رغم الشكوك.. شقيق كرزاي ما زال ممسكا بزمام السلطة في قندهار

على علاقة قوية بـ«سي آي إيه».. وقادر على اجتذاب مقاتلي طالبان بعيدا عن التمرد

TT

ربما يرتبط أحمد والي كرزاي، أقوى الشخصيات في جنوب أفغانستان، بصلات مع تجار مخدرات ومتمردين، حسبما يعتقد بعض المسؤولين الأميركيين والأفغان. وأشار دبلوماسيون غربيون إلى أنه ربما اضطلع بدور محوري في الانتخابات الرئاسية التي جرت الصيف الماضي وشهدت أعمال تزوير.

المعروف أن أحمد والي كرزاي هو شقيق حميد كرزاي، الرئيس الأفغاني. وفي أعقاب جدال استمر لشهور حول مستقبل أحمد والي - ومع وجود نذر عملية عسكرية ضخمة تلوح في الأفق - قرر مسؤولون أفغان وأميركيون السماح لشقيق الرئيس بالبقاء في منصبه. على مدار الشهور الكثيرة الماضية، رفض الرئيس كرزاي طلبات متكررة من جانب كل من السفير الأميركي القائد العسكري الأميركي الأعلى في أفغانستان بنقل أحمد والي كرازي خارج قندهار، حسبما قال مسؤولون أميركيون يعملون هنا. وقال الكثير من المسؤولين الغربيين والأفغان إن شقيق الرئيس يقف عقبة في طريق بناء حكومة عادلة وفاعلة في أفغانستان، الأمر الذي يعدونه ضروريا للقضاء على طالبان وتوفير فرصة الانسحاب في نهاية الأمر أمام القوات الأميركية.

وقد عكف مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى لشهور على دراسة المزاعم القائمة ضد أحمد والي كرزاي، التي تدور حول تقديمه أموالا مقابل الحصول على خدمات من متمردين يتبعون طالبان، وتورطه في نشاطات غسل أموال، واستيلائه على أراض من دون وجه حق، وجنيه أموالا ضخمة من وراء تيسير مرور شحنات الأفيون عبر المنطقة. وخلص المسؤولون إلى أن الأدلة القائمة ضده، التي جاء بعضها قويا وبعضها الآخر ظرفيا، ليست واضحة بما يكفي لإقناع الرئيس بنقل شقيقه بعيدا عن المدينة، حسبما أشار اثنان من مسؤولي حلف «الناتو».

وقال ضابط رفيع المستوى في الحلف هذا الأسبوع، رفض الكشف عن هويته: «كانت توصياتي تدور حول التخلص منه. لكن بالنسبة للرئيس كرزاي، فإنه ينظر إلى شقيقه ومسؤول منتخب، ولم يقدم إليه أحد صورا لشقيقه وهو يحمل الهيروين على متن شاحنة».

بدلا من ذلك، أوضح مسؤولون أميركيون وأفغان عزمهم على استغلال أحمد والي كرزاي للمساعدة في إقناع مقاتلي طالبان على الاستسلام. جدير بالذكر أن أحمد والي كرزاي عاون في بعض الأحيان الحكومة الأميركية على الاتصال بمتمردي «طالبان». ومؤخرا، أخبر مسؤولون أميركيون أنه بإمكانه المساعدة في اجتذاب مقاتلي طالبان بعيدا عن حركة التمرد.

وأكد ضابط «الناتو» أنه «أعتقد بالتأكيد أنه بمقدوره مساعدتنا في جهود إعادة دمج المقاتلين في المجتمع»، في إشارة إلى برنامج تدعمه واشنطن لإقناع المقاتلين بالتخلي عن جهود التمرد.

ويعد الجدال الدائر حول شقيق الرئيس مثالا حيا على القيود التي يواجهها الرئيس أوباما في تنفيذه الحرب الجارية هنا، ففي الوقت الذي يحث مسؤولون أميركيون آخرون كرزاي، الذي يجري النظر إليه على نطاق واسع باعتباره واحدا من أكثر قادة العالم فسادا، علانية على تطهير حكومته من الفساد، فإن قدرته على تنفيذ ذلك تبدو محدودة للغاية.

