حراك سياسي مكثف وسط بوادر انفراج قريب بين القيادات العراقية الفائزة

طالباني يزور علاوي لـ«تنقية الأجواء».. ومصادر تتحدث إلى «الشرق الأوسط» عن «ليونة» من جانب المالكي

رئيس القائمة العراقية إياد علاوي يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس (رويترز)
TT

بدا الحراك السياسي في العراق خلال اليومين الماضيين على أشده بين القيادات والكتل السياسية الفائزة في الانتخابات التي جرت في السابع من الشهر الماضي، وسط مؤشرات إلى انفراج قريب بين القيادات الفائزة. وفي هذا الإطار، زار رئيس الجمهورية، جلال طالباني، رئيس القائمة العراقية الفائزة في الانتخابات، إياد علاوي.

ولم يكن من المفاجئ أن يزور طالباني علاوي في مكتبه، ظهر أمس. وحسب قيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتزعمه طالباني، فإن «العلاقات بين طالباني وعلاوي متينة، وتمتد إلى عقود طويلة من العمل السياسي والنضالي المشترك، كما أن علاوي كان قد زار طالباني في دوكان (السليمانية)»، مشيرا في حديثه إلى «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد أمس، إلى أن «تفاصيل دقيقة لم تكشف عما دار بين طالباني وعلاوي، إذ اجتمعا لأكثر من ساعة وحدهما، ومن غير أن يرافقهما أي من المساعدين أو السياسيين، وكل ما عرفناه أنهما بحثا طبيعة الأوضاع العراقية والتهدئة الإعلامية والعمل من أجل تشكيل حكومة يشترك فيها الجميع».

وفي المؤتمر الصحافي الذي جمع بين طالباني وعلاوي، أكد الرئيس العراقي أن «لقاءه زعيم القائمة العراقية، إياد علاوي، جاء من أجل تنقية الأجواء وتوحيد المواقف بين الكتل السياسية، تمهيدا لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة». وأشار طالباني، الذي فسرت زيارته من قبل الأوساط السياسية على أنها خطوة مهمة نحو التحالف مع القائمة العراقية، إلى أن علاقته بعلاوي «علاقة قديمة، وهم أصدقاء ومتفاهمون».

بدوره، تحدث علاوي في المؤتمر الصحافي ذاته، قائلا: «القائمة شكلت وفدا رفيع المستوى لزيارة دول الجور، ومنها إيران، من أجل التباحث وشرح موقف القائمة العراقية، لتشكيل الحكومة العراقية، مع الأخذ بنظر الاعتبار مطالبة تلك الدول بعدم التدخل في الشأن العراقي، بل أن تقوم العلاقة على مبادئ التعاون مع دول المنطقة، لأن أي مساس بسيادة العراق يعني المساس بسيادة تلك الدول». وأعرب علاوي عن أن هدفه ليس أن يكون رئيسا للوزراء ولا رئيسا للجمهورية، لأن الأصوات التي منحت له أو للقياديين الآخرين أمثال طارق الهاشمي، أو رافع العيساوي، منحت لهم من الشعب العراقي من أجل وحدة العراق، والبحث عن طريق للتغيير للحكومة التي فشلت في أن تمنح المواطن العراقي حقوقه، أو تنقذه من الطائفية أو أن تجعله في مصاف الدول الكبرى.

وعلى العموم، فإنه يمكن وصف مباحثات ولقاءات الكتل السياسية المرشحة لملء مقاعد البرلمان العراقي القادم بلعبة المتاهة، التي لن تقود حتى الآن سوى إلى «نهايات مغلقة» حسب مصدر مسؤول من داخل هذه المفاوضات، التي تشعبت خطوطها المتعرجة وتشابكت وامتدت إلى خارج حدود العراق، مستهلة بإيران التي زارها وفد عراقي رفيع المستوى الأسبوع الماضي برئاسة جلال طالباني، الرئيس العراقي، وعضوية نائبه عادل عبد المهدي، وشخصيات قيادية في أحزاب المالكي، والمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم والصدر لحضور احتفالات نوروز، لكن في كواليس هذه الاحتفالات جرت مباحثات، وصفت من قبل مصادر عدة حضرتها بأنها غير رسمية، وتناولت موضوع تشكيل الحكومة العراقية.

