الجثث تختفي من نهري دجلة والفرات.. وسدود الجيران والمبيدات تلوثهما

وكيل وزارة البيئة العراقية: انخفاض التدفق يهدد جهود إحياء الأهوار.. وإيران وتركيا لا تتجاوبان

عراقي يجذف بقاربه في نهر دجلة ببغداد (رويترز)
TT

لم تعد الجثث تطفو على سطح نهري دجلة والفرات لكن وكيل وزارة البيئة العراقية كمال حسين لطيف يقول إن ممرات العراق المائية تواجه الآن نوعا آخر من التلوث بالمبيدات الحشرية والملوحة الزائدة.

وقال لطيف وكيل الوزارة للشؤون الفنية إن السدود والري تسببا في انخفاض التدفق بشدة، بحيث قد لا يتسنى إحياء الأهوار التي يعتقد بعض الباحثين أنها موقع حدائق عدن التي وردت في التوراة من دون نظام حواجز متحركة لتحويل المياه. وأضاف في مقابلة مع وكالة «رويترز» أنه حتى مع تعافى العراق من الحرب وأعمال العنف الطائفية فإنه يواجه عواصف ترابية زادت معدلات حدوثها 20 مرة منذ السبعينات وسط جفاف مستمر وتصحر متزايد. وقال لطيف: «أدى انخفاض تدفق المياه إلى ازدياد التلوث في الأنهار»، حيث وصلت الملوحة في نهر دجلة في بغداد إلى مستويات تقترب من أربعة أمثال مستوياتها قبل أربعة عقود. وأضاف «هذا وضع سيء جدا».

لكن الجهود لمناقشة نوعية المياه وتبادل البيانات مع الدول التي يمر بها نهرا دجلة والفرات وهي إيران وتركيا وسورية لم تسفر عن أي شيء. وقال لطيف: «نحاول دائما التحدث مع تركيا وإيران وحتى الآن لم يصلنا رد. حاولنا جاهدين، وهذه قضية خطيرة جدا». وأضاف: «أعتقد أن المفتاح في يد الجيران».

وكانت بغداد قد اتهمت تركيا بخنق نهر الفرات، أطول نهر في جنوب غربي آسيا، بسدود الري والسدود الكهرمائية. وقال لطيف إن معدل التدفق في نهر دجلة يبلغ نحو 280 مترا مكعبا في الثانية ونحو 220 مترا مكعبا في الفرات بعد أن كان 500 متر مكعب في السبعينات.

ويتمتع العراق، مهد الحضارات القديمة التي قامت على السيطرة على المياه، بواحد من أوسع أنظمة الري نطاقا في العالم. وقال لطيف إن ما بين 85 و90 في المائة من مياه الأنهار تستخدم لري المحاصيل. وتعود هذه المياه إلى دجلة والفرات محملة بالمبيدات الحشرية والمعادن، ويبلغ معدل الملوحة نحو 350 جزءا في المليون في نهر دجلة عند الحدود التركية. وقال لطيف: «الآن تبلغ ألف جزء في المليون في بغداد نتيجة انخفاض معدل تدفق المياه ونظام الري السيئ». وأضاف: «في عام 1970 بلغ 280 وكانت المياه ممتازة. الآن 600 ستكون كافية لبغداد».

ويهدد انخفاض تدفق المياه أيضا أحياء الأهوار عند نقطة التقاء دجلة والفرات بجنوبي العراق وهي أكبر أراض رطبة في جنوب غربي آسيا. وقضت خطط التحويل في عهد الرئيس السابق صدام حسين تقريبا على الأهوار. وأعاد مشروع للأمم المتحدة غمر قرابة نصف الأراضي الرطبة الدائمة البالغ مساحتها تسعة آلاف كيلومتر مربع، لكن لطيف قال إن الرقم انخفض إلى 34 في المائة نتيجة الجفاف وانخفاض معدلات تدفق المياه. وقال: «بمعدلات التدفق هذه لا نستطيع استعادة الأهوار. يجب استعادة هذه الأهوار بطريقة آلية وليست طبيعية».

وذكر لطيف أنه من الممكن تركيب حاجز متحرك على نهر دجلة مماثل لذلك الموجود في مشروع لمكافحة الفيضان في البندقية بإيطاليا لتحويل المياه إلى الأهوار. ويقول إن اتفاقات التطوير النفطي التي أبرمها العراق العام الماضي تعني أيضا مزيدا من الضغط على الموارد المائية. وأضاف أن إنتاج برميل من النفط يستهلك ما يصل إلى 6.1 برميل من المياه وأن الأنهار يمكن أن تواجه تلوثا من تسرب النفط ومخلفاته. وأشار إلى أن وزارته مستعدة لوقف مشروعات نفطية إذا لم تضمن إجراءات حماية البيئة مثل معالجة المياه. وقال: «لدينا برلمان وأصبحنا الآن دولة ديمقراطية ونستطيع التركيز على قضايا كثيرة. لدينا الإعلام، والوضع لم يعد مثلما كان في عهد النظام السابق».

وانخفض أحد أشكال التلوث على الأقل مع تراجع أعمال العنف. وكان نهرا دجلة والفرات المكانين المفضلين للتخلص من الجثث خلال سنوات من الصراع الطائفي. وقال لطيف: «في ما مضى كنا نرى جثثا في المياه، لكن هذا انتهى الآن».