ويتسم أي قرار بشأن أحمد والي كرزاي بالتعقيد لعلاقته بوكالة الاستخبارات المركزية، التي تحتفظ بوجود ضخم لها داخل قندهار. وقال مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون، رفضوا الكشف عن هوياتهم، إن الوكالة ظلت تدفع راتبا منتظما لسنوات عدة لأحمد والي كرازي لقيامه بخدمات متنوعة لحسابها. خلال مقابلات سابقة، اعترف أحمد والي كرزاي أنه ساعد في المعارك التي تشنها الحكومة الأميركية ضد التمرد. لكنه أنكر تلقيه أموالا من وكالة الاستخبارات المركزية. وقد رفض أحمد والي كرزاي عقد مقابلة معه من أجل هذا المقال. خلال مقابلات سابقة، نفى بإصرار تورطه في أي نشاطات غير قانونية.

وقد نظر البعض إلى هذه القضية باعتبارها اختبارا للإرادة الأميركية على مواجهة الرئيس كرزاي. وقال أحد الدبلوماسيين في كابل: «انظروا إلى ما يمكن للأميركيين عمله. إذا ما تركوا أحمد والي في السلطة، فإن ذلك يعني أنهم غير جادين في حديثهم بشأن الحكم».

ويأتي قرار ترك أحمد والي كرزاي من منصبه في وقت يستعد القادة العسكريون الأميركيون لشن عملية عسكرية ضخمة داخل وحول قندهار، المعقل الروحي لطالبان. ويجري النظر إلى هذه العملية باعتبارها محور ارتكاز للحملة داخل أفغانستان برمتها، التي ترمي إلى كسر قبضة طالبان عبر قلب إقليمي قندهار وهلمند.

وفي قلب قندهار، يقبع أحمد والي كرزاي، الذي كان شخصية عامة بارزة في جنوب أفغانستان منذ سقوط حكومة طالبان عام 2001. من جانبهم، أوضح بعض المسؤولين الأميركيين أن أحمد والي كرزاي قدم مساعدة كبيرة في محاربة التمرد، علاوة على مساعدته وكالة الاستخبارات المركزية في إدارة جماعة شبه عسكرية «قوة هجوم قندهار»، التي يجري استغلالها في شن غارات ضد متمردين مشتبه فيهم. كما تقاضى أحمد والي كرزاي أموالا مقابل السماح لقوات تتبع وكالة الاستخبارات المركزية وقوات العمليات الخاصة الأميركية باستئجار مجمع ضخم خارج قندهار، حسبما ذكر الكثير من المسؤولين الأميركيين.

كما يعد أحمد والي كرزاي واحدا من أكبر المقاولين في المنطقة، مع امتلاكه شركات وعقارات عبر جنوب أفغانستان. وأكد أحد مسؤولي «الناتو» البارزين أنه «من بين الأمور المؤكدة بشأنه أنه رجل أعمال ناجح. إن باستطاعته خلق فرص عمل». إلا أن مسؤولين غربيين وأفغان قالوا إن شقيق الرئيس تورط في الكثير من النشاطات التي عززت المتمردين وقوضت الدولة الأفغانية، موضحين أن الأدلة القائمة، رغم أن الجزء الأكبر منها ظرفي، توحي بقوة أنه سعى إلى إثراء نفسه من خلال مساعدة تجارة المخدرات. وقال أحد المسؤولين الغربيين إن أحمد والي كرزاي يدفع أموالا للمتمردين مقابل عدم مهاجمة ممتلكاته، وإنه عمد إلى الاستيلاء على أراض في قندهار، خصوصا تلك التي يمكن تأجيرها للقوات الأميركية الوافدة إلى المدينة.

* خدمة «نيويورك تايمز»