفغانستان. وبينما يواجه ساركوزي ضغوطا داخلية، فإن من الصعب عليه أن يحدد ما إذا كان سيقدم المزيد من القوات إلى أفغانستان، خاصة بعد هزيمته المحلية الانتخابية الأخيرة. وشرح ساركوزي في خطابه: «ليس من السهل الشرح للفرنسيين أن الناس يموتون في أفغانستان».

من جهة أخرى، تحدث ساركوزي من نيويورك عن أهمية الدور الأميركي في العالم، قائلا: «أنتم محببون إلى العالم، ولكن نتوقع الكثير منكم»، موضحا: «في أوروبا نحن أصدقاؤكم. في أوروبا نحبكم، لا تقلقوا من ذلك». ولكن هناك خلاف حول طريقة معالجة قضايا أساسية، منها تنظيم أسواق المال. وكانت قد ظهرت خلافات بين الولايات المتحدة وبريطانيا من جهة، وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى، حول الرؤية المتعلقة بتنظيم أسواق المال، ولم يتم التوصل إلى اتفاق مفصل حولها بعد.

وفي دليل على حسن العلاقة بين أوباما وساركوزي، أعلن البيت الأبيض أن أوباما وزوجته ميشيل يستضيفان ساركوزي وزوجته كارلا بروني في حفل عشاء خاص في البيت الأبيض. ويذكر أن أوباما نادرا ما يستضيف حفل عشاء خاصا للزوار الرسميين إلى واشنطن، فإما أن يكون لقاء عمل وإما عشاء عمل رسميا.

اختار الرئيس الأميركي باراك أوباما التهدئة مع الصين وأبدى تصميمه على تطوير «علاقة إيجابية» مع هذا البلد، فيما سارعت بكين إلى الترحيب بهذه التصريحات. وجاء هذا بعد توتر ساد العلاقات بين البلدين على مدى الأشهر الماضية.

وأدلى أوباما بتصريحاته هذه مساء أول من أمس بعد تسلمه أوراق اعتماد السفير الصيني الجديد في واشنطن تشانغ يي سوي. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس في بيان: «خلال لقائهما، أشار الرئيس إلى تصميمه على تطوير علاقة إيجابية مع الصين».

وقد شهدت العلاقات الثنائية في الأشهر الماضية توترا لا سيما بخصوص سعر صرف اليوان الصيني وبيع أسلحة أميركية إلى تايوان وحرية الإنترنت وزيارة الدالاي لاما الزعيم الروحي للتيبتيين في المنفى إلى البيت الأبيض. وأكد أوباما الضرورة التي يرتضيها بالنسبة لواشنطن وبكين «العمل معا وكذلك مع المجموعة الدولية حول مسائل دولية تثير خلافات لا سيما موضوع حظر انتشار الأسلحة ومواصلة النمو العالمي الدائم والمتوازن» كما أضاف غيبس. وأكد الرئيس الأميركي مجددا السياسة الأميركية التي تستند إلى مبدأ «الصين واحدة» الذي تعتبر الولايات المتحدة بموجبه تايوان جزءا من الصين، كما أضاف الناطق الأميركي مشيرا إلى أن أوباما يساند «الجهود التي تبذلها بكين وتايبه لخفض التوتر بينهما في مضيق تايوان».

وسارعت بكين إلى الترحيب بهذه التصريحات في بيان أصدره الناطق باسم الخارجية الصينية كين غانغ. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إن «الصين تثمن الموقف الإيجابي للرئيس الأميركي باراك أوباما والرامي إلى تطوير العلاقات الصينية - الأميركية». وأضاف البيان أن بكين «تعلق أهمية كبرى على إعادة تأكيد الولايات المتحدة على التزامها في قضيتي تايوان والتيبت». يشار إلى أن الصين تعتبر تايوان جزءا لا يتجزأ من أراضيها، وقد تحسنت العلاقات بينهما إلى حد كبير منذ وصول الرئيس ما ينغ جيو إلى السلطة في تايوان. لكن الصين انزعجت كثيرا من صفقة بيع أسلحة أميركية بقيمة 6.4 مليار دولار في يناير (كانون الثاني) الماضي إلى تايوان، ومن محادثات أجراها الدالاي لاما، الذي تتهمه بالنزعة الانفصالية، في فبراير (شباط) الماضي في البيت الأبيض. وتمارس الولايات المتحدة أيضا ضغوطا على الصين لكي تسمح برفع قيمة اليوان.

وأقر كين بالخلافات الأخيرة مؤكدا أنها «لا تصب في مصلحة البلدين»، مضيفا أن «الصين والولايات المتحدة دولتان لهما نفوذ كبير في العالم». وقال المتحدث الصيني أيضا إن «العلاقة الجيدة بين الصين والولايات المتحدة تصب في المصلحة الجوهرية للبلدين وشعبيهما وتفيد السلام والاستقرار والازدهار في آسيا والعالم».

وفي الأسبوع الماضي أشارت الصين إلى رغبتها في تعزيز الاتصالات مع واشنطن لتخفيف حدة التوتر. وشدد كين على «حوار ومشاورات تجري على قدم المساواة». ومن المقرر عقد الجولة المقبلة من المحادثات الاستراتيجية والاقتصادية على مستوى رفيع في بكين في نهاية مايو (أيار) المقبل. ويرتقب أن يمثل الجانب الأميركي وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزير الخزانة تيموثي غايتنر، فيما يترأس الوفد الصيني نائب رئيس الوزراء وانغ كيشان ومستشار الدولة داي بينغو.