حماس والجهاد: التبني المزدوج لعملية عبسان مجرد التباس

باحث: العمليات ضد الاحتلال تحظى بشعبية

TT

مثل معظم العمليات الناجحة التي نفذتها الفصائل الفلسطينية ضد أهداف إسرائيلية، سارع أكثر من فصيل إلى إعلان مسؤوليته عن عملية عبسان الأخيرة، التي أسفرت عن مقتل ضابط كبير في إحدى الوحدات المختارة، وجندي، وإصابة 3 جنود آخرين. ففي مؤتمرين صحافيين منفصلين، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مسؤوليتها عن العملية، وكذلك سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي. فأين الحقيقة؟ وما السر وراء الحرص على تبني هذه العمليات العسكرية؟

من ناحيته، نفى داود شهاب، الناطق بلسان حركة الجهاد، لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون حركته تكذّب كتائب القسام، أو أي فصيل آخر، مشيرا إلى أن ما حدث من تبن مزدوج للعملية كان نتاج التباس.

وأضاف: «جرت العادة عندما تقتحم قوة عسكرية إسرائيلية المناطق الحدودية، أن يهب المقاومون من الأذرع العسكرية كلها لفصائل المقاومة، للتصدي لقوات الاحتلال»، مشيرا إلى أن «هذا ما حدث في عملية عبسان الأخيرة، حيث إنه فور أن سمع دوي الانفجار وإطلاق النار، سارع مقاومون من الأجنحة العسكرية كلها للتصدي للقوات الإسرائيلية، وبالتالي تولد انطباع لديهم أنهم هم المسؤولون عن قتل الضابط والجندي الإسرائيليين».

لكن شهاب أكد أن قتل الجندي والضابط كان نتاج كمين مسلح نصبه عناصر سرايا القدس، والدليل على ذلك حقيقة مقتل أحد عناصر الجهاد في منطقة الاشتباك، معتبرا أن تبني أكثر من فصيل العملية وغيرها يحمل دلالة إيجابية، لأنه «يدلل على التنافس بين الفصائل الفلسطينية على العمل المقاوم».

لكن شهاب نفى بشدة أن يكون الإعلان المزدوج قد أحدث أي تداعيات سلبية على صعيد العلاقات بين حماس والجهاد، مشيرا إلى أن الحركتين تحافظان حاليا على أعلى درجات التنسيق السياسي.

ودعا شهاب إلى تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين سرايا القدس وكتائب القسام، لزيادة مستوى التنسيق العسكري، مؤكدا أن مثل هذا التنسيق يضمن نجاح عمليات المقاومة، على اعتبار أن الكثير من العمليات فشلت بسبب عدم وجود هذا التنسيق.

من ناحيته، يكاد الدكتور يحيى موسى نائب رئيس كتلة حماس البرلمانية، يقتبس الكلمات نفسها الصادرة عن شهاب في تفسيره لما حدث، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بالأساس بالتباس بسبب وجود أكثر من طرف مقاوم في المكان، حيث اعتقد كل طرف أنه المسؤول عن الإصابات التي لحقت بالجيش الإسرائيلي.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال موسى إن هذا النوع من العمليات يحظى بدعم الفلسطينيين، منوها بأن شعبية هذه العمليات ترجع بشكل أساسي إلى حقيقة أن الشعب الفلسطيني لا يزال يرزح تحت الاحتلال، وكذلك إلى حقيقة فشل مشاريع التسوية كلها في تحقيق أي إنجاز للشعب الفلسطيني. وأضاف: «الإجماع على خيار المقاومة تعاظم بعد أن تحولت العملية التفاوضية إلى عملية تخدير، وبعد أن منحت الإسرائيليين وقتا مستقطعا لمواصلة الاستيطان والتهويد».

وقال الكاتب الباحث السياسي الفلسطيني، هاني المصري، لـ«الشرق الأوسط»، إن التنافس على تبني العمليات يأتي بسبب الشعبية الهائلة التي تتمتع بها مثل هذه العمليات لدى الرأي العام الفلسطيني. وأضاف: «أن يقتل ضابط وجندي إسرائيلي في عملية عسكرية، على الرغم من موازين القوى التي تميل إلى إسرائيل بشكل جارف، أمر يحظى بتقدير كبير جدا لدى الفلسطينيين». وأشار إلى أنه حتى أولئك الذين يتحفظون على عمليات المقاومة ليس في إمكانهم انتقاد عملية مثل عملية عبسان، التي استهدفت وحدة مختارة في الجيش الإسرائيلي توغلت في عمق القطاع.

ويختلف المصري مع شهاب وموسى في التأكيد على أن إعلان أكثر من طرف المسؤولية يمس بصورة المقاومة الفلسطينية.