لكن خطوط المباحثات والمفاوضات ستمتد من قبل القائمة العراقية إلى أبعد من ذلك بكثير، وخريطتها ستشمل «دول الجوار العربي جميعها، إضافة إلى تركيا وإيران» حسب ما ذكرته لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، أمس، ميسون الدملوجي، النائبة في البرلمان السابق واللاحق، والمتحدثة باسم «العراقية»، منوهة بأن «وفدا رفيع المستوى، وبرئاسة رافع العيساوي، نائب رئيس الوزراء، والقيادي في القائمة العراقية، سيترأس الوفد الذي ينتظر دعوة من إيران».

الهاشمي أكد هذه المعلومات، خلال تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية، وقال: «نحن ننتظر دعوة من الجمهورية الإسلامية حتى يقوم الوفد بالزيارة»، منوها بأنه «كان على إيران إذا كانت لديها رغبة في مصالحة حقيقية أن تدعو الجميع، ولا تستثني أحدا، فالقائمة العراقية لم توجه إليها الدعوة».

محادثات الكتل السياسية العراقية الفائزة في الانتخابات التشريعية، وخصوصا الشيعية منها، تراوح في مكانها بغياب الاتفاق على شخصية رئيس الوزراء المقبل، وتشكيلة الحكومة. ويرى قيادي في الائتلاف الوطني العراقي أن «ما جرى من محادثات بين الائتلاف الوطني العراقي وتحالف دولة القانون، والتيار الصدري والتحالف الكردستاني لم تتمخض عن أي نتائج»، مشيرا إلى أنه «من الصعب التكهن أو حتى التفاؤل بالوصول إلى نهايات متفائلة». وقال القيادي، الذي رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، من بغداد، أمس: «إن الاختلافات تدور حول الأسماء المطروحة لرئاسة الحكومة القادمة»، منوها بأن «هناك رفضا إيرانيا لرئاسة علاوي للحكومة القادمة، مع أن هناك من يرى أن لرئيس القائمة العراقية ثقلا عربيا، وله علاقات قوية مع عدد من القادة العرب وحتى الغربيين، كما أنه رئيس القائمة الفائزة في الانتخابات»، مشيرا إلى أنه «من الصعب جدا الاتفاق بين الكتل المتحاورة حول أي اسم مطروح، والجميع متفقون على رفض تداول اسم المالكي كرئيس للحكومة مرة أخرى».

وكان العيساوي حمل، مساء أول من أمس، رسالة إلى المالكي الذي التقاه، تؤكد أن الحكومة المقبلة هي حكومة شراكة وطنية، مطالبا رئيس الوزراء بتسمية مفاوضين للعمل معهم خلال الفترة المقبلة. كما بدأ المالكي أيضا جولة لقاءات شملت زعيم تيار الإصلاح الوطني، إبراهيم الجعفري، أحد قيادات الائتلاف الوطني العراقي، للتباحث حول الشراكة في العمل السياسي المستقبلي.

وفي ساعة متأخرة من مساء أمس، أفادت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» بأن المالكي كان سيعقد اجتماعا مهما ومغلقا لأعضاء ائتلافه للتباحث في الخطوات المرتقبة، وما نتج عن الحوارات مع الائتلافات الفائزة الأخرى. وأشارت المصادر إلى أن المالكي يبدو أكثر ليونة بشأن منصب رئيس الوزراء، من دون أن يذكر أن الحكومة سيشكلها من يحصل على الغالبية السياسية، وهو ما أكد عليه قبيل الانتخابات.