خطة الحكومة البريطانية لمنع التطرف تؤتي نتائج عكسية

الهلباوي لـ«الشرق الأوسط»: المتشددون مرضى يحتاجون إلى العلاج الصحيح بشرح وسطية الإسلام

TT

حذرت لجنة برلمانية بريطانية في تقرير أصدرته أمس من أن استراتيجية منع التطرف والعنف التي تبنتها الحكومة البريطانية ساهمت في تنفير المسلمين الذين تسعى للتعامل معهم.

ونسبت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إلى تقرير اللجنة البرلمانية لشؤون الجاليات والحكومة المحلية قوله إن «استراتيجية منع التطرف تهدف إلى مواجهة التهديد الإرهابي الذي يقف وراءه تنظيم القاعدة، لكننا لا نعتقد أن الوزارة المكلفة بتعزيز التماسك بين الجاليات (وزارة الجاليات) ينبغي أن تضطلع بدور قيادي في هذه المبادرة لمكافحة الإرهاب».

ودعا التقرير الحكومة البريطانية إلى «نقل معظم صلاحيات استراتيجية مكافحة التطرف المعروفة باسم (وقاية) إلى وزارة الداخلية، حيث بدأت هذه الإجراءات، حتى تكون أكثر وضوحا وينظر إليها على أنها خطة لمنع الجريمة، وجعل وزارة الجاليات تكرس نفسها للتعامل مع الأسباب الكامنة وراء كل أشكال التطرف والانقسام في المجتمع البريطاني المتعدد الأعراق».

وأبلغت رئيسة اللجنة البرلمانية لشؤون الجاليات والحكومة المحلية النائبة العمالية فيليس ستاركي «بي بي سي» أن «كثيرا من المسلمين يشتبهون في وقوعهم عرضة للتجسس عليهم من قبل مشروعات استراتيجية مكافحة التطرف، وأن الحكومة البريطانية سعت إلى هندسة إسلام معتدل من خلال تشجيع بعض الجماعات أكثر من غيرها».

وقالت النائبة ستاركي إن «إساءة استخدام مصطلحات مثل جمع معلومات استخباراتية بين شركاء استراتيجية مكافحة التطرف، أثارت الشكوك في أهداف البرنامج وغذت انعدام الثقة بينهم، وتم الخلط بين المعلومات اللازمة لإدارة هذا البرنامج وبين جمع المعلومات الاستخباراتية الذي تقوم به الشرطة لمكافحة الجريمة والمراقبة، التي تستخدمها الأجهزة الأمنية لملاحقة المشتبه بتورطهم في الإرهاب». وأضافت أن كثيرا من المسلمين ظنوا أنه يتم التجسس عليهم بمشروعات «وقاية» وأن الحكومة تهدف إلى الترويج لإسلام «معتدل» بتحفيزها لجماعات معينة على حساب أخرى. من جهته، قال الدكتور كمال الهلباوي المتحدث السابق باسم التنظيم العالمي للإخوان المسلمين في الغرب، والرئيس المؤسس للرابطة الإسلامية في بريطانيا، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، إن بريطانيا تتخبط في معالجة التطرف الإسلامي، وقال: «هناك نوع من التخبط في جمع المعلومات والتجسس على أبناء الجالية المسلمة»، وأضاف أن «مسؤولي الحكومة يتخبطون في علاج مشكلات التطرف بين أبناء الجالية المسلمة، ومن ذلك تطبيق برامج ضد حقوق الإنسان مثل عمليات التفتيش العشوائي والتجسس على الناس بغير حق والتنصت على مكالماتهم الهاتفية، واستخدام جواسيس من أبناء الجالية لكتابة تقارير مزيفة. إنهم يعتمدون على أناس غير مؤهلين لمهمة مكافحة التطرف». وأوضح الهلباوي، وهو من الشخصيات التي تتمتع بنشاط واسع على المستوى السياسي والفكري، وهو باحث متخصص في الدراسات الإسلامية والاستراتيجية، ويدير حاليا كلا من معهد الدراسات الحضارية، ووحدة بحثية لدراسة الإرهاب من وجهة النظر الإسلامية، أن «المتطرفين في بريطانيا ينقصهم الفهم الصحيح للإسلام، وهم بذلك مرضى يحتاجون إلى العلاج الصحيح، وذلك يعتمد على شرح وسطية الإسلام من قبل الذين يدركون هذا الأمر؛ من بينهم على سبيل المثال الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي منعت بريطانيا دخوله قبل أربع سنوات بسبب فتاواه عن الصراع الدائر على أرض فلسطين، وليس بسبب فتاواه عن الأمن البريطاني»، وقال: «من الكوارث أن نجد بريطانيا تربط أمنها بأمن إسرائيل». ويشكل برنامج «وقاية» جزءا مهما من استراتيجية الحكومة لمكافحة الإرهاب، وتم إنفاق الملايين على مشروعات تستهدف مواجهة تهديد «القاعدة». وقالت وزارة المجتمعات المحلية إنها مستاءة من أن التقرير لم يعترف بإصلاحات هامة جرت. وتوفر السلطات المحلية الأموال لمجموعات محلية ترى أنها الأنسب لمواجهة التطرف العنيف الذي تروج له «القاعدة». وقال النواب في تقريرهم إن برنامج «وقاية» شوه كثيرا من المشروعات المحلية التي كان يمكن أن تلعب دورا مهما في تقوية المجتمعات المحلية. ويقول النواب إن على الحكومة أن تحول القدر الأكبر من برنامج «وقاية» إلى وزارة الداخلية كما كان في السابق، حيث بدأ، وكي يبدو برنامجا لمكافحة الجريمة. في المقابل تتفرغ وزارة المجتمعات المحلية للتعامل مع الأسباب الجذرية لكل أشكال التطرف والانقسام في المجتمع البريطاني متعدد الأعراق.